الشهيد المجاهد تامر الحمري: مجاهد فطنٌ ورجلٌ صلبٌ

هي البطولة المسطرة بحروف الكبرياء تنتقل ثورتها من جيل إلى جيل، بين ليالي العرس الفلسطيني الذي يعرش على ضفاف القلب، و يمتد بين مسافات الانتظار و يسافر في ليالي الحناء تخضب أيدٍ و أعناق زيّنتها السلاسل والقيود لتهدي الرجال بهاءً، إذا تباهت النساء بالأساور والعقود، هي حكاية الشهداء التوّاقين دوماً لعرس الدم مع إشراقة كل صباح، وحكاية فارسنا "تامر الحمري" الذي أبى الخنوع والخضوع رغم شراسة العدوان وأصر على مواصلة طريق ذات الشوكة حتى نال شرف الشهادة في ميدان الشرف والعزة في معركة السماء الزرقاء.
فاليوم نتحدث عن حياة الشهيد المجاهد "تامر خالد الحمري" مسئول وحدة المدفعية لسرايا القدس في لواء الوسطى.

يعمل للآخرة
وعن حياة الشهيد وصفاته الكريمة والتي يتمتع بها كل المجاهدين الشهداء والأحياء، تحدث والد الشهيد والذي ما زال قلبه يعتصر ألماً على فراق ابنه فقال بعبارة سبقتها أهات الفراق: "لا أستطيع أن أذكر كل مواصفات تامر لما فيها من أشياء مفقودة من الآخرين، كان محبوباً بيننا في العائلة والأقرباء والأصدقاء وأبناء الحي، كان شخصاً لا يبحث عن الدنيا وما فيها من مغريات كان رجلاً مجاهداً يعمل للآخرة ويتمنى أن يرتقي شهيداً ليرزق بالجنة".
وأضاف: "تامر كان مميز عن إخوانه في الالتزام والطاعة لوالديه، وكان ذو أخلاق رفيعة وعالية مع كل من عرفه، وكان مواظب على الصلاة في جماعة، ويحث الجميع عليها، كذلك كان يشارك إخوانه المسلمين في كافة المناسبات إضافة إلى تفرغه الكامل للجهاد في سبيل الله".

أحب الشهادة
وعن سبب انضمام تامر للعمل الجهادي في صفوف سرايا القدس فقال والده: "الشهيد تامر منذ نعومة أظافره وهو يحب الجهاد والاستشهاد، وكان ملتزم في الجلسات الدينية التي تقام في المساجد، ومنذ نشأته وترعرعه تعلق تامر بهواية ركوب الخيل وحبه للسلاح وكل من يحمل السلاح ويقاتل في سبيل الله".

الصبر والاحتساب
وعن كيفية استقبال الأسرة لنبأ استشهاد تامر قال: "كنا نشعر ومنذ اللحظة الأولى أن تامر مقبل على الشهادة حتى في اللحظة الأخيرة من استشهاده وبدء العدوان على غزة، كنا نتوقع خبر استشهاده في أي لحظة".
وتابع والد الشهيد قائلاً: "استقبلنا خبر استشهاد تامر رحمه الله بالحمد والشكر لله عز وجل أنه وهبه الشهادة في سبيله وهي أسمى الأماني التي يتمناها الرجل المؤمن بالله تعالى، ولا يبتغي من الدنيا شيء إلا العمل الصالح، وقد وهبت تامر شهيداً في سبيل الله قبل استشهاده بيومين بعد أن انتهت من إحدى الصلوات وادعوا الله أن يتقبله شهيداً". 

مواقف لا تنسى
أما أواخر لحظات الشهيد المجاهد تامر الحمري كان لها صدى لن يغيب من ذهن عائلته ففي آخر المواقف التي حصلت بين الشهيد وذويه والتي كشف عنها والديه فقال: "طلبت والدته منه أن تزوجه وبعد إلحاح شديد منها، وافق على الزواج حيث أنه تعمد على وضع مواصفات تعجزية للزوجة ليرضي والدته ولا يستمر في رفض طلبها، فقالت له والله يما هذه موصفاتك التي وضعتها لا توجد في الدنيا بل أنها في الجنة فقط (الحور العين).
كما واستذكر والد الشهيد بعضاً من حياة نجله  ÙÙŠÙ‚ول: "عندما كان يأتي تامر للبيت كان لا يجلس كثيراً فكان فقط يريد أن يأخذ شيء من البيت أو يريد أن يأكل، فكانت والدته تقول له: "يابني اقعد طيب شوي خلينا نشوفك مشتاقة لك" فيرد عليها قائلأ: "مستعجل يما بدي الحق اطلع... وبعد استشهاده قالت كلمة أبكت الجميع "استشهد تامر وأنا مشتاقة له"ØŒ لكثرة غيابه عن البيت للعمل في سبيل الله وإعداد العدة للجهاد والمقاومة، هكذا العظماء جل وقتهم في سبيل الله لا يبتغون إلا رضاه والشهادة في سبيله.

رسائل جهادية
وفي رسالتين من والد الشهيد تامر الحمري، فيقول في الرسالة الأولى والتي وجهها لأهالي الشهداء: "يا أهالي الشهداء عليكم بالصبر والسلوان، إن هذه المسيرة المفعمة بدماء الشهداء يجب أن تستمر للوفاء لدماء الشهداء العظماء والذين قدموا أرواحهم من اجل الإسلام وفلسطين، وأن طريق الشهداء هي الطريق المثلى للوصول إلى جنات الخلد بإذن الله".
أما الرسالة الثانية فهي موجهة للمجاهدين في سرايا القدس والمقاومة: "أبنائي المجاهدين يجب عليكم الحرص كل الحرص من العدو الصهيوني الغادر، والوحدة والترابط وهذا يؤدي إلى الوصول إلى الهدف الأسمى لتحرير فلسطين كل فلسطين، والحرص من العملاء الخونة، وعليكم الحفاظ على الانتصار وبذل كل الجهود التي تطور المقاومة في أدائها وتجهيزاتها العسكرية لتحرير فلسطين من هذا الكيان الغاصب، أحبابي المجاهدين أنا فخور بكم وبسرايا القدس والمقاومة الفلسطينية، فخور باستشهاد ابني تامر من أجل الإسلام وفلسطين وفخور جداً بأنني فلسطيني وأعيش على هذه الأرض الطاهرة والمقدسة".

تامر الأخ والأب
كان تامر رجلاً ملتزم جداً وكان باستمرار يحثنا على الصلاة والالتزام حتى أنه كان دائما يحث أصدقائه على الالتزام وترك الدنيا وما فيها من مغريات والتقرب لله تعالى.. هكذا تحدث حمودة شقيق الشهيد بدموع محبوسة بين جفون العين فقال: "تامر رحمه الله عليه وصاني على أهلي وإخواني وأخواتي وحثني على المزيد من الالتزام والسير على طريق الجهاد، فتامر كان يمثل لي الأخ والأب والمربي والصديق حيث أنه كان يهتم بنا اهتمام كبير ويحافظ علينا ويحثنا على تعاليم الدين الحنيف والمواظبة على الصلاة والالتزام الديني والتعامل مع الآخرين تعامل إسلامي بحت".
أما أحمد شقيق الشهيد تامر قال: "تامر كان ملتزم جداً، أخلاقه عالية مؤدب محترم مع الأهل والأقرباء خاصةً مع أعمامة وأخواله وكل من عرفه، كان عنيد على المحتل طيب مع الجميع عطوف وحنون علينا وعلى أقاربه وجيرانه، فكان جل وقته للعمل في سبيل الله لا نراه إلا القليل، كان يوصينا على الأهل والأخوة والأصدقاء والالتزام ومواصلة طريقه طريق الجهاد والمقاومة من أجل التقرب لله تعالي والعمل على رضاه".

نهج الجهاد
وعن حياته الجهادية في صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والتي تحدث عنها "أبو محمد" أحد قادة السرايا بكتيبة دير البلح فقال: "المجاهد تامر رحمه الله لا يكل ولا يمل من العمل الجهادي، فكان جل وقته في العمل الجهادي مع إخوانه في سرايا القدس، حيث عشق الشهيد منذ صغر سنه الجهاد والمقاومة كمعظم أبناء شعبنا المرابط". 
وعن بداية حياة الشهيد في صفوف حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري قال أبو محمد: "انضم الشهيد "أبا سياف" إلى حركة الجهاد الإسلامي مع بداية عام 2001م وعمل بين إخوانه في التنظيم حيث شارك في جميع الفعاليات التي كانت تنظمها حركة الجهاد في ذالك الوقت وبعد التحاق الشهيد في الحركة كانت عيناه ترنو إلى الجناح العسكري سرايا القدس المظفر، حيث التحق شهيدنا في صفوف السرايا عام 2002م بعد عدة اختبارات للشهيد أثبت جدارته فيها، وانخرط بين المجاهدين وتم تدريبه في عدة دورات عسكرية وكذلك مشاركته في الحراسة والرباط في سبيل الله.
وتابع القيادي في السرايا: "بعد عام تلو العام أصبح الشهيد تامر الحمري من أبرز قادة Ø³Ø±Ø§ÙŠØ§ القدس الميدانيين بلواء الوسطى لتمتعه بالذكاء العسكري بعد أن أثبت جدارته وشخصه في صفوف السرايا عبر عدة عمليات ومهام جهادية شارك فيها شهيدنا ومنها: الرصد والاستطلاع لمواقع ومستوطنات العدو، وإطلاق النار على الدوريات الصهيونية العسكرية قرب الشريط الحدودي، وخوض اشتباكات مع القوات الخاصة قرب مستوطنة كفار داروم سابقاً، والمشاركة في التصدي لقوات الاحتلال التي كانت تتوغل في أراضينا قبل الاندحار الصهيوني من غزة عام 2005Ù…ØŒ وزرع العبوات الناسفة لقوات الاحتلال وسط قطاع غزة، والمشاركة في عملية الصيف الساخن ( كوسوفيم) عبر عملية إسناد للمجاهدين، وإطلاق قذائف الهاون والصواريخ على المغتصبات والمواقع الصهيونية ØŒ والمشاركة وبقوة في عملية السماء الزرقاء الصاروخية ØŒ حيث قام بقصف مواقع العدو بقذائف الهاون وصواريخ الـ107.

وختم أبو محمد القيادي في سرايا القدس بكتيبة دير البلح، بتجديد العهد والبيعة مع الله ورسوله ثم دماء الشهداء على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة حتى التحري والتمكين بإذن الله.

(المصدر: سرايا القدس، 20/12/2012)