حسن ترابي.. أسير وشهيد

بقلم/ خالد معالي

جريمة حرب جديدة يرتكبها الاحتلال، يندى لها جبين الإنسانية؛ فبعد استشهاد الأسير عرفات جرادات، والأسير ميسرة أبو حمدية؛ أتى دور الشهيد الأسير البطل، حسن الترابي ابن قرية صرة جنوب نابلس؛ ليصل عدد الأسرى الذين جرى قتلهم في أقبية التحقيق والسجون إلى 208 من الأسرى الشهداء.
زاده جمالا وطيبا؛ أن يجمع بين الشهادة والأسر معا؛ فالشهيد الترابي عرف عنه أنه كان يرفض مقاومة الشموع والدموع، والاستسلام للأمر الواقع السيئ، والتغيير لا يحصل مجانا وبلا ثمن.
اعتبر الشهيد الترابي أن تقديم روحه الطاهرة هو أقل شيء يمكن له أن يقدمه مهراً للوطن، وأن عليه كبقية المؤمنين بحتمية طرد المحتل؛ أن يقدم الغالي والنفيس في سبيل رفع الظلم عن شعبه، وكان له ذلك.
الأسير الشهيد الترابي؛ أبى إلا أن يقدم روحه في أصعب الظروف، مأسورا محروما من العلاج والدواء؛ ولكنه قبل أن يرحل؛ أوصى بمواصلة المشوار حتى طرد المحتل، وتكثيف وتفعيل مناصرة الأسرى في سجون الاحتلال.
لمن لم يجرب المرض داخل الأسر، فإن الأسير حين يمرض تتلكأ إدارة السجون في علاجه، وتبتزه وتضغط عليه، وعندها يصبح السجن مجرد نزهة للأسير المريض، ويموت ويتعذب في الساعة ألف مرة، والزمن يتوقف عندها بالنسبة له، وينسى الأسير حريته تحت ضغط وجع وألم المرض الذي هو بلا علاج في السجون.
ماذا ينفع "نتنياهو" الذي يدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان - كذبا - مواصلة سياسة إعدام وقتل الأسرى ببطء، وتعذيبهم كأنهم ليسوا من جنس البشر؟.
حادثة استشهاد الأسير الترابي؛ سبقها استشهاد أسرى آخرين، وهي تعد مثالاً حياً على إجرام سلطات الاحتلال، التي لا تعير ولا تقيم وزناً للإنسان الفلسطيني، وتتلذذ بتعذيبه حتى وهو يصارع الموت جراء السرطان، والإصرار على إهماله طبياً.
الشهيد الترابي سيرته عامرة بالعطاء والتضحية؛ فهو أحد أبناء فلسطين المحتلة، الذي استشهد وهو يقاوم - حتى النفس الأخير-  Ø§Ù„احتلال والسجان والإهمال الطبي، وكان له ما كان يتمنى من الشهادة، مع الصديقين والشهداء والأبرار، وحسن أولئك رفيقاً .
الشهيد الترابي فارق الأهل والأحبة، ولكنه أوقف الدم في عروقنا، مطالبا بالصعود درجة فوق عادة الشجب والاستنكار، الذي لا يزعج الاحتلال في العادة، وحاثا كل حر وشريف أن يتحرك، ولو بأضعف الإيمان.
الأسرى الذين عاشروا الشهيد الأسير الترابي أشاروا إلى أنه كان مثالاً للأسير المعطاء، والأخلاق العالية، وتقليم وقطع أسباب الخلاف بين الأسرى، وأن الجميع أحبه لدماثة أخلاقه وسموها.
بينت حادثة الأسير الترابي؛ توحد المشاعر والهم الفلسطيني المشترك بالنسبة للأسر، وما يفرق الشعب الفلسطيني هو الاحتلال، وما يجمعه كثير وكثير جدا؛ ومن هنا فإن مواصلة الانقسام؛ هو أمر يخجل كل حر وشريف من مواصلته، وحانت ساعة دفنه، فهل من مجيب هذه المرة يا ترى؟!.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 6/11/2013)