غياب الأسير محمد الدحلة.. يترك فراغاً في نفوس الأبناء

تحدق "تالا" ابنة الأعوام الثلاثة بشاشة التلفاز وتحفظ جميع أغاني الأطفال التي تتحدث عن الأبوة عن ظهر قلب.. لتذهب حال تنتهي الأنشودة وتحمل صورة والدها الأسير وتغنيها له ثم تقول: "عندما تأتي يا أبي سأحتضنك كما تحتضن الفتاة التي شاهدتها والدها".
كلمات مؤلمة ومشهد أكثر إيلاماً لمن يراه في تالا ابنة الأسير محمد حسن عبد الله دحلة (35 عاماً) من مدينة رام الله، والذي اعتقلته قوات الاحتلال الصهيونية من أمام أبنائه عندما اقتحمت منزله بتاريخ 14/6/2012، بعدد هائل من الجنود ملؤوا أرجاء المنزل.
وبالحديث عن قصة اعتقال الأسير الدحلة، والذي يعمل مدرساً في إحدى مدارس رام الله الخاصة، تؤكد زوجته أم ثابت، والتي كانت حاملاً في شهرها الثامن حينما اعتقل، أن الاحتلال قدم لمنزلهم الذي كان يتواجد فيه محمد مع خمسة من أصدقائه، وتم اعتقال جميعهم.
وتضيف: "طوق الاحتلال في ذلك اليوم المنزل بأكمله بل ولم يكن هناك فراغ في المنزل إلا ويقف فيه جندي صهيوني مدجج بالسلاح، والكلاب البوليسية من حوله، والتي سببت الذعر لأطفالي الذين أخذوا يبكون ويصرخون من شدة الخوف".
قيد الجنود محمد وأمروه بالسير أمامهم، وعينيه لا تتوقف عن النظر إلى "ثابت، وتالا" Ø§Ù„صغيرين، الذين أغرقت عينيهما الدمعات عليه، أما زوجته فبكلماتها أخذت تصبره وتهون عليه.
وبعد قرابة الشهر، وبينما محمد لا يزال في سجنه غير محاكم، أنجبت الزوجة عبد الرحمن، في جو من الحزن والألم على بعد الزوج، لكن فرحة ثابت وتالا بأخيهم الأصغر وابتهاجهم به، خففت قليلاً من ألم العائلة  فكانت تالا وشقيقها ثابت لا يغادران غرفة أخيهما عبد الرحمن وهما ينظران إليه ويلاعبانه.
وذكرت الزوجة أن ثابت كان قد حول فور اعتقاله لسجن عوفر الذي لا زال يقبع فيه حتى الآن".
وبعد أشهر أربعة تمكنت عائلة الأسير الدحلة من زيارته، وكان لا يزال غير محكوم، لكن تلك الزيارة حملت  ÙÙŠ خلجاتها بشرى مولوده الجديد (عبد الرحمن).
وتشير أم ثابت إلى أنها ممنوعة من الزيارة، أما "تالا، وثابت" ÙÙŠØ²ÙˆØ±Ø§Ù† والدهما مع جديهما باستمرار، بل وترسخ في مخيلتهما متى سيكون موعد الزيارة القادمة له.
أما فيما يخص الحكم، قال مدير مركز أحرار فؤاد الخفش: "أنه حكم على محمد بالسجن 3 سنوات بالإضافة إلى غرامة قيمتها 65000 شيكل، بتهمة تشكيل مجموعات "إرهابية" والانتماء إلى تنظيم معادي وتشكيل خلايا لتنفيذ ضربات ضد أهداف صهيونية.
وبعد صدور الحكم.. شعر الأبناء أن أباهم لن يأتي في الوقت الذي ينتظرون، فتالا على الدوام كانت تقول لأمها: "أعلم يا ماما إن والدي في السجن لكنني لم أنساه.. أنا أحبه وسأبقى أحبه للأبد.. وعندما كانت تشعر باشتياقها له أكثر كانت تحمل صورته وتقبلها صباح مساء".
أما ثابت، فتشير والدته إلى أنه لا يزال متأثراً حتى اللحظة من حادثة الاعتقال، وأنه يفتقد عدم وجود والده معه ويكون بجانبه في يوم العيد ويذهب معه للصلاة ولزيارة الأقارب، ورغم محاولات الأم بل وجهودها في عدم تركهم وحيدين ولو للحظة؛ إلا أن غياب الأب يترك فراغاً في نفوس الأبناء.

(المصدر: مركز أحرار، 10/12/2013)