أبناء الأسير عماد عصفور.. يعيشون حياة مليئة بالحزن بعدما كانت مليئة بالدفء والسعادة

في بعض الاعتقالات التي تجري من قبل قوات الاحتلال في بعض من المنازل، يسمح للأسير المتزوج والذي له أبناء بأن يودعهم ويلقي عليهم نظرة قبل خروجه من المنزل، لكن بعض الحالات يكون الاعتقال عبارة عن عملية "اختطاف" خارج المنزل، فيحرم الأب الأسير من وداع صغاره.
تلك العملية (لاختطاف) جرت مع الأسير عماد راجح عبد اللطيف عصفور 39 عاماً، من بلدة يعبد قضاء جنين، فبعد أن كان يعيش عماد مع زوجته وطفليه دليلة وعبد اللطيف حياة جميلة مليئة بالحب والدفء، أصبح الآن يعيش حياة مليئة بالحزن والبعد والفرقة والشتات بعد أن جرى اعتقاله.
وقبل أن تبدأ أم عبد اللطيف، زوجة الأسير عصفور بالحديث عن قصة اعتقال زوجها قالت: "بأن حياتهم بسيطة جميلة، فهما متزوجان منذ 16 عاماً وأنجبا دليلة ومن ثم عبد اللطيف المدلع من أبيه  ب"عبود"ØŒ وفجأة كل شيء تغير وغاب عنا عماد، وكبر الأبناء وأنا أراهم في كل يوم يكبرون أكثر فأكثر".
وتقول أم عبد اللطيف: "بدأت قصة اعتقال زوجي المفاجئة بتاريخ 24/1/2001، عندما كان مع أخي في سيارة على طريق يعبد، وكانت قوات من جنود الاحتلال قد نصبت حاجزاً متحركاً هناك على الطريق، ثم قامت بإيقافهم وتفتيشهم وتفتيش السيارة بدقة بالغة، ومن ثم أطلقوا سراح شقيقي بينما بقي زوجي في قبضتهم".
"وعندما رجع أخي من مشواره، سألناه جميعاً عن عماد"؛ لكنه قال: "إن جنود الاحتلال اعتقلوه، وفي تلك اللحظة.. أسئلة كثيرة كانت تدور: لماذا؟ ما الذي جرى؟ أين هو الآن؟".
وتضيف الزوجة: "كان عمر ابنتي البكر دليلة عندما اعتقل زوجي عاماً وأشهر قليلة، أما عبد اللطيف فكان عمره 10 أشهر، إلا أنهم الآن وبعد أن كبروا، أصبحوا يحملون في صدورهم غصة كبيرة".
تم وضع أبو عبد اللطيف إلى مركز التحقيق في المسكوبية لمدة 125 يوماً متواصلة، لا تدري فيها العائلة أي المعلومات عن وضعه الصحي ولا تدري ما مصيره، وبقيت الزوجة تداري حزنها مع طفليها منتظرة أي خبر عن عماد.
وبعد أكثر من عام، حكمت المحكمة الصهيونية على الأسير عماد بالسجن 15 عاماً، بعد أن وجهت له تهماً بالتحريض على المواجهات مع جنود الاحتلال.
لم تكن عائلة الأسير عماد وزوجته يتوقعون ذلك الحكم عليه، وأنهم في قلق دائم من حيث وضعه الصحي، حيث ذكرت عائلته أنه يعاني من إجهاد في عضلة القلب، ومن آلام في المعدة، نتجا لديه منذ الاعتقالين عام 1993 لقرابة عامين، فظل هذا المرض يلازمه حتى الآن في سجنه.
أما الزوجة التي تلقت أمر الحكم بصبر وتسليم، لم يمنعها قلبها من الحزن على طفليها الذين تركهما عماد وراءه، فكانت تصر دائماً حتى وبالرغم من الحرارة الشديدة في فصل الصيف، وبالرغم من الأمطار والشتاء القارس، على أخذهما لزيارة والدهما ورؤيته.
وتشير أم عبد اللطيف، إلى أن دليلة وعبد اللطيف، والذين يبلغان من العمر الآن 13 عاماً و14 عاماً، يذكرونها بموعد الزيارة، وعندما تكون هناك مناسبات كالأعياد وافتتاح المدرسة فإنهم يقولون لي: "نريد الذهاب للسجن بالملابس الجديدة حتى يراها بابا".
وتضيف أم عبد اللطيف، أن الاحتلال قام بنقل زوجها من سجن لآخر على مدار سنوات اعتقاله، إلى أن تم وضعه  أخيراً في سجن إيشل.
وتطرق فؤاد الخفش مدير مركز أحرار  Ø¥Ù„Ù‰ حادثة تعرض لها زوجها عام 2002ØŒ وبالتحديد عند اقتحام قوات الاحتلال لسجن عسقلان الذي كان يتواجد به، حيث قامت القوات بالاعتداء على الأسرى هناك مما أدى إلى إصابة عماد إصابة بالغة أدت إلى جرح كبير في رأسه وأدت إلى كسر في أنفه، وكانت تلك الهجمة نتيجة احتجاجات الأسرى على أوضاعهم في السجون.
ولا زال الأسير عماد راجح يعاني على إثر ذلك الحدث الذي ضجت به وسائل الإعلام في كل مكان في تلك الفترة، لكنها لم تحرك ساكناً تجاه ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات داخل السجون، ولم تتخذ حتى قراراً يدين تلك الجريمة، وهو ما يجعل الاحتلال متمادياً في كل ما يفعل تجاه الأسرى الفلسطينيين.
وتشير العائلة، بأن الحكم الذي صدر ضد ابنهم أذهب من حياته الكثير وضيع عليه تحقيق أمنياته وخاصة دراسة التمريض التي بدأها ودرس فيها عاماً واحداً فقط في بدايات العام 1993 ثم تعرض للاعتقال.
عبد اللطيف ودليلة… حديثهما كان مليئاً بالألم على والدهما، وأخذا يصفان السجن ويقولان: "إن أبي يعيش في مكان غير جميل وغير نظيف ومخيف.. ونحن لا نريده أن يكون في ذلك المكان، بل نريده أن يكون في مكان أجمل ومعنا ونتمنى ذلك عن قريب.

(المصدر: مركز أحرار، 10/12/2013)