الشهيد ميسرة أبو حمدية .. نموذج صامت للجهاد والمقاومة

الشهيد ميسرة أبو حمدية أبو اسنينة (أبو طارق).. ابن مدينة الخليل الذي ولد عام 1949م ، واعتقل في سجون الاحتلال، حيث تم إبعاده الى الأردن عام 1970م، التحق في صفوف الثورة الفلسطينية وكان من مناضلي القطاع الغربي في لبنان، حيث تميز بأخلاقه ودينه وخبراته التقنية الفنية في مجال التصنيع المقاوم، وكان واضحا ومميزا في توجهه الإسلامي.
أبو طارق، مناضل ومجاهد فذ يعمل بجد وصمت، شهد له بالتدين والالتزام بالعبادات، عقلية إستراتيجية مميزة في التفكير السياسي والجهادي، خبير في إعداد المتفجرات والعبوات الناسفة، عقلية أمنية مميزة، عمل ضمن مجموعات التيار الإسلامي في فتح والذي أسسه منير شفيق وأصبح من قياداته البارزة أبو حمدي سلطان وأبو الحسن قاسم، والكيالي، هؤلاء القادة الذين استشهدوا في ليماسول في قبرص، كان ميسرة أبو حمدية ضمن هذا التيار الذي قاده معين الطاهر بعد منير شفيق، والذي كان يعمل على المزاوجة بين المقاومة والعمل الإسلامي.
أشرف أبو طارق على تجهيز وتخطيط العديد من العمليات العسكرية الكبرى وهو في الخارج، كان في مقدمة هذه العمليات (عملية الدبويا) الشهيرة في الخليل، وعمليات أخرى في القدس مثل عملية (باب المغاربة) وغيرها.
عاد أبو طارق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد اتفاقيات أوسلو عام 1998م، والتحق بصفوف جهاز الأمن الوقائي، وأصبح مسئولا عن قسم مكافحة التجسس، لكن عمل أبو طارق الوطني داخل الجهاز لم يرق لقائد الجهاز جبريل الرجوب آنذاك، فحصلت مشادات وخلافات بين أبو حمدية والرجوب على خلفية كيفية ملاحقة عملاء وجواسيس الاحتلال، انتهت بخروج أبو حمدية من الجهاز بعد شهور قليلة جدا.
رغم عودة أبو طارق إلى الأراضي المحتلة ضمن اتفاقيات أوسلو، إلا أن أبو طارق كان يدرك أن الاتفاقيات لن تحقق للشعب الفلسطيني أي مستقبل كان، لذلك تفرغ للعمل المقاوم الصامت، بعيدا عن المواقع الرسمية، وبنا جسور وعلاقات مع كتائب عز الدين القسام، وكان على صلة مع مجموعات في بلدة بيت فجار قضاء بيت لحم من آل ديرية، حيث قام بتجهيز أحزمة ناسفة متفجرة لهذه المجموعات الاستشهادية التي قامت بعدة عمليات مميزة.
اعتقل أبو طارق على اثر هذا النشاط الجهادي في صفوف كتائب القسام، بعد اعترافات في أقبية التحقيق أدت الى تطويق منزله واعتقاله عام 2002م من منطقة الحاووز في الخليل، حيث تم نقله إلى زنازين التحقيق التي مكث فيها عدة أشهر، قدم بعدها الى المحاكمة وحكم علية بالسجن خمسة وعشرين عاما، إلا ان النيابة العامة استأنفت الحكم، وأعادت محاكمته، ليرتفع الحكم إلي مؤبد.
وقالت مصادر الأسرى انه بعد صفقة وفاء الأحرار، انتقل ميسرة الى أقسام حماس في معتقل ايشل ونفحة، وكان مثالا للوحدة الوطنية وتجميع الأسرى، حيث عمل أبو طارق خلال اعتقاله على تقريب وجهات النظر بين أسرى حماس وفتح، لا بل كان يعمل على إعداد مشروع مصالحة بين فتح وحماس من داخل السجون والمعتقلات.
هكذا كان هذا القائد يعمل بصمت، وهكذا هي مسيرة حياته العامرة بالجهاد والمقاومة، لم تمنعه الفصائلية ولا موقعه الرسمي في السلطة ان يكون بوصلة التصحيح والتوجيه للمرحلة المدلهمة التي كان يعرف خفاياها.  

(المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام، 12/04/2013)