"إعادة اعتقال المحررين" باب دوار يرسخ سياسة المطاردة

تحاول سلطات الاحتلال الصهيوني زرع اليأس في نفوس الأسرى المحررين وأهاليهم، ونزع فرحة نيل الحرية من حياتهم، من خلال إعادة اعتقالهم من جديد تحت دواع وحجج واتهامات مجهولة وغير معلنة، في إطار "الاعتقال الإداري"، من أجل إيصال رسالة للجيل الفلسطيني الصاعد أنه سيبقى ملاحقا ومطاردا ولن ينالك حقه بالأمن والاستقرار.
وشنت قوات الاحتلال الصهيوني خلال الساعات الماضية حملة اعتقالات واسعة في مدينة القدس المحتلة طالت عددا من الأسرى المحررين.
وأفاد رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب أن حملة الاعتقالات شملت عددا من الأسرى المحررين الذين أمضوا عدة سنوات في سجون الاحتلال وهم: هيثم الجعبة، خليل غزاوي، جودة جودة، محمد الهدمي، مؤيد بيبوح، حامد بيبوح، وعبد صالح بكيرات.
وفيما يخص محرري صفقة تبادل الأسرى عام2011 ، أفاد المتخصص في شئون الأسرى عبد الناصر فروانة، بأن سلطات الاحتلال أعادت اعتقال 23 أسيرا كانوا قد تحرروا في إطار الصفقة، وتهدد بإعادة اعتقال المزيد من المحررين.
وأوضح فروانة في تقرير له صدر مؤخراً، أن "الحكومة الصهيونية لم تحترم الاتفاقية ولم تلتزم ببنودها ونصوصها وفقا لما أعلن عبر وسائل الإعلام، ووضعت كافة من أفرج عنهم في إطار الصفقة في دائرة استهدافها، وأقدمت على إعادة اعتقال 23 أسيراً وأسيرة تحرروا في إطار تلك الصفقة، تحت حجج واهية وبهدف الانتقام منهم بناء على أوامر عسكرية قديمة وجديدة، وتهددهم بفرض الأحكام السابقة عليهم أو إبعادهم إلى غزة وخارج الوطن".

محاولة لزرع اليأس
وأوضح الأسير المحرر نائل البرغوثي، أن الاحتلال الصهيوني يتعمد إعادة اعتقال الأسرى المحررين لأسباب عديدة، منها تحذيرهم من العودة لأي أعمال تضر أمن الكيان الصهيوني، أو بدواعي خطورة المحرر عليهم خاصة لو كان يقيم في منطقة ملتهبة مثل جنين أو نابلس أو الخليل أو القدس، أو لأن مدة معاقبة الأسير بسجنه، لم تكفِ ضباط جيش الاحتلال ليشفوا غليلهم منه.
وأكد البرغوثي أن سياسة إعادة اعتقال الأسرى تهدف إلى بعث حالة من اليأس والإحباط في نفس الأسير المحرر وأهله وللشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن هذه سياسة ممنهجة تأتي في إطار كسر إرادة الشعب الفلسطيني وصموده التاريخي أمام الاحتلال.
وأضاف: "كسر صمود الشعب الفلسطيني أمر مستحيل جداً، وفشل الاحتلال كثيراً في تحقيق هذا الحلم على مدار السنوات الماضية، وهو يحاول مرة جديدة استهداف شريحة الأسرى المحررين أصحاب التجارب التاريخية في الصبر والصمود، وبالتأكيد سيفشل كما فشل سابقاً في تحقيق أهدافه".
وبيّن البرغوثي أن الاحتلال يسعى لإرسال رسالة إلى الجيل الفلسطيني الجديد، "أن من يقف أمامه وأمام إرادته ومخططاته واستهدافه للشعب الفلسطيني ولكل ما هو فلسطيني، سيكون مصيره مثل مصير الأسرى، اعتقال لسنوات طويلة ومن ثم ملاحقته وإعادة اعتقاله من جديد، ولكن الحقيقة أن هذا الأمر بات طبيعياً لدى شعبنا".
وتابع الأسير المحرر: "لا يوجد فرد فلسطيني واحد لديه حصانة من جبروت الاحتلال، النائب كالمواطن، والقائد كالجندي، والرجل كالمرأة، والشيخ كالطفل، ليس هناك قوانين خاصة بأية فئة، بل هناك قوانين جائرة تحكم الجميع دون استثناء وتضعهم تحت مقصلة القهر والظلم، ولكن صمود الفلسطينيين سيبقى أكبر من كل ذلك".
من ناحيته، أكد مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر، أن الاحتلال يسعى لإعادة اعتقال الأسرى المحررين مجدداً، تحت إطار "الاعتقال الإداري" الذي يعاقبهم مجدداً بالسجن دون أدلة إدانة أو اتهامات أو محاكمات، ما يشير إلى سياسة إسرائيلية متبعة لكسر إرادة المحرر الفلسطيني بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام.
وقال الأشقر: "هذه سياسة ممنهجة من قبل الاحتلال حيث لا تترك الإنسان الفلسطيني ينعم بحريته حتى يتم إعادة اعتقاله مجدداً تحت إطار سياسة الباب الدوار، دون وجود أي دليل على إدانته بأي تهمة جديدة".
وبيّن أن الاحتلال يتعمد إتباع هذه السياسة من أجل جعل الشعب الفلسطيني في دائرة الملاحقة المستمرة وإحداث الزعزعة في نفوسهم وعدم الحصول على الأمن والاستقرار وجعلهم مطاردين على مدار الوقت ومسلوبي الحرية بعيداً عن أهاليهم وأبنائهم ودراستهم وحياتهم، مضيفاً: "هكذا هو الاحتلال، فهو لا يرغب بإحداث الأمن في المنطقة المحتلة حتى يحقق كل مطامعه، ولكن الشعب الفلسطيني يأبى الانكسار".
وضرب الأشقر مثلاً على الأسير عمر البرغوثي الذي أمضى نحو 25 عاماً في سجون الاحتلال ومن ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى دون اتهامات، مفيداً بأن هناك ما يقارب من 10-15 حالة اعتقال يومياً تتم في الضفة الغربية.
وتابع: "هذه الاعتقالات عادةً ما تستمر لساعات وربما لأيام، ويفرج عن بعضهم ويتم اعتقال البعض الآخر وتقديمه للمحاكمة تحت مسمى الاعتقال الإداري الذي لا يستطيع فيه المتهم معرفة الاتهامات ضده أو سبب اعتقاله".
واستطرد مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات: "لا يجوز أن يعاقب الإنسان على فعل مرتين، وخاصة محرري صفقة تبادل الأسرى عام2011 ، الذين يلاحقون بشكل مستمر على أفعال سابقة".
وطالب بوقفة جادة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان لتعرية الاحتلال من ممارساته وفضحه أمام العالم، كما دعا السلطة الفلسطينية أن توظف مكانتها في الأمم المتحدة لمحاكمة قادة الاحتلال ورفع قضايا جنائية ضد الكيان الصهيوني الذي يمارس الإرهاب ضد شعبنا الفلسطيني.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 8/1/2014)