رسالة من الأسير أسامة شاهين إلى طفله: دموعك جمرٌ في قلبي

حُسين.. دموعك جمرٌ في قلبي..
طفلي حبيبي... بشوق ولهفة أحتاج إليك، فأنت الهوى الذي أتنفس شهيقا وزفيرا، فحنيني لك يمتطي كل لحظة أحياها ويرتسم على شباك الزنزانة.
حُسين... أنت لست طفلا عاديا كباقي الأطفال، فقد كتب عليك عناء هذه الحياة من صغرك، فكيف لا وأنت تستيقظ قبل مؤذن الفجر تستعد لزيارتي تقطع أرض فلسطين شرقا وغربا بمدنها وقراها، وتقف على بوابة السجن منتظراً لخمس ساعات، ويخضعونك لتفتيش دقيق، وعبر سرداب طويل إلى غرفة الزيارة.
يشهد الله لقد صدق قلبي مع كل دمعة تدحرجت على وجنتيك وكأنها جمرات تكوي فؤادي، أعلم بني تعبك ومشقتك وبعد المسافة، وحجم العواطف التي يطويها بُعد الغياب.
حُسين... يا لهفة متبادلة تخترق جدران وزجاج الزيارة محبة ثائرة تفرض نفسها، فالحب حسين عطاءً وتضحية، تنفرج شفتاه الصغيرتان "بابا بحبك"، "بابا بدي أدخل عندك"، شعور عذب وطيب، حنان متدفق نبت في أحشائك وكأنك تقول لي والدي أجتمع بقلبي وعقلي لك، فأنا أتقدم وأخترق الأسلاك، أزحف إليك وأجتاز الحراس وأصل إليك، أريد أعانقك.
حُسين حبيبي... إنك لا تحتاج لشهادة لأنك في قلب المواجهة، أي تضحية وأي فداءٍ وأي جَلدٍ هذا، أقدر ذلك طفلي وأنت تبكي تُريد الدخول إلى غرفة الزيارة بعد أن قطعت الحواجز والمسافات الطويلة.
حبيبي... حياتي... عيوني... قلبي... أملي... إن ضاقت عليك، وأنهالت عليك الأحزان والصعاب، خُذ قلبي لك، وخذ فكري لك يذلل الصعاب، خذ يدي أقلع بها الأشواك، وإذا شعرت بالوحدة والفراق فاعلم أن قلبي سيجتاح الحدود والأسلاك، يسابق الرياح ليعيش ساعات الحنان بجوارك.

بني... لقد حرقتني دمعة عينك لما تناثرت على وجنتيك، وتمنيت أن لا أراك إلا مبتسما، فأنت تخبئ في قلبك الأمل، وفي عينيك أرى الأمل الواعد، بني سيجمعنا رب العزة عما قريب إن شاء الله تعالى.
 

والدك المخلص والمحب
أسامة شاهين
سجن النقب الصحراوي

(المصدر: أسرى فلسطين، 30/12/2013)