محمود الطيطي .. شهيد الأسرى الثاني

غابت روحه عن جسده، وبقيت والدته مكلومة تنتظر لعل نبضا يتحرك أو شفاها تعيد نطق كلمة "أمي"، إلا أنها تعي جيدا أن شهيدا في المكان نذر نفسه، ووقته مدافعا عن الأسرى والمعتقلين وعن المسجد الأقصى المبارك. لعل الشهيد محمود عادل الطيطي، من مخيم الفوار جنوب الخليل، كان انتفض غضبا لسقوط الشهيدين، الأسير عرفات جرادات، والمحرر محمد عصفور، غير أن الحكاية الآن أن شهيدا يشيع شهيدا ومحررا يؤبن آخر وينتفض للأسير.

أسير ومختطف
ينحدر الشهيد محمود عادل الطيطي من مخيم الفوار، من حيث المسكن، ويعود مسقط رأسه إلى أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، ليجمع بين أسير وشهيد ولاجئ ومقاوم، لأنه تربى على نهج حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وتقول عائلة الشهيد: "عودنا محمود أن يكون نموذجا في التعاون والنصرة والتضامن. فهو من أسس صفحة على الفيس بوك تدعو لنصرة الأسرى، وهو الذي خرج في مسيرات كثيرة، منذ أن بدأ التضامن مع الأسرى المضربين، مرورا باستشهاد الأسير عرفات جرادات في سجون الاحتلال، وصولا إلى استشهاد الطالب الجامعي محمد عصفور، ومن قبل ذلك كان يهب نصرة لقطاع غزة في معركة حجارة السجيل، ليكون في كل مرة مثالا على رجل مقاوم لا يعرف الكلل والملل".
وتضيف العائلة أن حلم محمود كان تعلم الصحافة والإعلام، في جامعة خارج الوطن، إلا أن تنغيص الأجهزة الأمنية الفلسطينية والاحتلال كان مانعا في كل مرة يحلم فيها بذلك. فهو معتقل لمدة ثلاثة أعوام أفرج عنه في عام 2009، وتعرض للاعتقال على يد السلطة، وتحديدا جهازي الأمن الوقائي والمخابرات، كما أن عدة إستدعاءات جلبت له، من قبل الأجهزة، حتى استشهد قبل أن يحضر محكمة له في الخليل، على يد ذوي القربى من "حماة الوطن".

كلمات ترددت
يقول المحرر حسن عويض من الخليل: "إن المحرر الشهيد الطيطي كان معتقلا معنا في سجن النقب عام 2008-2009، وكان يتقن الكتابة الأدبية والشعر، ويمتاز بحرقته على الوضع العام والقضية الفلسطينية، وحقده المستمر على الاحتلال وأذنابه".
ويسجل على صفحة الشهيد كلمات كتبها عن الأسرى والشهداء، فقال محمود لواحد ممن علقوا له صورته، أثناء تشييع رفات الشهيدين، مجدي أبو وردة وإبراهيم السراحنة، حينما قال له صديقه إن شاء الله يرزق مثلهم، فقال :"إن شاء الله وما المشكلة"!.
ويُكتب قبل ساعات من ارتقائه شهيدا أن محكمة عقدت له في الخليل، تابعة لسلطة رام الله، وتأجلت إلى نيسان القادم. ويكتب إن شاء الله إلى الشهادة، ثم يضع عنوانا لمرحلة يخوضها "يا فلسطين إحنا عشقنا الشهادة".
ترك القلم وجف الحبر ونزف الدم وصرخت الأم، دوى الرصاص وخفقت القلوب، وأعلن استشهاد محمود، وانتفض أمثاله من جديد، بيعة لله ونصرة للمظلومين. فهل يصحو ضمير نام وبات أهله من الغافلين، بحجة سلام وتسوية .. يتزعمها عدو حاقد ومن أبناء الجلدة، وعن إنجاب الرجال عقيم؟!

(المصدر: أحرار ولدنا، 13/03/2013)