الشهيد القائد رائد ابوالعدس

المكان مخيم بلاطة، الزمان زمن الاحتلال الصهيوني، الهوية والانتماء فلسطيني، التهمة حب الأرض والوطن، العقاب القتل أو الاعتقال، باختصار تلك هي تهمتك، وتلك هي محكمتك، فدفاعك عن أرضك جريمة لا تغتفر.
مساء الخميس، الثاني من أب، كانت الحور العين تحضر نفسها لاستقبال شهيد جديد هو الشهيد "رائد أبو العدس" قائد سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في مدينة نابلس بالضفة الغربية.
طفولة مغروسة بالجراح..
ولد الشهيد رائد ابوالعدس في مخيم بلاطة القريب من مدينة نابلس في الضفة الغربية بتاريخ 24/1/1979م، تربى وترعرع بين أحضان أسرته الذي أذاقها الاحتلال مرارة الهجرة والنكبة، بعد إن كانت رأس العين في مدينة يافا هي الموطن الأصلي لهم.
يقول والد الشهيد رائد: كانت طفولة رائد هادئة ومميزة، وحظي بعناية خاصة من الأسرة، كذلك كان يتمتع بشعبية واسعة بين أهل المخيم، فقد كان مثال الشاب الملتزم، حمل هموم أسرته ومخيمه ووطنه منذ نعومة إظفاره حيث لم يكن كباقي أطفال المخيم، كنا نشعر انه يسابق زمنه ويكبر قبل أوانه، وقد كان له نشاطه المحدود في الانتفاضة الأولى، وكان مقتصرا على رشق الدوريات الصهيونية، إلا أن زاد نشاطه العسكري في انتفاضة الأقصى الحالية.
ويضيف: بدأت القوات الصهيونية تطارد رائد منذ اجتياح نيسان2002م، حيث شارك في التصدي لقوات الاحتلال عند اجتياحها للمخيم، وقد قام الجيش الصهيوني باعتقاله في تلك الفترة، وحكم عليه بالسجن الإداري لمدة 6 أشهر كما قضى في السجن ما يقارب الأربع سنوات، وبعد خروجه عرضنا عليه الزواج من إحدى الفتيات إلا انه رفض، وقرر متابعة مسيرته الجهادية ضد الاحتلال.
ويتابع: في فترة مطاردته لم يكن رائد يتردد على المنزل بشكل دائم، وأكثر الأيام نقوم بالاتصال به للاطمئنان عليه، ومعرفة إخباره خاصة عندما يكون هناك دخول للقوات الصهيونية للمخيم أو المدينة بشكل عام، وقد اقتحم الجيش الصهيوني المنزل مرات عدة وفي كل مرة كانون يطلبون منا إخبار رائد بضرورة تسليم نفسه، وإلا فان نهايته ستكون غير مرضية، لكنه كان يفضل الاستشهاد على الاعتقال.
والتحق بركب الشهداء....
بنفس الطريقة العنجهية التي تستخدمها دائما، إلا أنها تحاول في كل مرة ابتكار أساليب اشد إيلاما وفتكا لتحقق بذلك على المراتب الأولى بين الدول الأشد عنفا على أيدي جزارين مهرة، وحول طريق استشهاده يقول والد الشهيد رائد: كنا في المنزل عندما جاء خبر استشهاد رائد وكان ذلك مساء الخميس2-8-2007م، حيث علمنا كباقي الناس إن هناك عملية اغتيال لأحد الشبان في البلدة القديمة في مدينة نابلس، إلا إننا لم نتوقع إن يكون رائد فقد استبعدنا ذلك لان عملية الاغتيال حدثت في البلدة القديمة، وجلسنا نتابع القنوات المحلية إلا إن تم الإعلان عن اسم الشهيد والذي كان هو رائد.
شاهدة على الجريمة...
الحاجة أم اشرف إحدى سكان حارة القيسارية في البلدة القديمة، كانت اول من شاهدت رائد بعد استشهاده تقول ام اشرف: في حوالي الساعة التاسعة والنصف حاصرت قوة صهيونية خاصة احد المنازل المجاورة لمنزلنا، ليقوموا بعدها باقتحام منزلنا، وتحويله الى ثكنة عسكرية، وما لبث إن سمعنا صوت إطلاق نار كثيف في المنطقة.
وتتابع: بعد أنتها العملية، خرجنا لنتفقد ما حدث، وإذا بالشهيد رائد ملقى على الأرض مدرجا بدمائه، وقد أصيب بعدة رصاصات في جميع إنحاء جسده لكن المنطقة الأكثر تأثرا هي في الوجه.
وتضيف: منذ بدء العملية الصهيونية كانت سيارة الإسعاف تتواجد في الشارع المحاذي للحي إلا إن جنود الاحتلال منعوا والطواقم الطبية من إخلاء الشهيد، الأمر الذي جعله ينزف اكبر قدر من الدماء.
وختام القول....
رائد لن يكون الشهيد الأخير الذي تذرف الدموع حرقة على فراقه فوردة لمن قضى نحبه، وبندقية لمن ينتظر لكن "يكفيه فخرا إن مات، وقدماه فوق رؤوسهم".

(المصدر: مؤسسة مهجة القدس، 2/08/2012)