عشرون عاما على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل

عشرون عاما ولازالت مجزرة الحرم الإبراهيمي حاضرة في وجدان سكان البلدة القديمة بالخليل وبقية مدن وقرى فلسطين المحتلة، وكل مسلم غيور مؤمن أن قضية فلسطين هي قضيته الأولى التي يجب أن يشد إليها الرحال ويبذل في سبيل تحريرها الغالي والنفيس من المال والأرواح.
وتشهد مدينة الخليل مواجهات يومية مع جيش الاحتلال الصهيوني والمستوطنين، ولاسيما في منطقة شارع الشهداء الذي أغلقه الاحتلال في وجه أهالي الخليل لمنعهم الوصول إلى الحرم الإبراهيمي بحجة منع الاحتكاك بمستوطني مستوطنة "كريات أربع".
وتجدر الإشارة إلى أن مجزرة الحرم الإبراهيمي نفذها المجرم الصهيوني الأمريكي "باروخ غولدشتاين"، يوم الجمعة الموافق 15 رمضان الموافق 25 فبراير عام 1994م، وأسفرت عن استشهاد ما يقرب من 50 مصليا وأصيب نحو 150 آخرين بجراح مختلفة.

حكاية يرويها الشهود
ويؤكد سكان مدينة الخليل أن "غولدشتاين" لم يرتكب المجزرة وحده بل شاركه فيها جنود الاحتلال الصهيوني الذين أغلقوا باب الحرم حتى لا يتمكن المصلون من مغادرته ومنعوا كذلك سيارات الإسعاف من الاقتراب من المنطقة، وحين حاول المواطنون التدخل لنجدة المصلين قابلهم جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الكثيف مما أوقع منهم على الفور (29 شهيدا) وعشرات الجرحى.
هذا ولا زالت فصول المجزرة المروعة ماثلة أمام من عاشوا تفاصيلها المؤلمة وتجرعوا ويلاتها، وخاصة الجرحى الذين ما زالوا يعانون جراء إصابتهم فيها، ويقول الجريح شريف بركات (41 عاما) شقيق الشهيد سفيان بركات "كنت أصلي في الصف الأخير في الحرم، وبعد أن أنهى الإمام قراءة سورة الفاتحة في الركعة الأولى، سمعت صوتا بالعبرية معناه "هذه آخرتهم"، وعندما هممنا بالسجود سمعت صوت إطلاق النار من جميع الجهات، كما سمعت صوت انفجارات وكأن الحرم بدأ يتهدم علينا.. فلم أتمكن من رفع رأسي حينها وطلبت الشهادة".
وأضاف بركات "رأيت رأس أحد المصلين قد انفجر وتطاير دماغه ودماؤه على وجهي، بعد ذلك بدأ الناس بالتكبير، وبدأ الذين لم يصابوا بنقل الجرحى، وحملت طفلاً لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، فوجدت الباب مغلقا ولم يسمح لي الجندي بإخراجه، وبعد ذلك اكتشفت أني مصاب في صدري فتوجهت إلى سيارة الإسعاف التي حملتني إلى المستشفى.
أما عبد المنعم زاهدة وهو شقيق اثنين من الشهداء هما (نادر ومحمد) فيروي قصة المجزرة قائلاً: "مجزرة الحرم الإبراهيمي واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، ولن أنسى ذلك اليوم الذي روت فيه دماء الشهداء الحرم الإبراهيمي الشريف ثم ساحات المستشفى الأهلي، حيث سقط خمسة شهداء في مجزرة أخرى بعد ساعات من تبرعهم بدمائهم للجرحى".

حزن فلسطيني وأفراح صهيونية
وإذا كانت ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي تمثل تفتح جراح الفلسطينيين من جديد، خاصة أهالي الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلالها، فإن هذه الذكرى تشكل للمستوطنين اليهود المتطرفين يوما احتفاليا بمقتل منفذ المجزرة.
ففي "مستوطنة كريات أربع" يعقد العشرات من نشطاء اليمين الصهيوني المتطرف كل عام وعلى رأسهم أعضاء "حركة كاخ" العنصرية المتطرفة احتفالاً بذكرى مقتل "باروخ غولدشتاين" حيث يعتبرونه بمثابة قديس، كما وجعلوا من قبره مزارا، وقد خصص الكيان الصهيوني عددا من جنود حرس الشرف الذين يؤدون له التحية العسكرية كل صباح وإلى يومنا هذا.

(المصدر: سرايا القدس، 25/2/2014)