الاعتمار عن الأسرى..

في شكل جديد من التضامن مع الأسرى الفلسطينيين أدى عدد من الشباب الفلسطينيين مناسك العمرة عن مجموعة من الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبدات، عادّين هذا العمل أقل ما يمكن تقديمه لمن جاد بعمره من أجل وطنه وشعبه، هذا التضامن الذي قامت به مجموعات ليس مجرد عمل وطني، فهو "عبادة" عظيمة، يتضاعف بها الأجر.

معتمرون
يقول خالد زقوت (28عامًا) أحد المعتمرين عن الأسرى: "لم يخطر ببالي هذا الأمر إلا عندما سمعت بأن عددًا من الشباب تطوع للاعتمار عن إخواننا من الأسرى الفلسطينيين، فعزمت على ذلك، وتوجهت إلى البلاد الطاهرة، واعتمرت عن نفسي ثم عن أحد الأسرى"، مبينًا أنه سيعيد الكرّة في هذا العام، ويعتمر عن أسيرٍ آخر، وإن لم يربطه به صلة قرابة أو معرفة.
وأبدى محمد راضي (25عامًا) استعداده للاعتمار عن أكثر من أسير فلسطيني، إن تيسر له الأمر هذا العام، عادًّا هذا التضامن أقل ما يمكن تقديمه للأسرى الذين جادوا بأعمارهم وزهرة شبابهم من أجل وطنهم وشعبهم.

مشروع جماعي
شبكة "مساجد" الدعوية تضامنت مع الأسرى بإطلاقها مشروع عمرة الأسرى، إذ ابتعث خمسين شابًّا من طلبة العلم الشرعي تراوح أعمارهم ما بين 20 و25 سنة إلى مكة المكرمة؛ لأداء مناسك العمرة عن مجموعة من الأسرى أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات؛ تضامنًا معهم وتقديرًا لتضحياتهم.
وعن ذلك يقول وفا عياد المشرف العام على شبكة "مساجدنا": "أعددنا قائمة بأسماء هؤلاء الأسرى بمساعدة مركز "أحرار" المختص بالأسرى، وأرسلنا هؤلاء الشباب إلى الاعتمار، وكلٌّ منهم علق اسم الأسير الذي يعتمر عنه من بداية الإحرام إلى آخر منسك من مناسك العمرة". ويبين عياد أن هذا المشروع الذي كان على نفقة أهل الخير من السعودية رمى إلى التضامن مع الأسرى، وإيصال رسالتهم من خلال العمرة؛ لترسخ في أذهان الناس، مشيرًا إلى أنه نال قبول بقية المعتمرين الذين كانوا هناك، وقدّروه، ما دعا آخرين للقيام بالخطوة نفسها، والاعتمار عن الأسرى.
د.شكري الطويل عميد كلية الدعوة الإسلامية في المنطقة الوسطى يبين أن أداء المسلم العمرة أو الحج عن غيره يعرف شرعًا بأنه مسألة النيابة في العبادات، وقد اتفق العلماء على أنه يجوز للإنسان أن يحج ويعتمر عن غيره بشرط أن يكون اعتمر عن نفسه أولًا، وأن يكون المعتمَر عنه عاجزًا بدنيًّا عن القيام بهذه السنة.
ويستدل على ذلك بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما لقيه ابن عامر، فقال له: "يا نبي الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة"، فقال نبي الله: "حج عن أبيك واعتمر"، موضحًا أن شرط العجز ينطبق على الأسرى والمعتقلين الذين يغلب على ظننا أنهم من أصحاب المؤبدات، وقد يقضون سنين عمرهم داخل السجن.

حق لهم
ويعد د.الطويل الاعتمار عن الأسرى شكلًا محببًا من أشكال التضامن معهم؛ لأن الأسرى لهم حقوق على الأحرار الذين يعيشون خارج السجون، ومن حقوقهم أن نحج ونعتمر عنهم.
وعن أجر هذا العمل، يؤكد أن الأجر يصل للأسير كاملًا، مع ثبوت الأجر للمعتمر نفسه، موضحًا أنها تدل على شعور المعتمر بأخيه المسلم، وحرصه على إرضائه ربه، لقوله (عز وجل): "إنما المؤمنون إخوة.."؛ لأن من مقتضيات الأخوة أن يشعر الحر بشعور الأسير.
ويلفت إلى ميزة أخرى يتضمنها هذا العمل، وهي إدخال السرور على نفس المسلم، وهو أحب الأعمال إلى الله، وجعله يشعر بأن إخوانه يحملون همه، مضيفًا: "ويأتي أيضًا لمصلحة الأسرى؛ لأنه في موسم الحج والعمرة يجتمع المسلمون من أقطار الدنيا كافة؛ فتصبح قضية الأسرى حاضرة لديهم".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 10/9/2013)