الحرية للأسرى

م. يحيي الأسطل

 Ø¨Ø¹Ø« الله سبحانه وتعالى رسوله (صلى الله عليه وسلم( بالإسلام من أجل أن يحيا الإنسان حياة طيبة متوازنة في الدنيا ولكي يفوز بالجنة يوم القيامة ودعا الإسلام أتباعه بصفة خاصة والناس بصفة عامة إلى احترام إنسانية الإنسان والحفاظ على حقوقه وما يصلح أمره وشرع مجموعة من القيم التي تحقق ذلك ومن بينها الحرية.
وحرية الإنسان مصانة في نظر الإسلام ويجب تحقيقها عبر سن القوانين التي تكفل ذلك وإيقاع العقوبات على منتهكي حرية البشر، وعلى العلماء أن يوضحوا للناس أهمية حرية الإنسان في إطار تعاليم الإسلام.
والخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رسخ قاعدة ثابتة بقوله "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" في إطار قصة القبطي الذي تسابق ابنه مع ابن عمرو بن العاص حيث كان القبطي يرى من خلال معاشرته للمسلمين أن من حق ابنه وهو المواطن العادي أن يسابق ابن أمير المؤمنين ويسبقه وهو متأكد من ذلك، فلما ظلم ابن عمرو ابن العاص ابنه قرر أن يسير إلى الخليفة كي يفهم ابنه وأبناء الناس انه ليس للمسئولين أو أبنائهم أن ينتقصوا من حرية عامة الناس. إن الرسول )صلى الله عليه وسلم( والخلفاء من بعده جيشوا الجيوش التي غادرت أوطانها وترك جندها أسرهم وراءهم، واستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح، من أجل هدف واحد وهو منع الحكام المتسلطين من إجبار الناس على العقيدة وجعل حرية اختيار الناس للدين الذي يرغبون في اعتناقه أصلا، حيث كانوا لا يجبرون أحدا على الإسلام بل كانوا يتركون لهم حق الاختيار بين دينهم أو الإسلام.
كان العبيد يعيشون في الجزيرة العربية بلا حرية، ولما جاء الإسلام أصبح منهم الذي يرتقي الكعبة ومنهم الذي يقود الجيوش وفيهم كبار الصحابة، وغدت الحرية تكفيراً لمن اقترف بعض الذنوب، لأن التدرج في تحريرهم يجعلهم ينخرطون في المجتمع بسلاسة وهم أحرار.
جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال له: "يا رسول الله فعلت لأبي كذا وكذا فهل كافأته" قال: لا قال: وكيف أكافئه يا رسول الله، قال ألا أن تجده عبدا فتعتقه" هذا الحديث يوضح القيمة الحقيقية لحرية الإنسان في نظر الإسلام.
إن أسر اليهود لإخواننا جريمة في نظر الإسلام، وهو جزء من الاستعباد، وقد تم أسرهم وهم يعملون على تحرير البلاد والعباد من بني صهيون، وعلى المسلمين أن يبذلوا كل ما بوسعهم لتحريرهم بكل السبل الشرعية الممكنة، وعلى العلماء المسلمين أن يحثوا الشعوب والحكومات لكي يأخذوا دورهم في مسيرة تحرير الأسرى، وعليهم أن يكونوا في مقدمة شعوبهم في السعي لفكاك إخواننا الأسرى.
وإن حصار الشعوب لهو جزء من انتقاص الحرية، حيث يجب على كل العلماء أن يهبوا ويبذلوا جهدهم في التوضيح للناس أن حصار الشعوب غير جائز وأن الحكام الذين يسكتون عن حصار المسلمين في فلسطين هم ساكتون عن الواجب، وأن الحكام الذين يخططون مع اليهود لاستمرار الحصار إنما هم من الضالين الذين لا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة.
إن العلماء الذين لا يهتمون لفكاك الأسرى ولا يعملون من أجل ذلك ولا يعنيهم رفع الحصار عن المسلمين في فلسطين، فإن فهمهم للدين منقوص، وعليهم مراجعة إيمانهم، فكيف بهم إذا قاموا بمدح الحكام الذين يشاركون في الحصار، وبعضهم شارك في الحرب على أهل غزة, أعتقد أن من حق الأمة عليهم أن يقوموا بواجبهم في مقارعة اليهود وأعوان اليهود وأن يبرؤوا من عمل الحكام الذين تتقاطع مصالحهم مع الكيان الصهيوني، وإلا فليس لهم حق الاحترام والتوقير بل الاستماع والإتباع وإن العلماء الذين يقصرون تجاه الأمة بحثا عن رضى الحكام الذين يوالون اليهود، فإنهم إلى النفاق أقرب والله أعلم وهو الهادي إلى السبيل القويم.

 

(المصدر: صحيفة فلسطين، 3/5/2012)