والدة المحرر هزاع السعدي.. عاد ولدي بعد 28 سنة من الغياب

في مقر المقاطعة بمدينة رام الله بقيت والدة الأسير المحرر "هزاع السعدي" من مدينة جنين، على كرسي بلاستيك بالقرب من أحد الأبواب ولم تتحرك، ولم تقبل الحديث عن ابنها ولا عن شعورها بأنه سيعود إليها بعد غياب أكثر من 28 عاما.
تقول والدته: "انتظرته سنوات طويلة، حتى أراه دون قضبان تمنعني من ضمه إلى صدري، وأفرح فيه كما كل الأمهات".
السعدي كان قد اعتقل في العام 1985، لقتله صهيوني، حكم على إثرها بالسجن المؤبد مدى الحياة، وهو وحيد والدته التي بقيت وحيدة وأربعة شقيقات؛ خاصة بعد موت والده قبل عشر سنوات.
وحين وصوله المقاطعة ومعانقته لها انطلقت فرحا وأخذت تطلق الغناء والمواويل والزغاريد قائلة: "طليت يما وطل الندى بذيالك... وغبت يما وذاب القلب على غيابك"، وراحت تردد "الآن صار عندي ابن".
تقول السعدي: أنها هيأت له كل شيء، البيت واللباس وما يلزمه لتعويض حياه الحرمان التي عاشها في السجن، فلم يبق من العمر الكثير، وهو الذي يبلغ من العمر 47 عاما.
السعدي واحد من 21 أسيرا أستقبلهم ذويهم في المقاطعة الساعة الثانية فجرا، حيث عطل الاحتلال الإفراج عنهم من سجن عوفر العسكري القريب إلى ما بعد الساعة الواحدة، فيما نقل 5 آخرون إلى قطاع غزة.
وكما أن عائلة السعدي استقبلت ابنها المحرر هزاع بزفة عريس "سيارة مزينة بالورود وطبق من حنا وشموع"، كانت العائلات الفلسطينية الأخرى بانتظار أسراها الذين غابوا عنها منذ العام 1984 ويزيد.
فكانت حلقت الدبكة والرقص والغناء في كل مكان في المقاطعة، فيما ارتفع صوت النساء بالغناء - الأغاني الشعبية الفلسطينية - ولم تنقطع أصوات الزغاريد خلال خمس ساعات متواصلة من الانتظار.
من بين العائلات كانت والدة الأسير عيسى عبد ربه من بيت لحم، والتي وصلت إلى المقاطعة على كرسي متحرك، قالت: "كنت سآتي ولو حبواً على ركبتي"، لا أريد أن يصل ابني ولا يجدني في استقباله".
وكما تقول والدته: فإن الإيمان بالله وحده هو من كان يصبرها على غيابه الطويل، وكانت تدعو الله ليل نهار لعودته، ولم يخذلها "بفضل من الله خرج عيسى اليوم... رضوا أولم يرضوا.. ربنا أطلعه من سجنه".
الأسرى اعتبروا الإفراج عنهم استحقاق تأخر لسنوات، فبحسب الاتفاقية كان من المفترض الإفراج عنهم مع التوقيع على اتفاقية أوسلو قبل 20 عاما.
الأسير هزاع السعدي قال: "هو أجمل أيام العمر أن نخرج إلى النور من جديد ونلتقي بعائلاتنا ونرى هذا الاستقبال الكبير الحمد لله على كل شيء".
وتابع السعدي: "بالرغم من محاولات الاحتلال عرقلة خروجهم واللعب بأعصابهم من خلال تأخير موعد الإفراج عنهم، إلا أنهم لم يستطيعوا نزع فرحتنا من داخلنا".
وقال: "خروجنا من السجن كان حلما وأصبح واقعا، ها نحن اليوم نكسر السجان ونخرج إلى الحرية من جديد، ورسالتنا للجميع بضرورة التوحد خلف قضية الأسرى في السجون الصهيوني حيث أنهم يعيشون ظروفا سيئة للغاية".

(المصدر: فلسطين اليوم، 30/10/2013)