"غرفة رقم 4".. مكان لتعذيب أطفال القدس

وجد الطفل الفلسطيني أحمد داود صيام 15 عاماً نفسه ضحية للاعتقالات التعسفية التي تنفذها شرطة الاحتلال الصهيوني ضد الأطفال والقاصرين في القدس المحتلة.
وبعد أن اعتقل 15 مرة بالسنوات الأخيرة اختار أحمد العزلة لفقدانه الثقة بالمجتمع وخوفه من بيئة الاستيطان والعسكر التي تهيمن ببلدته، ليجد نفسه على هامش الحياة الاجتماعية وقد تسرب من دراسته ويعيش هواجس الاعتقال والتحقيق.
ووثق مركز "مدى الإبداعي" ببلدة سلوان خلال الأعوام الثلاثة الماضية نحو 3300 حالة اعتقال سجلت بحق القاصرين المقدسيين منها قرابة 1200 حالة سجلت منذ مطلع العام الحالي، وتنفذ غالبية الاعتقالات ساعات الفجر بدهم للمنازل أو ساعات النهار باعتراض الوحدات الخاصة والمستعربين طريق الطفل خلال وجوده بالحي السكني.
ويبدأ مسلسل القمع والمعاناة، كما يقول أحمد "لحظة دهم واقتحام قوات الاحتلال لمنزل العائلة مروراً باقتياد الطفل مكبلاً إلى سيارة الشرطة وما يصحب ذلك من اعتداء بالضرب المبرح سعيا لإدخال الطفل بجو من الرعب يسبق ساعات التحقيق في "غرفة رقم 4"، إذ تهدف هذه الممارسات القمعية والإجراءات التعسفية إلى "ترويض النشء والأطفال وقمع المقاومة الشعبية".

أسلوب الصفقات
ويشير إلى أن طواقم التحقيق التابعة لجيش الاحتلال، التي تكون مدججة بالأسلحة تقوم باستعمال أساليب الضغط النفسي واعتماد لغة العنف والتهديد والوعيد مع الطفل الذي يحرم لساعات من الأكل والشرب والنوم ومنعه من قضاء حاجته، وغالباً ما يبول الطفل بملابسه نتيجة الهلع.
ويضيف "غالباً ما يتم اعتماد أسلوب الصفقات مع الأطفال ومطالبتهم بإدلاء بمعلومات عن أفراد العائلة والأصدقاء والطلاب بالمدرسة أو أي نشاط بالحي السكني مقابل الإفراج، وبعضهم يجد نفسه مضطراً لسرد حكايات والبوح بمعلومات لحماية ذاته من الضرب والتنكيل والضغط النفسي".
من جانبه، سرد" داود صيام" والد الفتى أحمد كيف تعرض ثلاثة من أطفاله للاعتقال 36 مرة، في عمليات اقتحام لمنزله فجراً بقوات مدججة بالأسلحة "بحيث تكون مشاهد الاعتقال والتحقيق راسخة في ذهن الطفل".
وأوضح صيام  -الذي يعمل سائق سيارة أجرة أن الطفل الذي يتعرض للاعتقال يعيش في عزله ويفقد ثقته بمن حوله والبيئة التي يعيش بها ويعزف عن الحياة الاجتماعية بالتسرب من مقاعد الدراسة، ويكون عرضه لمظاهر الجنوح وتتعزز لديه مشاعر التمرد على العائلة والمجتمع لشعوره بأن الاعتقال والتنكيل تهديد لحياته وأن والده عاجز عن توفير الحماية له.
ومع تصاعد وتيرة الاعتقالات، أطلق مركز "مدى الإبداعي" حملة تضامن عالمية مع الأطفال المقدسيين الذين يتعرضون للاعتقال من قبل شرطة الاحتلال الصهيوني، وذلك من خِلال معرض فني فوتوغرافي بعنوان "غرفة رقم 4" التي ترمز لمقر التحقيق مع "الأقليات" وهي أحد أقسام معتقل "المسكوبية".

معرض
وجاب المعرض عديد المدن الفلسطينية، وسينتقل بحلول عام 2014 للعديد من العواصم الأوروبية بهدف فضح انتهاكات الاحتلال أمام الرأي العام الدولي.
وقال المنسق الإعلامي للحملة والباحث الميداني بالمركز محمود قراعين إن "الغرفة رقم 4" تحولت إلى كابوس في حاضر كل طفل مقدسي، إذ يعتقد للوهلة الأولى أنها غرفة تحقيق عادية، لكن في حقيقة الأمر ووفق إفادات وثقها المركز "تكشفت صورة قاتمة حول ما يتعرض له الأطفال فيها من قمع".
ووفق قراعين فإن "الصور الفنية تعكس ما تشهده أقبية التحقيق من معاناة وتنكيل وتعذيب نفسي وجسدي مصحوب بالإذلال والإهانة وأجواء من الخوف والترهيب والضرب في سبيل انتزاع اعترافات من الأطفال سعياً لتوجيه لوائح اتهام ضدهم ومواصلة محاكمتهم حتى فرض السجن الفعلي عليهم وإلزام عائلاتهم بدفع غرامات باهظة".
ولفت إلى أن الطفل يخضع بشكل يتنافى والأعراف والاتفاقات الدولية للتحقيق وهو مقيد، وقد تتواصل فصول الاستجواب حتى الفجر دون مرافقة لذويه ومحاميه، ويتم الزج بالقاصرين في غرف فيها جواسيس من الفئة العمرية ذاتها، وذلك سعياً لتسجيل اعترافات منهم وكذلك محاولة إسقاطهم وتجنديهم للعمل مع الشرطة وقوات الأمن، ليتحول الطفل إلى "جاسوس" رغماً عن أنفه.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 28/12/2013)