الأسرى يقاومون ظلام السجون بالشهادات العلمية وحفظ القرآن وتعلم اللغات

تمكن نحو 100 أسير فلسطيني من انتزاع شهادات جامعية أثناء اعتقالهم بالسجون الصهيونية، بينما يلتحق مئات آخرون بالجامعات لتحصيل مستويات علمية، في تخصصات محدودة، ومستويات متعددة، ملتحقين بالجامعتين العبرية والأمريكية المفتوحتين.
لكن الأسرى يواجهون تنغيصا مستمرا لمسيرتهم التعليمية، بمنع إدخال الكتب اللازمة لهم، وتأخير عملية تسجيلهم، بل تجبرهم على الدراسة في تخصصات محددة، وتحرم بعضهم الانتساب للجامعة عند أبسط الأسباب. والتحق الأسرى مؤخرا، بجامعة الأمة للتعليم المفتوح والكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في قطاع غزة، بجهود خاصة، بعيدا عن علم إدارات السجون، مستغلين الكفاءات الأكاديمية الأسيرة.

نجاحات وعقبات
ومن بين النجاحات التي أظهرت قدرة الأسرى على تحدي السجان الصهيوني، حصول الأسرى على درجات متميزة في العلوم المختلفة، في إشارة إلى أن السجن لا يزيدهم إلا إصرارًا على إكمال مسيرتهم التعليمية والتنموية للنهوض بمجتمعهم داخل الأسر. ويقول الأسير المحرر عماد أبو عواد من رام الله بعد قضائه (9 أعوام) في السجن: "أنهيت دراسة البكالوريوس في الجامعة العبرية خلال ثلاثة أعوام ونصف، وأنهيت الماجستير في العلوم السياسية خلال سنة ونصف، وأتممت حفظ كتاب الله وحصلت على السند قبل الإفراج عني بيومين.
أما المحرر مجدي عمرو من دورا، الذي قضى (7 أعوام)، يقول: "تخرجت من الجامعة العبرية بشهادة بكالوريوس في العلوم السياسية بعد أربعة أعوام من الجهاد العلمي، بالإضافة لقراءة مئات الكتب وتعلم اللغتين العبرية والانجليزية، لأثبت للاحتلال الصهيوني أن عملية طمس الأسرى الفلسطينيين مستحيلة".
ونجح الأسرى في رفض تحكم وتجبر مصلحة السجون بمستقبلهم العلمي، فاستطاعت الحركة الأسيرة إدخال بعض الجامعات الفلسطينية إلى السجون والانتظام فيها، بعد جهود حثيثة أجراها قادة الحركة الأسيرة.
ونقلت أم معاذ عن زوجها الأسير جهاد عمرو: "لقد نجحت الحركة الأسيرة بتنظيم الانتساب لجامعة الأمة وكلية العلوم التطبيقية في غزة، والإشراف على عملية التدريس باستغلال الكفاءات الأكاديمية داخل السجون، ونقل العلامات إلى دوائر التسجيل المختصة، دون التنسيق مع إدارة السجن".
وتضيف أن زوجها المحكوم بالسجن (16 عاماً) تخرج بشهادة دبلوم في الخدمة الاجتماعية برفقة ما يزيد عن (20) أسيرا، موزعين على المعتقلات الصهيونية، ضمن الدفعة الأولى من الخريجين في تخصصي الخدمة الاجتماعية والتربية الإسلامية. التوجيهي ممنوع من جانبه، يقول الباحث بشؤون الأسرى منقذ أبو عطوان: "إن سلطات الاحتلال منعت الأسرى من تقديم امتحان الثانوية العامة، للحيلولة دون التحاقهم بالجامعات داخل أسرهم، بعد فرض ما يسمى "بقانون شاليط" عقب أسر الجندي "جلعاد شاليط"، الذي فرضت بموجبه عدة عقوبات على الأسرى، كان من بينها حرمانهم من التعليم".
وأوضح أن الأسرى يعانون معيقات عدة أمام استكمال تعليمهم الجامعي، أبرزها تأخير تسجيلهم بالجامعة العبرية، وعدم استكمال المعاملات والأوراق المطلوبة، وممارسة سياسة المماطلة في التعليم للاستمرار في عملية تجهيل الأسرى. ويوضح أبو عطوان أن (400) أسير يتابعون الآن دراساتهم الجامعية بالجامعة العبرية المفتوحة أو الجامعة الأمريكية المفتوحة، بينما تم قبول ) 40 ( أسيرًا في برامج الدراسات العليا، وتخرج قرابة (100) أسير من برامج التعليم العالي والدراسات العليا، بينما حصل (3) أسرى على درجة الدكتوراه.
ويقول "الأسرى استطاعوا تحويل السجن من محنة وقسوة إلى منارة علم، ليس بمنة الصهاينة؛ بل بتضحياتهم وإضراباتهم القاسية، التي خاضوها للحصول على القلم والورقة وبعض الكتب الثقافية، في حين يسعي الاحتلال دوما لتجهيلهم وهدم إنسانيتهم وذاتهم الوطنية".

تكاليف التعليم
من جانبها، تشير مصادر الأسرى في سجون الاحتلال إلى أن القسط الفصلي الواحد بالجامعة العبرية يصل نحو (2500 شيقل)ØŒ مشكّلة مصدر إرهاق لميزانيات ذويهم، في وقت تبنّت وزارة شؤون الأسرى والمحررين تسديد وصول الدفع، بعد أن يدفعها الأهالي. ويوضح وكيل وزارة الأسرى زياد أبو عين أن الوزارة دأبت على دفع  الأقساط الجامعية للأسرى بعد تحويل وصل الدفع للوزارة، لتشجيعهم لإكمال دراستهم الجامعية واستغلال وجودهم داخل السجن. وينقل سعي وزارة الأسرى للسماح لهم بالانتساب لجامعة القدس المفتوحة الفلسطينية، بينما تجري اتصالات لاستغلال الأكاديميين بالمعتقلات للإشراف على الانتساب والعملية الأكاديمية.

 (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 9/1/2012)