مؤسسة مهجة القدس ©
الشهيد ترابي ووالداه.. مشاهد الوداع الأخير
"Øسن صØته كتير منيØØ© ونصØان (زاد وزنه)Ø› جاءت خالته "آمنة علي"ØŒ بـ "الخبر اليقين"ØŒ لم تترد ÙÙŠ إخبار أسرته بما رأته بعينيها، يوم أن زارته ÙÙŠ سجن "مجدو"Ø› هذا الشاب النØيل الذي سلب الاØتلال Øريته، ÙÙŠ يوم "أسود" بداية هذه السنة، يزداد وزنه! من الشهر الماضي؛ عادت آمنة بعد أن أتمت الزيارة، دون ابنها الأسير ÙÙŠ ذات السجن، وبلا Øول منها ولا قوة، راودها الاعتقاد بأن Øسن ترابي، أكبر أبناء شقيقتها، يزداد وزنه، وأن صØته تتØسن، لكن اعتقادها ما كان صائبا بالضرورة، وما رأته بعينيها ما كان ليعبر عن الواقع.
الواقع Ù†Ùسه لم ينتظر كثيرا؛ العائلة تلقت على مضض من الاØتلال، نبأ نقله غلى مستشÙÙ‰ العÙولة ÙÙŠ 16 من الشهر الماضي، لتلقي العلاج، وأيَ علاج هذا، الأطباء هناك كانوا يسعون إلى دÙع مرض السرطان المتÙشي ÙÙŠ أنØاء جسده؛ لم يكن وزنه إذن ÙÙŠ ازدياد، بل كان جسده ÙÙŠ "انتÙاخ"!.
كعادته الاØتلال؛ كان قد اعتقله لمّا شن Øملة اعتقالات شملته، مع علمه بأن هذا الشاب كان يعاني من خبث المرض مذ كان صغيرًا، لكنه لم يلتÙت إلى شيء من هذا، واقتاده إلى Ø£Øد سجونه الظلامية، دون Ù…Øاكمة.
"لما وصل المستشÙى، كان أوّل أيام عيد الأضØÙ‰ المبارك، قعدنا مع الدكتور كان "خالصاً" (Øالته الصØية سيئة)ØŒ ÙØص الأطباء ضغط دمه،وأخذوا صور أشعة لشرايينه، التي بدت مسدودة، وعانى من نزي٠ÙÙŠ الدم، أعطوه كميات دم كبيرة، لكن أصابه تجلط الدم"Ø› والكلام لأبيه.
لم يجر الأطباء له أي عمليات جراØية؛ يتابع أبوه أن السبب "كان تعبير الأطباء عن خشيتهم من أن أي عملية Ù„ÙØªØ Ø´Ø±Ø§ÙŠÙŠÙ†Ù‡ØŒ ممكن أن تسد شرايين ثانية وتقضي على الشاب، Ùكان الاكتÙاء بالمسكنات، لمعالجة انتÙاخ البطن، والنزي٠ÙÙŠ المعدة"! Øسن لم يتØدث إلى والده، بل كان مكتÙيًّا ب"الإشارات"ØŒ أو أن أوجاعه كانت تجبره على الاكتÙاء؛ "كان قليلاً ما يتØدث إلينا، ويعطينا إشارات مثلاً لإقÙال الشباك، أو إطÙاء الضوء، ويظل أغلب الوقت صاÙنًا (ينظر دون كلام) مش عار٠بÙكر ÙÙŠ إيش"! أهم الكلمات التي سمعها من والده، هي: "شد Øيلك، إن شاء الله بتتØسن، وبتقوم بالسلامة.."Ø› خلال Ùترة تزيد عن أسبوعين، قضاهما ÙÙŠ المستشÙى، بعد أن كان يملأ السجن دمًا من جسده، وخلاياه، وشرايينه، Ùيما الاØتلال يقابل كل ذلك ب"أكامول"ØŒ مخصص لتسكين الآلام الخÙÙŠÙØ© ÙÙŠ الرأس.
شهادةٌ ÙÙŠ "الانتÙاخ"! "من تاني يوم ÙÙŠ عيد الأضØى، زرناه ÙÙŠ المستشÙى، كانت Øالته صعبة أكتر مما تصور، طلع لا بتØرك ولا اشي، منÙّخ، وعليه الأجهزة، ÙÙŠ العناية المركزة، وبعد أسبوع كامل Øكى كل إشي صار معاه"ØŒ تتابع والدته رواية المشهد، هذه المرة.
كان "الوضع مش من يوم واØد، تضخم الكبد والكلى والشرايين تÙجرت، لأكثر من شهر؛ بسبب الإهمال الطبي، كنت أرجّع (أتقيَّأ) الدم، وبطني منتÙخ، ورأسي يوجعني"Ø› تلك كلمات "خالدة" وصلت من الشهيد الترابي إلى والدته! هي تقول Ù„"Ùلسطين": "الØمد لله أننا صبرنا، وقابلنا الأمر بالإيمان بقدر الله"Ø› Ù…Ùتبعةً كلامها بأن ابنها الذي أنجبت إلى جانبه ولدا آخر، وابنتين، كان يعاني من مرض اللوكيميا، أي سرطان الدم، مذ كان يبلغ من عمره 11 سنةً.
ولئن كانت أمه صابرةً، Ùهذا Øال آمنة أيضًا، التي تØنّ لمواقÙÙ‡ معها، إذ "يقرصها من وجهها"ØŒ Ùتقول له مازØةً: "Ø±ÙˆØ Ø§Ù‚Ø±Øµ إمك"ØŒ Ùيبتسم ÙÙŠ وجهها، ابتسامةً ظلت عالقة ÙÙŠ ذاكرتها
إلى الآن.
آمنة لما زارت ابنها الأسير ÙÙŠ سجن "مجدّو"ØŒ بعد ذلك أخبرها بأن Øسن يصارع المرض، وأن إدارة سجون الاØتلال تعامله كما تعامل بقية الأسرى، ÙˆÙÙ‚ معادلة: "إذا كنتَ مريضًا بألم ÙÙŠ الرأس، أو الأذن أو مصابًا بالسرطان وأعتى الأمراض، Ùالعلاج: أكامول"! آخر أيامه! "يا جماعة ÙÙŠ رائØØ© كريهة من تمي (Ùمي) ومناخيري، كل ما Ø£Ø±ÙˆØ Ù„Ù„Ø·Ø¨ÙŠØ¨ØŒ بيعطيني Øبة أكامول أو مسكن، ويقولي عدها بتروØØŒ لكن أنا دايخ، وما بقدر أوقÙØŒ Øاسس بألم Øاد، ÙˆØرارة عالية"Ø› خاطب Øسن، ابن خالته المعتقل ÙÙŠ ذات السجن، قبل نقله إلى المستشÙÙ‰.
طلب Øسن الذهاب إلى "الØمّام"- يروي زوج خالته- وهناك رأى الدماء تخرج من أنÙه، ÙˆÙمه بشكل لا ÙŠÙصدّق، طلب الطبيب Ùأعطاه مسكّنًا أيضًا، ÙˆÙÙŠ منتص٠الليل زاد وضعه الصØيّ سوءًا، Ùقد الوعي، ونقلوه إلى المستشÙÙ‰ Ùاقد الوعي.
يتابع: "هذا لدرجة أن دمه كان يصل إلى أدنى مستوياته، كان باختصار ÙÙŠ صراع مع الموت، يعطونه ÙˆØدات دم، بلا نتيجة، ليس لديه كبد أو Ø·Øال، وشرايينه مسدودة، الاØتلال نقله إلى المستشÙÙ‰ ليس رأÙØ© Ùيه، لكن خوÙًا من ردة Ùعل الأسرى".
صارع Øسن الموت إذن؛ بعد أن كان الاطمئنان قد تسلل إلى أسرته تجاه صØته، قبل أن يأسره الاØتلال، Ùهو مصاب بسرطان الدم مذ كان Ø·Ùلاً، ويخضع للمراقبة الصØية، وهذا ما كان يدÙعهم إلى التÙاؤل، الذي ما أبقى الاØتلال منه شيئًا! الاØتلال لم يأبه بأن Øسن مصاب بالسرطان، واعتقله برÙقة 13 آخرين من قرية صرة غربي نابلس المØتلة، وبينما كان الاØتلال يؤجل "Ù…Øاكمته" ÙÙŠ كل مرة، لم يكن من السهل على أبويه زيارته، كونهما "مرÙوضيْن أمنيًّا"! "ابنÙكم Ùارق الØياة"Ø› إذن Øسن استرد Øريته، لكن كشهيد، ÙŠÙضا٠إلى قائمة تضم ما يزيد عن 200 من شهداء الØركة الأسيرة، الذين لا تزال السلطة تسكت عن Øقوقهم، وتجمّد الأوراق التي تملكها بدلاً من ملاØقة الاØتلال.
تلقى أبوه وأÙراد عائلته الخبر ب"صبر وإيمان"ØŒ ولم يبق لهم إلا المطالبة بالإÙراج عن بقية الأسرى قبل أن تÙتك دولة الاØتلال بØقوقهم الإنسانية، وتذكّر طموØات ابنهم العشريني؛ "الاستقرار والزواج، والØصول على مهنة"ØŒ لعله ÙŠØققها ÙÙŠ الجنة!.
يختم زوج خالته الكلام: "Øسن نموذج، وورقة ÙÙŠ الشجرة الÙلسطينية، نأس٠على سقوطها من الشجرة، ونتمنى أن لا يكون مصير كل الأسرى لاسيما المرضى، ÙÙŠ سجون الاØتلال هو ذات مصير Øسن"!.
(المصدر: صØÙŠÙØ© Ùلسطين، 7/11/2013)