الأسرى المحررون يعانون شعورًا بالغربة بعد الإفراج عنهم

يعاني الكثير من الأسرى الفلسطينيين الذين يتم الإفراج عنهم بعد سنوات من الاعتقال، من شعور عميق بالغربة في مجتمع يشعرون بتبدله منذ غيابهم عنه.
ويقول حلمي الأعرج الذي يدير مركزا للحريات والديمقراطية وأمضى عشر سنوات في السجون الصهيونية، بأن الغربة لدى الأسير بعد إطلاق سراحه "شعور عادي يعاني منه غالبية من يطلق سراحهم بعد أن يمضوا سنوات طويلة في الاعتقال".
ويؤكد عصمت منصور الذي أمضى عشرين عاما في السجون الصهيونية وأطلق سراحه في الدفعة الأولى من الأسرى القدامى قبل حوالي شهرين، هذا الشعور بالغربة مع أنه عاد للعمل في مكتب تنظيمه الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
ويقول :"بالتأكيد شعرت بنوع من الغربة عندما أطلق سراحي فكل شيء تغير منذ عشرين عاما، المباني والبني التنظيمية".
ويضيف، "حتى العمل التنظيمي الذي اعتدنا عليه قبل عشرين عاما بين الوديان والتلال أصبح اليوم في المكاتب، وهناك سلطة تحاول العمل كأنها دولة رغم أنها تحت الاحتلال".
ويتابع "بالفعل هناك إشكالية في إمكانية المواءمة ما بين اللغة التي كانت سائدة في الماضي وبين الواقع الذي نعيشه اليوم".
ورغم دفع السلطة مبالغ مالية للأسرى المحررين، إلا أنه لا يتم إخضاعهم لأي برامج اجتماعية أو إرشادية باعتبار أن الأسير الفلسطيني يحظى برمزية بطولية لدى المجتمع.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس: "إن التأهيل النفسي والاجتماعي يتم للذين يسجنون على قضايا سرقة وقتل، لكن في حالة الأسرى يرفضه البعض بسبب قدسية وأهمية الأسير لدى المجتمع الفلسطيني"، لكن الأخوين نائل وعمر البرغوثي اختارا تجاوز هذه المسألة.
فنائل ينتعل جزمته البلاستيكية صباح كل يوم ويرتدي زيه المخصص للعمل، ويذهب إلى أرضه في بلدته كوير شمال رام الله في الضفة الغربية لحراثتها وزراعتها.
واعتاد البرغوثي أحد الفلسطينيين الذين أمضوا أكثر سنوات حياتهم في السجون الصهيونية، على هذا العمل منذ أن غادر السجن قبل عامين وثمانية أشهر. ويعمل معه شقيقه عمر البرغوثي الذي أمضى 25 عاما في السجون الصهيونية أيضا.
ويقول نائل البرغوثي الذي انقطع عن قريته لأكثر من ثلاثين عاما، إن أكثر ما آلمه هو هجر الناس للعمل في الأراضي.
وأشار البرغوثي الذي ينتمي إلى حركة حماس، إلى أكثر من مئتي دونم تطل على منزله الذي بناه حديثا. وقال إن "هذه المنطقة كنت أتذكر قبل أن يتم اعتقالي أنها كانت خضراء، وكان أهالي القرية يعملون فيها ليلا ونهارا".
وأضاف " لكن اليوم انظر إليها.. أنها جرداء قاحلة.. أنه مشهد يؤلمني كلما نظرت إليه".
ويبرر نائل اهتمامه بالأرض بالقول "إذا لم نهتم نحن بأرضنا ونعتمد على إنتاجها سنبقى دائما رهنا بما يخططه الآخرون لنا".
ولا يشعر البرغوثي ولا شقيقه عمر بالندم على السنوات التي أمضياها في السجن، معتبرين هذه السنوات "ضريبة للوطن".

ويقول نائل البرغوثي بتهكم معبرا عن شيء من شعوره بالغربة "كنا نزرع القمح بالأطنان، واليوم الجيل الجديد اختار البيتزا بدلاً عن كل ذلك".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 30/12/2013)