الأسير محمد الطوس «الشهيد الحي» منذ 27 عاماً في سجون الاحتلال

سلطت وزارة الأسرى في تقرير أصدرته، الضوء على الأسير محمد أحمد عبد الحميد الطوس (57 عاما)، سكان قرية الجبعة بالخليل، المعتقل منذ تاريخ 6/10/1985، والمحكوم بالسجن مدى الحياة.
وقالت: «Ù„قد أطلق عليه الأسرى الفلسطينيون الشهيد الحيّ، حيث ترتقي حكايته إلى الأسطورة عندما خرج من تلك المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال عام 1985 حيا بعد أن اعتقدت حكومة العدو أنها قضت على كافة مجموعته الفدائية التي نصبت لها كمينا عسكريا محكما في منطقة جبل الخليل.
أسطورة الطوس البطولية لم يصدقها أحد حتى فرقة الموت التي صبت كل رصاصها وقنابلها على السيارة التي كان يستقلها مع أفراد مجموعته والذين جميعهم سقطوا شهداء، وهم، محمد حسن سعيد، ومحمود عدوان، ومحمود النجار وعلي خلايلة.
وكانت مذبحة بدم بارد لمجموعة فدائية طوردت سنوات طويلة، وكبدت الاحتلال خسائر كبيرة، لم ينج منها سوى محمد الطوس (أبو شادي)، الذي قيدوه مصابا وجريحا، ينزف الدماء من كل أنحاء جسمه، نزيفا على نزيف، وانهالوا عليه ضربا موحشا، فهم لا يريدونه حيا بل قتيلا مثل كافة زملائه وكان هذا هو هدفهم وقرارهم.
الأخبار التي شاعت وهزت المنطقة في تلك الفترة انتشرت بسرعة بأن مجموعة جبل الخليل قد استشهدت، وتلقت زوجته أم شادي وابنه الطفل شادي الخبر بصدمة وذهول، وبدءوا يطالبون كافة الجهات الدولية والإنسانية لأجل استلام جثمان الطوس، ومعرفة مصيره ومصير أبناء مجموعته.
حكومة العدو وجهازها الأمني افتخروا بهذا الإنجاز الكبير، وخرجت وسائل الإعلام الصهيونية بالأنباء عن القضاء على أخطر مجموعة فدائية في منطقة جبل الخليل، كانت تعمل بأوامر و تعليمات من الشهيد خليل الوزير أبو جهاد، ولم يدرك العالم أن حكومة العدو تتستر على جريمة وعملية إعدام بدم بارد بحق مناضلين قامت بتصفيتهم بطريقة بشعة وخارج نطاق القضاء.
تعرض الأسير الجريح محمد الطوس إلى عملية تحقيق قاسية استمرت أكثر من ثلاثة شهور، ومورس بحقه كل أساليب التعذيب، حيث استغل المحققون وضعه الصحي وجسمه المصاب وصدمته النفسية باستشهاد زملائه للضغط عليه لأجل انتزاع اعترافات منه بعد أن فشلوا في انتزاع روحه من جسده.
حكمت عليه المحكمة العسكرية الصهيونية بالسجن مدى الحياة بعد أن رفض الوقوف أمام هيئة المحكمة، واعتبر هذه المحكمة غير قانونية ولا تستحق أن يقف المناضل أمام قضاتها الذين هم قضاة بلباس جلادين، فكان حكما رادعا بديلا عن الموت، وتم نسف منزله ومنزل شقيقه وتدميرهما كجزء من الحكم وعملية الانتقام.
أم شادي وبمساعدة المؤسسات المجتمعية والقوى الوطنية استطاعت أن تتحدى المحتلين وتبني المنزل على أنقاض الدمار، ليسارع جيش الاحتلال لإعادة هدمه مرة أخرى، كأنه لا يريد أن يصدق أن لأبي شادي أثرا، ولا يريد أن يصدق أن هذا الرجل ما زال ينتظر العودة إلى البيت والعائلة.
مرت سبعة وعشرون عاما على الشهيد الحيّ، تنقل في كافة السجون، وخاض كافة معارك الجوع والمواجهات في سبيل الحقوق الإنسانية للأسرى وكرامتهم، فهو يعتبر نفسه مشروع حرية، وأن لا مساومة على الحرية إلا بالحرية، فجسده المطرز بالرصاص ومشاهد العذاب ورحلة الموت التي مر بها جسدت فيه أسطورة الأسير الذي يصارع الظلام بنور عينيه وبما فيه من قوة العزيمة والأمل.
التحدي للموت والسجن ما زال يتحرك في قلب أم شادي وابنها ØŒ وقد توقعت أن تشمله صفقة التبادل الأخيرة ليعود إلى منزله الذي أصرت أن تبنيه رغم كل بطش المحتلين، وليعود زوجها حتى يضع إكليلا من الورد على قبور زملائه الشهداء ويتنفس عميقا وطويلا من هواء قريته الجميلة التي تنتظره على أحر من الجمر، ينتظره ابنه شادي الذي كبر وتخرج من الجامعة وحفظ درس الحياة».

(المصدر: صحيفة الحياة الجديدة، 27/01/2012)