الشيخ الشامي: الشقاقي كان يؤمن بوجوب أن يكون الفكر الإسلامي هو السائد

هو الشقاقيّ.. لغز الوطن وحروفه.. وملح الجراح التي أدمت حياتنا وسنوّنا.. به كانت فلسطين حاضرة.. وبقدومه اشتممنا رائحة الزيتون من جبالها التي غابت وما عادت لولا الله ثمّ مجيئه مبشراً بنصر الأمّة القادم..
هو الشقاقيّ.. جاء ليُعطي فلسطين مكانتها الحقيقيّ في قلوب الأمّة، والتي أعطت ولائها لأفكار لمْ يكنْ نبعها منْ طُهر قلوبنا وغذاء أرواحنا الممتدة منْ سورة الإسراء، لكي نعرج بقداستها نحو عشقنا الأبديّ.. حيث الخلود الأبديّ.. فينادي بكلّ عنفوان يحمل في جعبته ملح جديد لهذه الأمّة التي تاهت بين من نام وبين من فرط، بأنّ هذه فلسطين هي قضية الأمّة ومركزيّة وجودها، بها تكون الحياة، ومن دونها لا وجود ولا حياة ولا حياء.. هذه أمانتك ووصيّتك حفظناها.. ولنْ تبهت في وجداننا.. وسوف تزداد لمعاناً وينقشع الغبار أكثر مع كلّ ذكرى..
ونحن على شرف أعتاب الذكرى الـ17 لرحيل الأمين العام الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد، يطل علينا "شيخ الانتفاضة"، الشيخ المجاهد "عبد الله الشامي" القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي ليسرد لنا المنهج والفكر الذي تبناه الشهيد الشقاقي، بالإضافة إلى رحلة الشهيد فتحي الشقاقي الجهادية الحافلة بالكد والعطاء في سبيل الله؟

شجون الذكريات
الحديث عن الشقاقي يثير بي الشجون والذكريات والعودة بالذاكرة لما يقارب 34 عاماً تقريبا، حينما التقينا وتعرفنا على الشهيد الدكتور "فتحي الشقاقي"، حينما كنا ندرس في الجامعة، ولقد كان أكبر منا سناً بحوالي 7 أو 6 سنوات تقريبا، وكان أكثر وعيا والتزاماً، ومنه تعلمنا الكثير على مستوى القراءة والبحث والتعلم.
كما تعلمنا منه الصبر والاحتساب وقوة الإرادة والتمسك بالحق والجهر به مهما كانت التبيعات، تعرفنا عليه حيث كنا ندرس وإياه في جامعة الزقازيق بمصر، وهو كان يدرس الطب ونحن كنا ندرس في كلية الآداب، وبعضنا كان في كلية التجارة، والبعض كان في التربية، ولكن الشهيد الشقاقي سبقنا بوعيه وعلمه وفي إدراكه لدوره الجهادي على الساحة الفلسطينية.
ولقد دفع غياب الإسلاميين عن دور الجهاد والمقاومة الشقاقي لكي يقوم بتشكيل حركة جهادية مقاتلة حملت فيما بعد اسم "حركة الجهاد الإسلامي" لتقوم بالواجب، مع عدم نسيانه بالمطلق للتجارب المسبقة للحالة الإسلامية، كتجربة الشهيد "حسن البنا"، و الشهيد المجاهد "عز الدين القسام"، فكان الشقاقي يعلمنا ويكتب عن هؤلاء الأبطال، وكان يعتمد الشقاقي على تشكيله للحركة المجاهدة على طلاب الجامعة الذين عايشوه في تلك الفترة بمصر.
واستشعر النظام الأمني المصري بداية انطلاقة الحركة فبدأ يطارد ويضيق ويضغط على الطلاب الفلسطينيين ويبحث لعله يصل إلى خيط أو نواة، ولكن فشل فشلاً ذريعا في ذلك بالرغم أنه اعتقل البعض وهددهم ومنهم كان الدكتور الشهيد "فتحي الشقاقي" رحمة الله عليه.

فكرة التأسيس
حقيقةً كانت الفكرة لدى الدكتور الشهيد "فتحي الشقاقي" رحمة الله عليه، فحينما نظر إلى الساحة الإسلامية وجد أن الذين يقومون بالدور النضالي( وأنا اقصد بالدور النضالي أي الهروب من الدور الجهادي هم أبناء وأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية بشقيها العلماني والماركسي والذين تبنوا هذا المشروع الوافد) ولكن الشقاقي كان يرى أن الواجب أن يكون أصحاب التاريخ والتراث والفكر الأصيل في المنطقة وهو الفكر الإسلامي، فعمد إلى تشكيل حركة الجهاد الإسلامي، من خلال تنظيم العديد من الإخوة والطلاب، واذكر منهم الدكتور المجاهد "رمضان شلح" و الشيخ "خضر حبيب" و الدكتور "طاهر لولو" و الأخ "جهاد أبو العطا" والشيخ "نافذ عزام" والكثير الكثير، وكانوا جميعهم يدرسون بجامعة الزقازيق بالإضافة إلى أعداد أخرى صعب أن اذكرهم جميعهم.
وتشكلت النواة وأثناء العودة إلى قطاع غزة تم تشكيل هذه الخلايا وبنائهم بناء ثقافي منهجي يتعلق بالقران الكريم وحفظه وتفسيره ويتعلق بالسيرة وتذكرها وتعلمها، ويتعلق بعلم الفقه وأصول الفقه وعلم الحديث، بالإضافة للدعوة النشطة، وكان بين الرموز الهامة في تلك المرحلة النشطة في الدعوة و طرح فكر الجهاد الإسلامي على المنبر، كان الشيخ "عبد العزيز عودة"، وكان أول منطلقه مسجد اسمه "مسجد عنان" وأسماه الشقاقي مسجد الشهيد "حسن البنا"، تيمنا بفكر الشهيد "حسن البنا" ودوره الجهادي في فلسطين، وفيما بعد تم بناء مسجد في معسكر جباليا حمل اسم مسجد الشهيد "عز الدين القسام" استحياءً لتجربتهما وجهادهما المسبق على الساحة الفلسطينية وتواصلاً على ذات الطريق في هذا الاتجاه، ومن هنا بدأت النواة الأولى في تشكيل الجيل الإيماني الذي سماه الشهيد الشقاقي "جيل الإيمان والوعي والثورة".

العلاقة الشخصية
الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي كان يتميز عنا بفارق السن والـ6 سنوات أعطته مجالاً أكثر للوعي والاطلاع وخصوصا أنه كان يحب القراءة والكتابة، وكان يكتب المقالات وأسهم في إيجاد مجلة "المختار الإسلامي" بفكرها وجهدها المتميز في الساحة المصرية، وكانت تتابع بنهم شديد.
وكان الشهيد الشقاقي مثقف، وكان يلتقي كثيراً برموز العمل الإسلامي، والمتخصصين ويدور نقاش هام جداً، ويشاد له بتميزه وصدقه في وعيه وانتمائه لأنه عرف الحركة الإسلامية قبلنا وكان منتميا لحركة الإخوان المسلمين، ولكن حينما رأى قصوراً في الدور الجهادي لدى الإخوان اندفع لتشكيل نواة إسلامية مجاهدة ولكن للأسف جوبه وخوصم وطورد من قبل الحركة الإسلامية التقليدية حينها، رغم وجود الاحتلال الصهيوني.

الرحلة الجهادية
دعني بالبداية أتحدث عن واقع الحيوية والدينامكية جدا للشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، حيث كان من أكثر  Ø§Ù„طاقات حركة، لا يعرف الاستقرار ولا الركون ولا النوم والراحة بالرغم أنه كان يعيش بمخيم بمدينة رفح، إلا أنه كان دائم التنقل بين مدن قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، فلم يعرف الاستقرار فكان يذهب لكل مدن الضفة وقراها ومخيماتها.
وكان الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي لديه طاقة هائلة فكان يكون في ساعات بقطاع غزة وبساعات أخرى يكون بالضفة المحتلة، وكان أيام بلياليها ينام بالضفة المحتلة ويلتقي بالشباب ويروج لفكرته ولمشروعه وأيام أخرى يقضيها بقطاع غزة.
وكان بأيام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، يأخذ أبنائه وتلاميذه وطليعة حركة الجهاد الإسلامي لقيام العشر الأواخر في المسجد الأقصى، من ثم تحويلها في ساعات النهار إلى منابر خطابية يروج من خلالها للفكر الجهادي، وهنا بدأ يشيع اسمه ويتردد على الألسنة بالإضافة إلى المجلات الثقافية والفكرية والأدبية والتي يتم توزيعها على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة للترويج لهذا الفكر.
وبدأ المحتل الصهيوني يطارد ويفرض بعض الإقامات الجبرية على أبناء وكوادر حركة الجهاد الإسلامي، والبعض يفرض عليهم مطاردات في العمل، وكان الشقاقي من أكثر الشخصيات الملاحقة والمطاردة من قبل الاحتلال، وكان العدو يستدعيه كثيراً.
وجاءت ثورة السكاكين الجهادية لتترجم فكر الجهاد الإسلامي لواقع عملي، حيث كان الجنود والمستوطنين في أيام أعياد السبت وغيرها، يعتبرون قطاع غزة منطقتهم السياحية، إلا أن ظهر البطل والأسير المحرر خالد الجعيدي وإخوانه بثورة السكاكين، فمن هنا ضربت مشروع المستوطنين والجنود الصهاينة بالمجيء لغزة، وأصبح الجنود والمستوطنين الصهاينة يهددون بعضهم ويقولون لبعض ( إذا كنت رجل اذهب لغزة).
وبدأ العدو الصهيوني يدرك خطورة هذا المشروع، فبدأت عمليات التحقيق والاعتقال، خصوصا مع العمل التطبيقي، وفيما بعد على أثر عمليات الشهداء الأبطال بمعركة الشجاعية، واعتقل الاحتلال الدكتور الشقاقي وحاول العدو أن يغيبه عن مشروعه وعن حركته فترات طويلة، حتى كانت الانتفاضة الأولى.
ورغم الاعتقال والقيد والعزل إلا أن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي كان يؤثر بفكره وبكلماته ورسائله التي كان يخرجها من المعتقل لأبنائه، فاضطر العدو لإبعاده في بداية الانتفاضة إلى جنوب البنان. وواصل الشقاقي التوجيهات للانتفاضة في داخل الأراضي المحتلة ببياناته ورسائله، وعزز علاقاته مع الخارج الإسلامي والعربي الذي يدعم الجهاد والمقاومة.  ÙˆØ¨Ø¯Ø£ الشقاقي يتنقل في الكثير من الساحات وينقل إليها هذه الرؤية وهذا المشروع، ويستقبل أموال الدعم التي تعزز صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني.

شعارات نادى بها الشقاقي
هناك مجموعة أفكار مركزية ومنها:
أولا/ الجهاد هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الكيان الصهيوني، واتخذ شعار مهم لا زالت الحركة تردده عنواناً قول الله تعالى "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سلبنا وان الله لمع المحسنين" ،طبعا الجهاد هو طريق الهداية ولا بد أن تترجم واقع، والجهاد كان للرد على أولئك الذين كانوا يقولون نحن الآن في طور التربية والإعداد وليس في طور الجهاد والمقاومة، ووضعوا عقبات أمام الجهاد ولكن الشقاقي استلهم القران الكريم في هذا المشروع.
ثانيا/ أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة الإسلامية والعربية، رغم أن البعض حاولوا أن يشوهوا هذا المصطلح بسبب فراغهم الفكري وكانوا يتخبطون وكان أحدهم يقول "إن الله هي القضية المركزية" يجعلون من الذات الإلهية القضية المركزية بمعنى أن قضية فلسطين هي مركزية الآن بسبب طبيعة الصراع عليها وحينما تحرر سوف تصبح قضية عادية.. طبعا لا، ولكن هل يمكن أن يكون الله قضية مركزية وبعد عشر سنوات أن يكون قضية ثانوية !!!،، هذا من باب الجهل والتخبط، الذي كانوا يرددونه.
لقد طرح الشهيد الشقاقي "القسام" كرمز جهادي ثوري رغم أنه ليس فلسطيني، وكان البعض من الذين وضعوا أنفسهم في دائرة الخصومة يقولون (من هو القسام.. وماذا كتب عنه في التاريخ).
ثالثا/ وحدة الأمة: حيث كان العدو الاستكباري يريد أن يمزق ما بين الشيعة والسنة فالدكتور الشقاقي كان طبيعيا في فهمه وقال نحن الآن مطالبين أن نتوحد في الميدان في مواجهة المشروع الاستكباري والذي رأس حربته هو الكيان الصهيوني، ما دام أهل الشيعة في دائرة الإسلام كما يقول علمائنا وفقهائنا فنحن نتوحد بالميدان.
فالآن الحركة الإسلامية برمتها لم تتقدم إلا بعد أن تبنت وطبقت فكر الشهيد فتحي الشقاقي، حتى إخواننا في حماس لم يتقدموا ولم يأخذوا هذا الزخم إلا بعد أن التزموا وطبقوا فكر الشقاقي في الميدان وإن حاولوا أن ينكروا ذلك ولكن لم يتقدموا إلا بفكر الشقاقي. وحمل الشقاقي شعار "لن نقبل بالمطلق بتقسيم فلسطين" و"فلسطين كلها عربية وإسلامية"، كما حمل شعارات تمجد الشهيد وتمجد المقاومة تدعوا للوحدة الفلسطينية ولرص الصفوف في مواجهة العدو الصهيوني.

أثر الشقاقي على القضية الفلسطينية
لما انطلق هذا المشروع كان هناك من سبق بالنضال في منظمة التحرير والجبهة الشعبية والديمقراطية وغيرها، ولم ينطلقوا من المظلة الإسلامية، فلما انطلق الدكتور الشقاقي بمشروعه الجهادي الإسلامي لم يفتح باب الخصوم مع هؤلاء وقال لنا عدو مركزي واحد وهو العدو الصهيوني ويجب أن تتوجه كل السهام والحجارة لمحاربة هذا العدو الصهيوني.
وكان الإسلاميين في تلك المرحلة ينادوا بالتربية ويغيبون الجهاد في سبيل الله وينادوا بعدم مشروعيته، وبدأو يطاردوننا بالمساجد ويغلقون الأبواب ويثيرون التهم والشائعات وقاموا بالاعتداء على بعض الرموز ومنهم كان الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي.
وبدأ تتطور الفكرة من الكلمة التي عبئت الجمهور بالفكر الجهادي الثوري إلى الانطلاق بثورة السكاكين ومن ثم ثورة الحجارة ومن ثم الرصاصة كما كان زخمها في معركة الشجاعية، وثم العمل الاستشهادي، وكان العملية النوعية "عملية بيت ليد" الشهيرة التي نفذها الاستشهاديين "صلاح شاكر" Ùˆ"أنور سكر" وهذا الواقع أدى إلى الاحترام الكبير من قبل الإخوة في أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية فاحترموا بشدة حركة الجهاد الإسلامي لوعيها ولمركزيتها ولعدم انجرارها عن الصراع مع العدو الصهيوني، وبعد أن  كانوا يتهمون الإسلاميين بالرجعيين والمتخلفين، أصبحوا يقولوا بكل عزة هذا هو الإسلام وهذا هو دوره في الساحة الفلسطينية. وكان الإخوة في الحركة الإسلامية والدعوية التي كانت ترفض مقاومة الاحتلال حتى كانوا لم يكونوا يذكروا آيات القران التي تحث الجهاد.
فلما بدأ مشروع الجهاد الإسلامي يضرب بجرأة في الأرض وبدأ يشكل تيار واسع في الشارع الفلسطيني سواء بالضفة الغربية أو بقطاع غزة، بدأت الجماهير تزحف إلى المساجد التي تلقى بها مثل هذه الخطب، وبدأ يجبر هؤلاء على أن يقتربوا شيئا فشيئا من هذا الفكر حتى كانت الانتفاضة الأولى.

اغتيال الشقاقي
العدو الصهيوني حينما قام بإبعاد الشقاقي ظن أنه بإبعاد الدكتور الشقاقي كونه العقلية المفكرة والقيادي الأبرز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين انه يوجه ضربة قاسية للجهاد الإسلامي، ولكن بالعكس مكر العدو عاد إلى نحره كما قال تعالى "إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا" وقوله تعالى "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي أعطى زخما أكثر لحركته بعد أن كان مقيدا داخل السجن أصبح الاتصال مع الداخل الفلسطيني بصورة أسهل مما كان داخل السجن ورسائله التي كان يوصلها. ومن جانب أخر فتح الساحات الخارجية يتنقل بينها ليروج لفكرته ويعرف الناس بمشروعه الجهادي مما أعطى زخما وقوة وفعالية اكبر خصوصا على مستوى الدعم المالي لحركة الجهاد الإسلامي. وقوة العمليات الفدائية والاستشهادية التي حدثت كان الاحتلال يحمله المسئولية عنها، فبدا يقوم بعدة محاولات لقتل الشقاقي ليتخلص منه ظنا انه باغتيال الشقاقي سوف يغيب مشروعه ، حتى تمكن عام 1995 من اغتياله في جزيرة مالطا، حينما كان يحمل الشقاقي هم الفلسطينيين، كانت هناك مشكلة مع بعض الفلسطينيين اللاجئين العالقين على الحدود الليبية فالدكتور الشقاقي لم يتحمل ذلك، وذهب محاولا حل المشكلة مع العقيد القذافي آنذاك، لكن العدو الصهيوني كان قد وصل عبر عملائه إلى اسم الشقاقي ورقم جواز سفره رغم أنه يحمل اسما مستعارا، إلا أنه تمكن من رصده وتم عملية اغتياله.
فنزل خبر استشهاده كالصاعقة على حركة الجهاد الإسلامي وعلى الشعب الفلسطيني، فهبت فلسطين بأسرها تهتف باسم الشقاقي وفكر الشقاقي ونهج الشقاقي.  ÙˆØ¹Ù„Ù‰ الأثر تلقائيا تم تكليف الدكتور المجاهد "رمضان عبد الله شلح" ليكون أمينا عاماً لحركة الجهاد الإسلامي ويواصل مشروع الجهاد والمقاومة بعد الشهيد المعلم "فتحي الشقاقي".

الشقاقي الأديب
الدكتور الشقاقي رغم أنه مثقف ومفكر من الطراز الأول على مستوى المشروع الإسلامي إلا انه كان أديبا وكان يكتب الشعر، وكانت مجلة المختار كانت تحمل له قصيدة شعرية وتميز شعره بالشعر الجهادي الثوري، وكان شعره يحث على العمل والجهاد والمقاومة.
ومن كتبه كتاب "الخميني الحل الإسلام والبديل" وكان هذا في عام 1978 لما بدأت ملامح انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية على الشاه، هذا الشاه الذي كان يمثل المشروع الأمريكي وكان يود أن يفتح سفارة للكيان الصهيوني في إيران، فحينما بدأ الإمام الخميني ثورته ضد الشاه الظالم وضد المشروع الاستكباري ضد الشاة، فالدكتور الشقاقي كتب ذلك مؤيداً للثورة الإسلامية الإيرانية ومنبها أن الخميني سينتصر والمشروع الإسلامي سينتصر واستقبل الكتاب من قبل الجماهير بنهم كبير.
وقدم الشقاقي بحوثا عن كل الرموز التي طرحها، لما طرح مثلا عز الدين القسام كتب بحثا عنه، ولما طرح الإسلام الثوري، قدم بحثا "هل في الإسلام ثورة" وعاد إلى جذور القران.
فكان الدكتور الشقاقي مبدع بهذا الجانب ولا استطيع ذكر جميع الكتب والروايات والمقالات التي كتبها الشقاقي لكثرتها.
وأريد أن أنوه إلى الكتاب الذي جمعه رفعت السيد أحمد عن الأعمال للشهيد الدكتور فتحي الشقاقي "وسماه الأعمال الكاملة للشهيد الشقاقي" رغم أنه ناقص ومازالت بعض رسائل الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي التي كان يرسلها من السجن غير موثقة. وفي بداية لم يكن يكتب باسمه لأنه كان مطاردا فكان يكتب بعدة أسماء ومنها "عز الدين الفارس".

رسالة للمقاومة
نقول للجميع بأن استشهاد الرموز المؤثرين لا ينهي مشاريع المقاومة، الدكتور الشقاقي اغتاله العدو الصهيوني ولكن حركة الجهاد الإسلامي لم تنتهي بل مازالت بفعالية وبقوة، واغتالت الشيخ احمد ياسين ولم تنتهي المقاومة، واغتال عرفات وذلك لم ينهي مشاريع المقاومة، وإنما استشهاد القائد يعطي مصداقية للفكر والشخص، ويعطي عنفوان لأبناء القائد ليستمروا على الطريق ويصبح هذا عهدا على الأبناء. استشهاد الشقاقي رحمة الله زاد مشروع المقاومة مصداقية وقوة وصلابة وعهد على مواصلة الطريق.
المشاهد اليوم أن مع المشروع الإسلامي الثوري المشروع الصهيوني أصبح يتراجع للخلف، حينما نذكر عام 1967 كان العدو الصهيوني يعتبر نفسه على طريق قيام "دولة الكيان الكبرى" حسب الوعد التوراتي المزعوم من الفرات إلى النيل، ولكن مع المشروع الجهادي الثوري هرب من قطاع غزة ، وبدأ الآن يبني جداراً أمنيا وبدلاً من أن كان يفتح الحدود ليصل للدولة بات الآن ينغلق خلف الجدر الأمنية، ظنا منه أن الجدر الأمنية سوف توفر له الأمن، وفق قول الله عز وجل "وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله"، فهذا من انجازات المقاومة وانتصارات حركة الجهاد الإسلامي.
وما يحدث الآن في الساحة العربية هو انتصار لفكر الشهيد فتحي الشقاقي، فقد كان يقول أن الشعوب هي أداة التغير، وكان يقول إن هذه النظم العربية التي أقيمت "نظم التجزئة" هي نظم حماية أقامها الاستعمار لكي تحمي الكيان الصهيوني من حركة الشعوب، والآن الشعوب بدأت تأخذ دورها وتسقط هذه النظم وتأخذ دورها في مواجهة الكيان الصهيوني، وجميعنا شاهدنا الثورة المصرية وهي تطرد السفير الصهيوني وتطالب بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد.
الذي يحصل بالمنطقة هو انتصار لفكر الشقاقي، فالنظم التي كانت تشكل الحماية للكيان الصهيوني بدأت تتهاوى وتسقط، باتجاه الهدف الأكبر وهو إزالة الكيان الصهيوني من الوجود وفق سنن التاريخ وسنن القران الكريم.

رسالة للشعب الفلسطيني
لقد اختص الله عز وجل الشعب الفلسطيني ليكون رأس حربة مقاومة المشروع الاستكباري في المنطقة، كما اختار مدينة مكة لتكون  منطلق مشروع الرسالة الأولى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، واختار أهل بدر ليكونوا عنوان الأول في العمل الجهادي، وأنت يا شعب الفلسطيني اختارك الله لتكون رأس حربة هذه الأمة بتصديك للمشروع الاستبكاري الأمريكي الصهيوني، وما تقدم من شهداء فهذا على طريق الارتقاء والصعود والفوز بالجنان ولزوال الكيان الصهيوني. فشهدائك الذين يرتقون لا يذهبون للموت بل يذهبون إلى الجنان.
وإلى أسرانا البواسل أقول رحلتكم كلها في سبيل الله وينطبق عليكم قول الله تعالى"قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ""، ألامك التي تعيشها هي في سبيل الله عزتك وارتقائك وفي سبيل انك في طليعة هذه الأمة اختارك الله عز وجل.
وأدعوا الشعب الفلسطيني للتوحد والابتعاد عن الحزبيات والخصومات، لأن إسلامنا يوحدنا ونحن أصحاب مشروع واحد. فكر حركة الجهاد الإسلامي هو فكر وحدوي يرفض الحزبيات ويرفض التعصب للأحزاب ويفتح القلوب أمام الجميع، ويفتح المساجد ودور العبادة أمام الجميع.

(المصدر: مهجة القدس)