ملاحظات على الصفقة

 

لا دور لـ"الصليب الأحمر" في صفقة "النسبة والتناسب" الصهيونية - Ø§Ù„حمساوية، وهي عادة وسيط تبادل الأسرى في الحروب النظامية بخاصة بين الدول. بطبيعة الحال لا شكر لدورها المفقود في "خطاب الانتصار" الذي ألقاه من دمشق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وإذن؟ هذه "صفقة سياسية  ساهمت في إتمامها خمس دول استحقت ثناء السيد خالد مشعل، بينما خص رئيس الوزراء الصهيوني مصر بالشكر، متجاهلاً قطر وسورية وتركيا.. وأسبابه مفهومة.
سنجد البعد السياسي سافراً في لقاء غير مباشر تم في القاهرة بين قائد كتائب القسام أحمد الجعبري، والمبعوث الصهيوني الخاص بالصفقة ديفيد فيدان، علماً أن البعد السياسي موجود في كل صفقة أسرى فلسطينية -صهيونية، أو بشكل خاص في صفقتين سابقتين بين حزب الله والكيان الصهيوني.. لكن بلا أي دور للصليب الأحمر، وأيضاً بلا مفاوضات مباشرة بين الحزب والكيان الصهيوني.
الكيان الصهيوني راضي بشروط الصفقة، Ùˆ"حماس" أكثر رضا منه.. وسر رضا الكيان الصهيوني هو توصية رئيس "الشاباك - Ø´ÙŠÙ† بيت" يوران كوهن، وفحواها: إما الآن أو أبداً، فلن تتكرر البادرة الأريحية الحمساوية، عندما ظهر الجندي جلعاد شاليت ممسكاً بعدد جريدة "فلسطين".. عدا أن النسبة والتناسب في الصفقة يحققان طلب الكيان الصهيوني المزمن بإبعاد بعض المحررين إما إلى غزة وإما إلى.. المنفى )تركيا مثلاً).
مشعل راضٍ، من جانبه، بالنسبة والتناسب بين المحررين من ذوي المؤبدات والأحكام العالية، وأيضاً بشمول الصفقة أسرى فلسطينيي الداخل، وفصائل فلسطينية أخرى.
وإذن؟ الصفقة أرست "تقليداً" ربما كان معمولاً به ومبرراً عندما كانت المنظمة في المنفى، أي الإبعاد والنفي، وتكرس بعد تشكيل السلطة على أرضها بصفقة "مبعدي كنيسة المهد" الذين توزعوا في أقطار العالم.. ولم يعودوا للديار وذويهم بعد عشر سنوات من نفيهم.
وإذن؟ لا مفاجأة في شروط الصفقة، ولا في النسبة والتناسب.. لكن "المفاجأة" هي في التوقيت السياسي.
وإذن؟ لماذا تعترض" حماس"، مبدئياً، على مفاوضات سياسية مباشرة بين السلطة وبين الكيان الصهيوني، وتعترض فنياً على خطاب عباس في الجمعية العامة لأنه لم يكن منسقاً معها؟
رئيس السلطة، وكما كان متوقعاً رحب بالصفقة، كما ورحب رئيس دائرة المفاوضات صائب عريقات، لأن كل أسير محرر فلسطيني هو إنجاز إنساني لذويه المباشرين ولشعبه.
المحررون الذين سيعودون لذويهم سيكونون أحراراً في غزة، لكن المحررين الذين سيعودون لذويهم في الضفة سيكونون خاضعين لشروط اعتقال جديد.. إذا عادوا للنشاط الأمني، وربما السياسي!.
بصفقة الاتفاق ستكون حركة حماس طرفاً فلسطينياً معترفاً به، واقعياً من الصهيوني التي ستغدو طرفاً معترفاً به واقعياً من "حماس" طالما تمت الصفقة أو كللت بتفاوض أمني غير مباشر عالي المستوى بين الجانبين.
في المقابل سيوجه نتنياهو رسالة مباشرة سياسية أوغير مباشرة إلى السلطة الفلسطينية فحواها أن "المفاوضات المباشرة" هي السبيل حتى مع كثرة الوسطاء الدوليين، وأيضاً رسالة داخلية صهيونية مباشرة جداً بأنه "رجل القرار" بعد انتقادات حادة لتردده السياسي مع الفلسطينيين، لكنه خلال أسبوع مرّر على حكومته قبول "تقرير رايختنبرغ" للإصلاح المالي - الاقتصادي، ومن ثم سيمرر الصفقة مع "حماس" التي عزّ على أسلافه تمريرها أو قبولها.
مؤقتاً سترتفع شعبية "حماس" بعد الصفقة، كما ارتفعت شعبية السلطة ورئيسها بعد خطبة الأمم المتحدة، لكن في حين يقول عباس" حماس جزء من الشعب" فإن هذه تطعن في شرعية رئيس السلطة وفي خطواته السياسية.
توصلت حماس والكيان الصهيوني إلى صفقة نسبة وتناسب، فهل نأمل أن تتوصل السلطة وحماس إلى صفقة وحدة وطنية هي شرط من شروط الدولة.. أم أن لا سبيل إلى ذلك،لا بالانتخاب ولا بالحوار.. وبالطبع ليس بالقوة.

(المصدر: جريدة الأيام الفلسطينية، 13/10/2011)