خلفية عن زيارة العائلات الفلسطينية للأسرى في السجون الصهيونية

تمارس سلطات الاحتلال الصهيونية سياسة العقاب الجماعي بحق الأهالي والمعتقلين، من خلال العقبات التي تضعها أمامهم باشتراط حصولهم على تصاريح خاصة للتمكن من زيارة أبنائهم وأقربائهم المعتقلين في السجون الصهيونية، الذين تم نقلهم إلى سجون في داخل "فلسطين المحتلة" عقب إعادة الانتشار لقوات الاحتلال الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة. بالرغم من أن اتفاقية جنيف بشان حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب التي تحظر النقل الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أيا كانت دواعي هذا النقل مادة (49) القسم الثالث المتعلق بالأراضي المحتلة.
حيث يتوجب على الأهالي الفلسطينيين الراغبين بزيارة أبنائهم المعتقلين في السجون الصهيونية تقديم طلب للحصول على تصريح من الأجهزة الأمنية الصهيونية، وهو فعليا "تصريح دخول للكيان" حيث يمنع مواطنو الضفة الغربية وقطاع غزة التواجد داخل الكيان الصهيوني دون الحصول على تصريح خاص نظرا للإغلاق الدائم المفروض على المناطق الفلسطينية. ويذكر أن هذه التصاريح تلغى خلال فترات التوتر السياسي المتصاعد.
وان كانت سلطات الاحتلال الصهيونية لم تمنع زيارات الأهالي لأبنائهم في السجون بشكل مباشر، لكنها بنقل جميع السجون والأسرى داخل "فلسطين المحتلة" أعطت لنفسها صلاحية تحديد من يحصل على تصريح دخول للكيان الصهيوني وحرمت آلاف العائلات الفلسطينية من التواصل مع أبنائها في السجون الصهيونية.
فقد أصدرت السلطات الصهيونية عام 1996 تعليمات خاصة متعلقة بزيارة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية. والقاضية بالسماح فقط لبعض فئات أقارب الدرجة الأولى بزيارة المعتقلين، وتلك الفئات هي: الأب، والأم، الزوج، الزوجة، الجد، الجدة، أما البنات والشقيقات، والأبناء، والأشقاء فيقتصر السماح بالزيارة على من هم دون 16وفوق السادسة والأربعين منهم.
إن موافاة العائلات لشروط الزيارة كونهم من أقارب الدرجة الأولى وبالفئة العمرية المسموح بها، لا يشكل آخر عقباتهم حيث تعطي الأجهزة الأمنية الصهيونية نفسها صلاحية تحديد من تلك الفئة سيحصل على تصريح لدخول الكيان، وبالتالي زيارة أقربائهم. فقد يحرم أي من أولئك من الحصول على تصريح لأسباب "أمنية" تبقى غير واضحة بالنسبة لأهالي الأسرى الفلسطينيين.
وقد أوقفت زيارات الأهالي من بداية انتفاضة الأقصى 9/2000 حيث ألغت السلطات الصهيونية تصاريح الزيارة التي كانت قد أصدرتها في وقت سابق. واحتج الأسرى والأسيرات في السجون الصهيونية على توقف هذه الزيارات خلال عام 2001، بسبب إلغاء التصاريح وتعليق استصدارها، وظروف الحصار والطوق الأمني المفروض على الأراضي الفلسطينية.
ويذكر انه لا يسمح للأهالي بالزيارة إلا إذا كانت تلك الزيارات منظمة من قبل الصليب الأحمر الدولي الذي تمكن من تنظيم بعض الزيارات للسجون وذلك للأهالي في قطاع غزة، خلال عام 2001. ويحرم الأسرى الفلسطينيون وذويهم، من الزيارة دون شبك عازل، أو زجاج فاصل، كما يحرمون من الزيارة الخاصة للبيت في الظروف الاستثنائية مثل وفاة أحد الوالدين أو مرضهم وذلك بتمييز صارخ بينهم وبين ذوي المعتقلين الصهاينة الذين يسمح لهم بالزيارة من دون شبك عازل.
لازالت إدارات السجون الصهيونية ترفض طلب المعتقلين السياسيين باستخدام الهاتف بذريعة "الأمن" بالرغم من الوعود الكثيرة التي قطعتها مديرية السجون بدراسة الطلب. ويعتبر مطلب الاتصال الهاتفي واحدا من أهم مطالب الأسرى الفلسطينيين خاصة في ظروف منع الأهالي من الزيارة ولأشهر طويلة، أو في حالة فقدان أحد الأقارب من الدرجة الأولى (الأب، الأم، الأخوة والأخوات أو الزوجة والأبناء).
وبالرغم من استئناف الزيارات في عدد من المدن الفلسطينية في عام 2004 بعد حوالي تسعة أشهر من تعليقها من قبل المعتقلين اثر قيام إدارة السجون الصهيونية تغيير شبك غرفة الزيارة الذي يفصل الأسير عن زواره، واستبداله بحاجز زجاجي حد من التواصل الإنساني مع العائلات في منتصف عام 2003، حيث لا يستطيع الأسرى أن يسمعوا أو يروا أهاليهم بشكل واضح إن إضافة الحاجز الزجاجي قلَّص قائمة الحاجيات والمستلزمات المسموح إدخالها للأسير عبر الأهل في الزيارة. وقد طال هذا التقليص الملابس والمواد الغذائية تحديدا مثل الزيت والزعتر والكتب.
يوجد حاليا أكثر من خمسة آلاف معتقلا تغيرت حياتهم وحياة عائلاتهم وأحبتهم منذ لحظة اعتقالهم، علما أن لدى بعض العائلات أكثر من فرد معتقل في الوقت نفسه، إن التواصل الإنساني الذي يعتبر حقا مشروعا لا يحتاج إلى اتفاقيات دولية لتحميه بل هو حاجة إنسانية أساسية، إن القيود التي تفرضها السلطات الصهيونية على الأهالي الراغبين بالزيارة تعني انك إذا كنت أسيرا أو أسيرة محكوما لسنوات طويلة أو مدى الحياة ولديك ابن أو ابنة، شقيق أو شقيقة ما بين عمر 16 و45، لن يتمكن ابنك، ابنتك، شقيقك، أو شقيقتك من زيارتك طالما هم ضمن الفئة العمرية الممنوعة من الزيارة. إن هذا تغيبا قسريا كاملا لوالد أو والدة في مرحلة عمرية يكون الأطفال فيها في أمس الحاجة للتوجيه والرعاية.
إن غرفة الزيارة عادة ما تكون مزدحمة جدا، ويشكو الأهالي نهاية الوقت المخصص للزيارة قبل أن يتمكنوا من الحديث مع أبنائهم، فلا تسنح للأسرى والأسيرات فرصة الحديث أقاربهم في أي من الأمور الشخصية، والتواصل كعائلة، والحديث عن تفاصيل الحياة اليومية المهمة التي تشعر الأسير أو الأسيرة والعائلة بالحد الأدنى من التواصل الإنساني. من المهم جدا للأسرى الآباء والأمهات التعرف والاطمئنان عن أطفالهم وسير حياتهم اليومية، ونموهم، وتطور شخصيتهم، من المهم أن يعرف أبناء الأسرى وخاصة الأطفال منهم كيف يمضي والدهم نهاره في السجن، من المهم جدا أن يتمكن الوالد الوالدة الأسير من طمأنة أطفاله وتأكيد على حبه لهم كل حسب احتياجيه النفسية الخاصة تبعا للمرحلة العمرية والتي لا يمكن التغاضي عن وجود الوالد أو الوالدة فيها.
إن ما يضاعف معاناة الأهل هو عدم وجود هواتف في مرافق السجون ولطالما كان وجود هواتف من احد المطالب الأكثر إلحاحا للمعتقلين الفلسطينيين حيث وعدت إدارة السجن بتركيب هواتف عمومية العديد من المرات، ولكنها للان لم تف بهذا الوعد.
تحرم السلطات الصهيونية الآلاف من أفراد عائلات الأسرى يوميا من حقوقهم في التواصل الإنساني، إن من حق الأسير الفلسطيني احتضان ابنه الرضيع، من حقه أن يلمسه وأن يشمه، من المهم أن يشعر الطفل بوجود والده أو يسمع صوته ويعتاد على رائحته، إن الفاصل بين الأهل والأسيرات في غرفة الزيارة وقيود الزيارة وغرفة الزيارة المزدحمة لا تعتبر العقبة الوحيدة أمام العائلات الراغبة بزيارة أبنائها، فأمامهم الحواجز العسكرية، وإمكانية إلغاء الزيارة في أية لحظة، بالإضافة إلى غياب المرافق المناسبة في السجون من حيث المراحيض أو أماكن الانتظار، التعرض للإهانة والشتم والتفتيش المذل، وإلغاء تصاريح الزيارة التي يحملونها في أي لحظة لا سيما في حالات التوتر السياسي في المناطق.

 

(المصدر: أصدقاء الإنسان الدولية)