الأسير عبد الحق لم يشفع له جوعه وروح ابنته الشهيدة

عندما لاحت بوادر المصالحة الفلسطينية وتحركت نحو اتجاه الوحدة الوطنية وفق اتفاق الدوحة الذي وقع بين الرئيس أبو مازن وخالد مشعل وبرعاية قطرية، واتسع التفاؤل الفلسطيني لأنها صفحة الانقسام الأسود، وإعادة اللحمة الوطنية بين غزة والضفة على أسس دستورية وقانونية بادر عشرة أسرى إلى إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام دعما للوحدة الوطنية وكوسيلة ضغط على كافة الأطراف من اجل الإسراع في تحقيق هذه الوحدة وترميم الجروح المؤلمة التي تركها الانقسام على المشروع الوطني الفلسطيني، وقد رفع الأسرى المضربون شعار فلسطين للجميع.
قاد هذه الخطوة السياسية وبشعور من المسؤولية الوطنية العالية الأسير الفلسطيني عبد العظيم عبد الحق 48 عاما سكان قرية قصرا جنوب شرقي نابلس المحكوم بالسجن 33 عاما.
ولقيت خطوة الأسير عبد العظيم وزملائه كل تثمين وتقدير من الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية والمؤسسات الوطنية كونها دلت على تعطش الأسرى للوحدة الوطنية ودعمهم للمصالحة وتحملهم مسؤولية الوقوف إلى جانب وحدة الوطن ورص الصفوف في مواجهة تحديات الاحتلال.
الأسير عبد العظيم توقع أن يلتحق معه في هذه الخطوة الرمزية أسرى من بقية الفصائل وخاصة من حركة حماس، وتوقع أن تستجيب حماس لصوت الأسرى المعذبين والمتعطشين للحرية والوحدة، وأن تبادر لإعلان الوحدة عمليا على الأرض من اجل الأسرى وآلامهم وصمودهم.
خابت حسابات الأسير عبد العظيم، عندما وجد نفسه في النهاية وحيدا في الإضراب ولمدة 75 يوما، وزادت خيبته عندما أصبحت آفاق الوحدة بعيدة بعد أن أوقفت حركة حماس عمل لجنة الانتخابات في قطاع غزة.
لم تشفع لعبد العظيم روح ابنته الشهيدة سارة البالغة من العمر عامين والتي سقطت بالرصاص على يد المستوطنين بتاريخ 1/10/2000 ليعتقل والدها بعد استشهادها بشهر واحد، متجرعا الحسرة والألم برحيل ابنته الصغيرة.
والد الشهيدة سارة أطلق صرخة المصالحة، صرخة المعذبين والمقموعين في السجون، صرخة رجل قضى عمره داخل سجون الاحتلال، معروف بوطنيته وحبه للأرض ، اعتقل أكثر من أربع مرات، وقصف بيته على يد قوات الاحتلال ودمرت كافة محتوياته.
وأعلن عبد العظيم الإضراب من اجل وحدة فلسطين شعبا وجغرافيا، من أجل أن تتحرك الضمائر وتستيقظ المشاعر ويتحول الإضراب إلى موقف وطني استراتيجي حتى تنجز الوحدة وينتهي الانقسام.
وأعلن إضرابه الوطني هدية لابنه الصغير سيف الذي كان عمره عندما اعتقل والده عام واحد فقط، ليعلمه أنه بدون الوحدة الوطنية لا حرية ولا استقلال، وبدون الوحدة الوطنية سيبقى الأسرى غائبين كثيرا في أقبية السجون.
75 يوما جوعا ومرضا وأملا، لم تذهب سدى، تركت في الواقع رسالة عظيمة وكبيرة تقول أن الأحرار هم الوحيدون الذين لا يخافون من الوحدة، يعملون ليل نهار لإسقاط القيد والأجندات الحزبية الضيقة.

(المصدر: وكالة معا الإخبارية، 28/07/2012)