الشهيد مصلح صالح: حكاية مجاهد مازالت حاضرة بذكراه

تطل علينا في هذه الأيام الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الشهيد الفارس مصلح صالح أحد القادة الميدانيين لسرايا القدس ببلدة جباليا شمال غزة، والذي ارتقى للعلا شهيداً خلال تصديه مع إخوانه المجاهدين لقوة صهيونية خاصة توغلت شرق بلدة جباليا خلال الاجتياح الصهيوني أو ما اسماها العدو الصهيوني "المحرقة".
"بابا شهيد في الجنة، أنا بحبه كتير ونفسي أكون معه في الجنة"، بهذه الكلمات تحدثت الطفلة شروق ابنة الشهد المجاهد "مصلح محمد صالح" أحد القادة الميدانيين لسرايا القدس ببلدة جباليا، وعلامات الشوق والمحبة للقاء ورؤية والدها الذي أستشهد بتاريخ 1/3/2008م خلال معركة بطولية خاضها مع قوة صهيونية خاصة، خلال الاجتياح الصهيوني "المحرقة" لشرق بلدة جباليا شمال القطاع.
شروق وعلي نجلا الشهيد المجاهد مصلح صالح وفي مشهد مؤثر عندما جلسا في حضن جدتهما ينظران لصورة والدهما المعلقة على جدار المنزل وقاما بتقبيل صورته ووضع يدهما على صورته، وكأنهما يكلمانه ويقولا له اشتقنا لك يا بابا اشتقنا لحنانك، فقد حرمهم العدو الصهيوني من أن يحصلوا على حنان الأب وأن يعيشوا بجانبه.
والدة الشهيد المجاهد مصلح  ØµØ§Ù„Ø­ قالت: "لقد عاش فلذة كبدي الشهيد مصلح طفولة قاسية نتيجة لمرض ألم به، وكاد أن يفتك به لولا عناية الله، وقد لاقيت الأمرين في رعايته ومتابعته عند الأطباء في تلك الفترة العصيبة من حياته حتى تماثل للشفاء، وكان منذ صغره يعاني في حياته من هذا المرض حتى أننا تعبنا عليه كثيراً فهو يستحق منا أكثر من ذلك لأننا لم نكن نعرفه قبل استشهاده فقد عرفناه جيداً بعد استشهاده".

شديد الإخلاص
وأضافت: "كنت لا أعلم عنه شيء أبدا، فكان رحمه الله دائماً يغادر البيت ويخرج لتفقد المرابطين على الثغور وصد الاجتياحات ولم نعلم عنه فلم يخطر في بالنا أن مصلح رحمه الله مقاوماً ينتمي لسرايا القدس، فكان سرياً جداً, لم أراه مطلقا يرتدي بدلة عسكرية أو يحمل سلاحاً في البيت".
وزادت بالقول: لم يتباهى بنفسه, ولم أكن أعلم بأي شيء عن عمله الجهادي, والمرة الوحيدة التي رايته فيها خارجاً للرباط عندما كنت جالسة أمام المنزل وأثناء خروجه للرباط نظر ليرى من بطريقه ليؤمن نفسه فرأني فخطف حاله سريعاً وجلس ينتظر حتى أقوم من أمام البيت حتى يخرج، فبعد لحظات شعر بأنه تأخر عن إخوانه المرابطين فخرج من أمامي ورد السلام علي وذهب لعمله الجهادي فدعيت له ربنا يسهل عليك يا ابني مصلح الله يبعد عنكم أي مكروه".

فخورة باستشهاده
وعبرت والدة الشهيد المجاهد مصلح صالح "أبا علي" عن فخرها واعتزازها بشهادة نجلها وقالت: "أنا فخورة باستشهاده والحمد لله الذي أكرمه بالشهادة التي تمناها فكان منذ صغره يبحث عنها حتى نالها، عندما تلقيت خبر استشهاده صبرت وتوضأت وصليت ركعتين شكر لله عز وجل على أن ابني شهيداً وكنت صابرة والحمد لله على فراقه رغم أنه كان أليما على قلوبنا ولكن عزائنا بأنه شهيد عند الله تعالى، والحمد لله بعد استشهاده لحتى اللحظة الجميع يتكلم عنه وعن سيرته العطرة التي تركها ورائه".

رسالة
وفي ختام حديثها وبعد مرور 5 أعوام على رحيله وجهت والدته كلمة لأمهات الشهداء حيث قالت: "أوجه كلمتي لأمهات الشهداء بأن يصبرن على فراق أبنائهن، صحيح أنهم يتركون فراغاً كبيراً داخل الأسرة ولكنهم عند الله بصحبة النبيين والصديقين والشهداء، واسأل الله أن تبقين على عهد أبنائكن وأن تحفظوا وصاياهم وذكرياتهم الجميلة، واسأل الله تعالى أن يجمعنا واياكن مع أبنائنا في جنات النعيم على حوض المصطفى صل الله عليه وسلم".

رحلته الجهادية المشرفة
"أبو بلال" صديق الشهيد مصلح صالح ورفيق دربه بسرايا القدس تحدث عن أبرز ما تميز به "مصلح" حيث قال: "تميز أبا علي بشجاعته وبسالته في كل عمل عسكري يوكل له من قيادته العسكرية، كما تميز رحمه الله بالتزامه الشديد في عبادته وطاعة الله فكان يحافظ على جميع صلواته وخاصة الفجر منها في جماعة بمسجد أبو الخير القريب من منزله، كان رحمه الله من الأخوة الذين ينفقون في سبيل الله فكان يمد لهم يد العون ويقف بجانب الفقراء والمساكين لينال الأجر بهم".
وعن الرحلة الجهادية المشرفة لشهيدنا المجاهد مصلح صالح قال "أبو بلال": "التحق شهيدنا أبا علي في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في مطلع عام 1998م، و كان حريصاً منذ اللحظة الأولى لدخول حركة الجهاد على تنفيذ عملية استشهادية في قلب الكيان الغاصب، إلا أن الظروف لم تكن سانحة لتنفيذ تلك العملية، وما أن اندلعت انتفاضة الأقصى المباركة، التحق شهيدنا "مصلح" في صفوف سرايا القدس منذ تشكيلاتها الأولى".
وتابع: "كما تلقى شهيدنا العديد من الدورات العسكرية المتطورة وخاصة دورة إعداد وحدات خاصة في مواجهة الاجتياحات الصهيونية، وخاض العديد من المعارك البطولية ضد القوات الصهيونية الخاصة، كان منها الكمين الذي نصبه في أحد المنازل الخالية لتنفيذ عمل استشهادي في معركة "أيام الغضب" حيث تمكن من الاشتباك مع الوحدات الصهيونية الخاصة وإيقاع إصابات مباشرة في صفوفها والعودة بسلام تحفظه عناية الرحمن".
وأضاف "أبو بلال": "عمل شهيدنا أبو علي بصفته مسئول عدة وحدات رباط متقدم في شمال قطاع غزة في تنفيذ العديد من المهمات الجهادية كان أهمها دك المواقع العسكرية والمستوطنات الصهيونية بوابل من قذائف الهاون والصواريخ القدسية المباركة، كما عمل على نصب الكمائن للوحدات الصهيونية والاشتباك المباشر معها في أكثر من محور من محاور القطاع الشمالية، وزرع العبوات الناسفة في وجه الآليات الصهيونية المجتاحة لمدننا ومخيماتنا في شمال غزة.
ووجه المجاهد بسرايا القدس كلمة في ذكرى استشهاد رفيق دربه الشهيد مصلح صالح حيث قال: "اليوم وبعد مرور 5 أعوام على رحيله نفتقده وتفتقده بلدة جباليا وشيوخ وشباب وأطفال مسجد أبو الخير نفتقد حمامة المسجد التي كانت دائماً ملازمة لنا في صلواتنا وحلقات الذكر، وبإذن الله سنبقى على دربه ولن نحيد عنه ما دمنا أحياء على هذه الأرض، ونسأل الله تعالى بأن يكون شهيدنا مصلح قد أصاب الفردوس الأعلى وأن يجمعنا به في جنات الخلد".
يشار إلى أن الشهيد المجاهد "مصلح صالح" أحد القادة الميدانيين لسرايا القدس ببلدة جباليا قد ارتقى للعلا شهيداً بتاريخ 1/3/2008م بعدما خاض معركة بطولية هو وإخوانه المجاهدون خلال الاجتياح الصهيوني لشرق بلدة جباليا، هكذا رحل الشهيد مصلح كما كان يتمنى ويسعى دوماً، رحل بعدما كبد العدو الصهيوني خسائر فادحة، فهنيئاً لك يا أبا علي هذا الاصطفاء والاختيار الرباني.

(المصدر: سرايا القدس، 4/3/2013)