الصحفي العامر: اعتقالي قربني من أحوال الأسرى

شكَّل اعتقال الصحفي الفلسطيني نواف العامر في سجون الاحتلال فرصة له للاطلاع على واقع الأسرى عن قرب، لينقل تجربته الحية لمشاهدي قناة القدس الفضائية التي يعمل منسقًا للبرامج فيها.
وأفرجت سلطات الاحتلال الصهيوني الخميس الماضي عن العامر بعد اعتقال إداري مدته 13 شهرًا، وهو من سكان مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة.
وتمثل هذه الفترة الاعتقالية نقلة في حياة العامر الذي تحول بعد الاعتقال من صحفي يرصد واقع الأسرى من خارج السجون إلى صحفي يرصدها بمواد حية داخل السجون.
يقول العامر (50 عامًا) : إنه استطاع رصد واقع الأسرى بكل تفاصيله بمؤلفات وقصائد، مبيناً أن مصلحة السجون تعمل من خلال أخصائيين ونفسيين واجتماعيين للتفنن في إلحاق الأذى وقهر الأسرى.
وكان الاحتلال أفرج عن العامر ولم تكن المرة الأولى التي يعتقل فيها، فقد قضى مددًا متفاوتة في سجون الاحتلال امتدت على مدار سنوات، وأبعد عام 1992 إلى مرج الزهور عدة أشهر، كما تعرض للمضايقات والملاحقات من قبل أجهزة السلطة بالضفة، وجرى استدعاءه للتحقيق عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية.

أسوأ ما في الاعتقال
ويرى العامر أن أسوأ ما في الاعتقال "البوسطة"، وهي عبارة عن عربة نقل الأسرى من سجن إلى سجن بواسطة حافلات تتبع مصلحة السجون الصهيونية "الشاباص"، مشيرًا إلى أنها كالسفن التي نقلت العبيد من إفريقيا إلى العالم الجديد.
وتستغرق الطريق بين سجن مجدو ومعبر الرملة 55 دقيقة، إلاَّ أن البوسطة تستغرق 14 ساعة، كونها تمر بعدد من السجون لتنقلات الأسرى أو نقلهم إلى المحاكم، في البوسطة أيضًا تخلط مصلحة السجون الأسرى الإداريين والأمنيين بالمعتقلين الجنائيين ومتعاطي المخدرات والعصابات مما يزيد معاناة الأسرى.
وهذا الأمر- وفق ملاحظات العامر- يُحوِّل الجو العام داخل العربة إلى سباب وشتائم وصراخ وتدخين في غرف الانتظار التي لا تصلح إلا لعيش الحيوانات، في وقت يعاني فيه الأسير خلال التنقل من قلة الطعام ونوعيته، فتقدم وجبة واحدة تكون عبارة عن حبة فاكهة أو خيارة وفي أغلب الأحيان تكون غير صالحة للاستخدام.
ويشير العامر إلى أن أوضاع الأسرى في تراجع، بظل انتهاكات مبرمجة مخطط لها يشرف عليها ضباط لا يتوانون في التفنن بإلحاق الأذى والضغط النفسي والجسدي على الأسرى.
ولم تلتزم مصلحة السجون- رغم الاتفاقات مع الأسرى خلال الإضرابات- على أرض الواقع، وتبدع وتتفنن بالاحتيال والمماطلة لإضاعة الحقوق.

تجهيل متعمد
ومن جانب آخر يتعلق بمهنته، يطالب العامر الصحفيين البريطانيين ونواب البرلمان البريطاني الضغط على حكومتهم للطلب من حكومة الاحتلال وقف اعتقال الإعلاميين الفلسطينيين ووقف اعتقال النخب الفلسطينية وفق قانون الطوارئ الذي سنته بريطانيا خلال احتلالها لفلسطين، وتحملها لجزء من المسئولية عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
ويشير إلى أن الصحف لا تصلهم داخل السجون، وقال "نحن في الأسر مقطوعين عن العالم، ولا نعلم ما يجري بالخارج"، مؤكدًا أن الاحتلال يستهدف تجهيل الشارع الفلسطيني، مضيفًا "نحن الإعلاميون موقعنا كالصخرة التي تتحطم عليها مثل هذه المخططات وعلينا أن نواصل دورنا في هذا الاتجاه".

مؤلفات من وحي الأسر
جانب آخر في تجربة العامر الاعتقالية، تمثلت بقتل الوقت الممل والطويل داخل الأسر، من خلال رصد كل كبيرة وصغيرة للأسرى، الإيجابيات والسلبيات الانتهاكات الأوضاع الصحية والرياضة والغذاء والتغذية وإبداعات الأسرى وإنجازاتهم.
وحاليًا، شارف العامر على إنهاء أربعة كتب، الأول يرصد معاناة الأسرى ويركز على واقع الصحافة الاعتقالية نظريًا وعمليًا وأسماه "رموش من فولاذ"، كما كتب مادة أدبية وشعر حول القدس والأسرى والحياة المعيشية للأسرى الإداريين والمحكومين، ومادة زجلية حوارية.
ويقول العامر إنه كتب شعرًا بمناسبة انطلاق حركتي حماس وفتح بإصدار أطلق عليه "زفرات أسيرة"، فيم ألف كتاب "موانئ الأمل" يتحدث عن الروح المعنوية للأسرى ويربط بين القديم والحديث، وآخر بعنوان "لفتات قرآنية" كتب ما فهمه هو من الآيات القرآنية دون الرجوع للتفسير.

(المصدر: وكالة صفا الإخبارية، 31/07/2012)