معاناة عائلات الأسرى السياسيين لا تقف عند حد "الموت"

تُلقي الاعتقالات السياسية في الضفة المحتلة بكاهلها على المواطن الفلسطيني وعائلات المعتقلين السياسيين التي تكابد مرارة استمرار اعتقال أبنائها في سجون السلطة بأشكال مختلفة، بلغت ذروتها بعد وفاة والد أحد الأسرى السياسيين في جنين، كما توفي من قبله والد أسيرٍ آخر في نابلس.
وأصاب نبأ وفاة المواطن مصطفى سمودي 48 عاما من بلدة اليامون أول أمس الثلاثاء، المواطنين بالصدمة، في ظل استمرار نهج الاعتقالات الذي تمارسه أجهزة أمن السلطة.
وفارق السمودي الحياة بعد إصابته بجلطة قلبية أثناء تواجده أمام مقر محافظة جنين، معترضا على اعتقال نجله الأسير المحرر من سجون الاحتلال "أديب سمودي" والذي قضى فيها 5 سنوات رهن الاعتقال، والمعتقل حاليا لدى أجهزة السلطة.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في تصريح صحفي، أن السمودي دخل المستشفى عندما تدهور وضعه الصحي بعد اعتقال نجله أديب، موضحة أن وضعه ازداد خلال فترة اعتقال ابنه، حتى صعدت روحه الطاهرة صباح الثلاثاء 2/11، بعد حياة ملؤها العطاء والتضحية، أحسن فيها تربية أبنائه على حب القرآن وزرع فكر الجهاد والمقاومة في نفوسهم.
وحملت الحركة أجهزة أمن السلطة مسؤولية استشهاد سمودي وتبعاتها، مؤكدة أنها تنظر بعين الخطورة المحدقة لتصاعد نهج الاعتقالات المتنامي في الضفة، ودعت الفصائل الوطنية للتحرك العاجل للجم أجهزة سلطة رام الله على أحرار الشعب الفلسطيني ومجاهديه الشرفاء الضفة المحتلة.
وانتقدت الحركة صمت الفصائل الفلسطينية تجاه ما يحدث على الساحة من تجاوزات خطيرة لأجهزة السلطة، وكذلك الصمت المطبق لمؤسسات حقوق الإنسان من انتهاكات صارخة واستمرار الاعتقالات السياسية غير المبررة.
وأعادت حادثة وفاة السمودي للأذهان نفس الظروف التي توفي فيها الحاج سعدي السخل الذي فارق الحياة قبل ثمانية أشهر داخل مقر جهاز "المخابرات العامة" في سجن الجنيد في مدينة نابلس، وذلك بعد ساعات من اعتقال الجهاز له ولنجله مصعب من مكان عملهما في رفيديا.
وكان الوالد سعدي السخل رفض اعتقال الأجهزة لنجله مصعب، فقام أفراد الجهاز بإطلاق النار في الهواء قبل الزج بهما داخل إحدى السيارات، وثم قاموا بنقلهما إلى مقر المخابرات في سجن الجنيد، حيث فارق الوالد الحياة.
ومما كتبه القدر أن تعود أجهزة أمن السلطة لاستدعاء الشاب أنور السخل نجل الفقيد الحاج سعدي في ذات اليوم الذي قضى فيه السمودي نحبه في ذات الظروف.

أشكال أخرى
وفيما غيب الموت والدي أسيرين سياسيين، تعاني عائلات أسرى آخرين بالغة الصعوبة في ظل ظروفا بالغة الصعوبة في ظل غياب أبنائها لفترات طويلة عنها رهن الاعتقال.
ومن بين العائلات التي تعرضت للمعاناة، أسرة المعتقل أيوب القواسمي من الخليل الذي حرم من زيارة عائلته بعد حديث أفراد منها للإعلام عن معاناته في سجون السلطة.
أما الأسير المحرر والمهندس نجيب مفارجة من بيت لقيا، فقد تعرض للاعتداء بالضرب الهمجي أمام زوجته الأمر الذي أدخلها في وضع نفسي خطير.
وهاجم أهالي البلدة أجهزة السلطة التي حضرت لاعتقاله الأسبوع الماضي فحرمته من فرحة التخرج واستقبال المولود الجديد خلال الأيام القادمة.
وكان مفارجة أعلن أثناء اقتياده من منزله، بأنه سيضرب عن الطعام والكلام حتى يعود إلى بيته وعائلته والتي هي بأمس الحاجة له.
عبد الله بني عودة الطالب في جامعة النجاح الوطنية من بلدة طنون في طوباس نموذج آخر، فعائلته تحتبس الأنفاس من فقدانه فرصة التخرج من الجامعة خوفا مرة أخرى، حيث سجل مشروع تخرجه ليستكمل متطلبات إنهاء دراسته الجامعية؛ لكن الشك ما زال يحوم حول قدرته على إنهاء متطلبات التخرج ما لم يتم الإفراج عنه.
أشكال كثيرة للمعاناة تلك التي يعيشها أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة، لكن أقساها بلا شك يبقى وفاة آباء الأسرى حزنا على غيابهم.

(المصدر: صحيفة الاستقلال، 13/2/2014)