الشهيد المجاهد "نافع جميل السعدي": زُف شهيدًا قبل أن يُزف عريسًا

ميلاد مجاهد
ولد الشهيد المجاهد "نافع جميل السعدي" بتاريخ 15/3/1984، في مخيم جنين العصي على الانكسار، وعاش وتربى الشهيد في كنف أسرة كريمة مجاهدة تمسكت بالإسلام العظيم منهجاً ودستور حياة، فمنذ نعومة أظافره عرف الشهيد طريق المساجد ومجالس الذكر والعلم، وتتكون أسرته من والديه وأربعة أخوة وست أخوات، وكان ترتيبه الثامن من بينهم.
ودرس شهيدنا مراحل التعليم المختلفة في مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في المخيم، وأنهى المرحلة الثانوية، ولكن لم يكمل داسته الجامعية بسبب ملاحقة قوات الاحتلال وأجهزة سلطة "دايتون" له.
وتميز شهيدنا بالعديد من الصفات النبيلة فقد كان هادئ الطبع جميل اللسان، كان حريصاً على زيارة رحمه، وباراً مطيعاً بوالديه وعاملاً بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحرص على إتمام صلاته في وقتها وقراءة القرآن ومشاركة إخوانه المسلمين في كافة المناسبات؛ إضافة إلى تفرغه الكامل للعمل الجهادي والمقاوم في سبيل الله.

حياة حافلة بالمقاومة
وتعرف شهيدنا نافع على حركة الجهاد الإسلامي في سن مبكر من عمره، حيث عمل ضمن الإطار السياسي والاجتماعي والدعوي لحركة الجهاد الإسلامي، وشارك في كافة فعالياتها وأنشطتها، وارتبط بعلاقات واسعة مع العديد من القادة الشهداء.
وفي خضم انتفاضة الأقصى، اختار شهيدنا البطل الانتقال إلى العمل العسكري في صفوف سرايا القدس ضد المحتل في زمن ماتت فيه كل الهمم وغابت فيه كل القيم، حيث شرع شهيدنا نافع ومعه ثلة من المجاهدين المخلصين العمل ضد العدو الغاصب بكل الإمكانات المتاحة.
وعرف الشهيد نافع بإخلاصه في عمله لله، وكان معروفاً بإقدامه وشجاعته الباسلة، وتصديه المتواصل للاعتداءات المتكررة للقوات الصهيونية على قرانا ومدننا ومخيماتنا الفلسطينية بالضفة الغربية، فكان لا يتوانى عن الخروج لمواجهة الاحتلال في كافة ميادين الجهاد والمقاومة بمخيم جنين "الأسطورة"، فارسًا مغامرًا مسافرًا نحو العلا فخاض المعارك تلو المعارك، حتى كان استشهاده بعد معركة بطولية استبسل فيها.

عائلة الشهداء والمجاهدين
وينتمي شهيدنا المجاهد نافع السعدي إلى عائلة فلسطينية مجاهدة قدمت نحو 15 شهيدًا وأكثر من 25 أسيرًا وأسيرة، وعشرات الجرحى، ولازالت متمسكة بخيار الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين، ومن أهم الشهداء الذين قدمتهم عائلة السعدي الشهيد القائد الشيخ فرحان السعدي، والشهيد القائد لؤي السعدي، والشهيد القائد أشرف السعدي، والشهيدان المجاهدان التوأمان "إبراهيم وعبد الكريم" نجلي الشيخ المجاهد بسام بالإضافة للشهداء "يوسف وأمجد وسامر وعلاء وفارس ومحمود السعدي..." وهناك العديد من أبناء العائلة لا زالوا معتقلين لدى قوات الاحتلال ومحكوم عليهم بأحكام متفاوتة، وعدد منهم لا زالوا ملاحقين من قبل أجهزة أمن السلطة، وهناك أيضاً عدد من الأسرى المحررين منهم الشيخ بسام السعدي وابنه عز الدين وشقيقه غسان بالإضافة إلى المحررة "قاهرة السعدي وغيرهم، فيما لازالت زوجة الشيخ بسام "نوال السعدي" معتقلة في سجون الاحتلال.

قصة استشهاده
وكانت وحدات صهيونية خاصة، تساندها قوات من المستعربين، داهمت، مخيم جنين، مساء يوم الأربعاء 19/12/2013 واقتحمت منزل الأسير جمال أبو الهيجاء، مما أدى إلى استشهاد نافع السعدي من سرايا القدس في اشتباك مسلح وإصابة ابن عمه بجراح، خلال تصديهم لقوات الاحتلال التي اقتحمت المنزل.
وحول قصة استشهاد نافع السعدي تقول ابنة الأسير جمال أبو الهيجا، أن الشهيد نافع وابن عمه علي وعدد من الشباب قدموا إلى منزلهم لتهنئة شقيقها حمزة بمولود شقيقه الأسير عبد السلام الجديد "عز الدين".
وتابعت حديثها قائلة: "الشهيد نافع أحضر معه الحلوى وبدأ بتوزيعها على الشباب الحضور، لكن فرحتنا لم تدم طويلاً، حيث اقتحمت قوة خاصة منزلنا وبدأت بإطلاق النار والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع داخل المنزل"، مؤكدةً أن الشهيد نافع الذي كان مطلوباً للاحتلال، فتصدى للقوات الخاصة واشتبك معها فيما انسحب جميع الشباب من البيت.
وأشارت إلى أنها وكافة أسرتها لم تعلم شيء عن مصير شقيقها حمزة ومن كان بضيافته إلا بعد الساعة الخامسة بعد تضارب الأنباء حول مصيره ومصير من معه، سائلة المولى عز وجل أن يتقبل الشهيد نافع في جنان رحمته. 

زُف للحور العين
أما والد الشهيد نافع، الحاج جميل، فرغم صعوبة الأمر، أعرب عن رضاه التام وشكره لله على منته وفضله واصطفاءه لنجله نافع شهيداً في سبيله لأجل دينه ووطنه، وقال: "كان نافع يستعد للزواج، وهو أخبرني بذلك، فكان استشهاده وزفافه إلى الحور العين في مسيرة شارك فيها الآلاف من كافة شرائح المجتمع، أجمل عرس له".
وأضاف: "لقد زُف ابني إلى عروسه "الحور العين" في جنان الرحمن، وليس هناك أجمل من كرم الله وفضله".

(المصدر: سرايا القدس، 19/12/2013)