بعد أن لملم أشلاء الشهيد لم يستطِع النوم ليالي

دماء ودموع وجراح وآلام كلمات تلخص حياة الطفل الفلسطيني الذي مازال يعاني من آثار ممارسات الإرهاب الصهيوني، مثله مثل كثير من الأطفال.
طارق الشمالي طفل من أطفال قطاع غزة لا يتجاوز من عمره 12 ربيعًا، ساعد رجال الإسعاف خلال العدوان الصهيوني الأخير على غزة، لكنه لا يخفي أنه تعذّب كثيرًا بعد رؤية المشهد المرعب بأم عينه.
وقال الشمالي: "حين قصفت طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين تمكنا من الهروب إلى إحدى المدارس، ولم نتحرك بناءً على تعليمات حارس المدرسة الذي نادى بأعلى صوته بعدم التحرك؛ خوفًا من عودة الطائرات للقصف".
وتابع: "انتظرنا في المدرسة لحين وصول سيارة الإسعاف إلى المكان، وعندما سُمِح لنا بالخروج وجدنا جثة شهيد في الأربعينيات من عمره ملقاة على الأرض مقطعة إلى أشلاء".
وأوضح أنه تلقى أوامر من رجال الإسعاف بلملمة بقية أشلاء الشهيد المتناثرة على الأرض في كيس، ثم دفنها في إحدى الأراضي بالقرب من مكان الاستهداف.
بعد رؤية الشمالي للأشلاء فإنه - حسب قوله - لم يستطع النوم عدة أيام من هول المنظر الذي وصفه بـ"البشع"؛ فهو لم يرها في حياتِه ولا تخيَّل أن يراها.
وتابع: "عند الانتهاء من عملية الدفن، ذهبت إلى البيت وأنا خائف جدًّا، ورويت ما حدث معي لوالديّ اللذين وبخاني؛ لخروجي من المنزل في أثناء الحرب".
وقال: "إن تلك المناظر لم أرها من قبل، إذ انغمس دم وجلد الشهيد بالتراب، فضلًا عن خروج إحدى عينيه، كان منظرًا مؤلمًا حقًّا، وكأنه كابوس".
بدوره شدد أستاذ الطب النفسي في الجامعة الإسلامية د. خالد دحلان على ضرورة مراجعة هؤلاء الأطفال لأطباء نفسيين؛ لمعالجتهم بتدرج؛ خوفًا من زيادة الاضطراب لديهم في الأيام المقبلة.
وأوضح د. دحلان، أن بعض الأطفال سيمرون بحالة "أعراض ما بعد الصدمة"، التي تُشخص بعد مرور شهر من الحادث؛ لمعرفة الاضطراب لديهم بالتحديد.

وحسب تشخيصه لحالة الشمالي قد ذكر أن أهم الأعراض التي يعاني منها القلق الشديد، إضافة إلى تجنب المكان الذي حدثت فيه الواقعة، إلى جانب الاضطرابات الليلية، ومنها "الفزع" خلال النوم، وأضاف: "وقد يعرض لاضطرابات سلوكية، مثل: التدني العلمي، وارتفاع السلوك العدواني؛ للبحث عن مصدر الحماية".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 23/12/2012)