الفروخ من قائد الاعتصامات في الميدان إلى قائد للحرية في السجون

سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على وضع الأسير الفلسطيني عصام محمود محمد الفروخ 39 عاما، سكان مدينة رام الله ، المعتقل منذ تاريخ 2003/7/12 والمحكوم بالسجن المؤبد، وهو ممثل الأسرى حاليا في سجن أيشيل الصهيوني البالغ عدده 288 أسيرا.
وجاء في تقرير الوزارة أن الأسير عصام يمثل نموذجاً متميزاً وخاصاً كونه قضى عمره ومنذ أن كان صغيرا في الميادين، متنقلا من محافظة إلى محافظة، يشارك أهالي الأسرى في مسيراتهم واعتصاماتهم ومطالبهم بحرية أبنائهم. وقد شغل عصام الفروخ مديرا لنادي الأسير في محافظة رام الله، وكان أحد مؤسسي النادي منذ انطلاقته بتاريخ 27 / 9/ 1993 كعنوان شعبي وجماهيري لقضية الأسرى، وإبرازها على كافة المحافل والمستويات.
شهدت له ساحة المنارة في رام الله صولات وجولات، وكذلك ساحة الصليب الأحمر الدولي، وتعرفه كافة أمهات وأبناء الأسرى الذين كان يقودهم في فعاليات وأنشطة التضامن مع الأسرى، ويعرفونه خلال مراجعاتهم المتواصلة له في مكتبه، رجلا محبوبا ومبتسما وخدوما ومنتميا وصادقا لقضية الحرية وعدالتها.
خلال الاجتياحات الصهيونية للضفة الغربية، وارتكاب القوات الصهيونية الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وأمام مأساة محاصرة الرئيس ياسر عرفات، وجرائم القتل في مخيم جنين ونابلس وكنيسة المهد، يلتحق عصام بكتائب شهداء الأقصى في الدفاع عن شعبه والتصدي للقوات الصهيونية، فطورد من مكان إلى مكان ولمدة ثلاث سنوات ليمتزج موقفه الإنساني بموقف المقاومة، مستمدا من أرواح الشهداء وصمود الأسرى ملحمته الجديدة التي امتدت واتسعت حتى وقع في الأسر.
تأخذ حكاية عصام الفروخ أبعادا أخرى ومبدعة، عندما التقطته عين كاميرا الصحفية والإعلامية المعروفة نجود القاسم، التي يمتلئ أرشيفها الصحفي بمقابلات مع عصام خلال مسيرات التضامن مع الأسرى، حركاته وصوته وانفعالاته واندفاعه المحموم وهو يواجه رصاص المحتلين وقنابل غازهم السام.
تزوج الأسير عصام بالصحفية نجود القاسم ورزقا بطفلة سمياها يافا التي كان عمرها عامين عندما اعتقل والدها، ولم تحظ الصغيرة برؤية والدها كثيرا قبل اعتقاله بسبب انشغالاته في قضايا الأسرى، ومن ثم مطاردته من قبل السلطات الصهيونية.
حكم على عصام بداية بسبع سنوات، فكان الأمل كبيرا لدى زوجته وطفلته بمرور السبع سنوات العجاف، ليعود عصام إلى بيته والى مدينته رام الله، ولكن الصدمة كانت كبيرة عندما حكم بعد مضي 4 سنوات من اعتقاله بالمؤبد بسبب اعترافات جديدة اتهم بها.
عندما عادت زوجته نجود من قاعة المحكمة بعد صدور حكم المؤبد بحق زوجها، سألت الطفلة يافا والدتها: كم سيكون عمري عندما يخرج والدي من السجن، فلم تملك نجود سوى البكاء، وهي تمتص الألم الشديد، وتحاول أن تجد في لغتها الصحفية أي مدلول زمني لما يسمى المؤبد في قواميس الاحتلال.
الطفلة يافا لم تحتمل الصمت، وشعرت أن هناك أمرا قاسيا قد جرى بحق والدها، فقالت لوالدتها: "لو انك اخذتيني للمحكمة لأخفيت أبي خلف ظهري وأخرجته من السجن"، وبهذه الكلمات عبرت يافا عن طفولتها المحرومة والحزينة، وكأنها لا تريد أن تكبر أكثر دون أن يكون والدها معها وبجوارها.
الأسير عصام الفروخ يقول عنه الأسرى بأنه لا يكل ولا يتعب، يقود الأسرى في ميدانهم الجديد، في صراعهم من أجل حريتهم وحقوقهم وكرامتهم، يمتلك الرؤية واليقين وكأنه يرى فجر الحرية قريب.
وعلى الجهة الأخرى من الميدان لازالت زوجته الصحفية نجود القاسم تلتقط مشاهد الألم، صورة صورة، تحركها في كل مكان، لتقول للعالم الصورة أكبر من الواقع، الطفلة يافا اكبر من مدينة، وعصام شعب أراد الحياة.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 4/9/2012)