الاحتلال يحرم والدة الشهيد أنس علبة من الحصول على مقتنياته

لم تشفع سنوات الاحتجاز الطويلة لرفات الشهيد أنس علبة، في مقابر "الأرقام" الصهيونية، لدى ضباط وجنود الاحتلال، للرفق بوالدته المشتاقة لرؤية نجلها بتسليم جثمانه الطاهر ومقتنياته الشخصية بالكامل للاحتفاظ بشيء من رائحته.
الشهيد أنس علبة من سكان مدينة قلقيلية شمال غرب الضفة الغربية، استشهد في 17 يوليو/ تموز عام2002 ، في كمين نصبه جنود الاحتلال على المدخل الشمالي للمدينة، حيث أطلقت آليات الاحتلال النار عليه أثناء توجهه لتنفيذ عملية فدائية في الأراضي المحتلة عام1948 .
وسلمت سلطات الاحتلال، الثلاثاء الماضي، عائلة علبة جثمان الشهيد أنس، على معبر الطيبة قرب طولكرم، بعد 12 عامًا من الاحتجاز في مقابر "الأرقام"، ليشيع جثمانه في موكب جنائزي مهيب في اليوم التالي ليوارى جثمانه الثرى وفق الشريعة الإسلامية.

حسرة فوق حسرة
وتقول والدة الشهيد ودموع الحزن تتلألأ في عينيها: "قبل تسليم الجثة في معبر طولكرم بأسبوع تقريبا، حضر ضابط في جيش الاحتلال واستدعى زوجي ووجه له أسئلة منها، ماذا كان يلبس أنس قبل استشهاده؟ فعجز زوجي عن الإجابة فاستعان بي باتصال هاتفي".
وتتابع: "أجبته بأن ابني انس كان يرتدي بنطال جينز وبلوزة صفراء اللون وحذاء ذكرت له نوعه وكانت في يده ساعة، فصعق الضابط من شدة وصفي لملابس ابني".
وتشير إلى انتظارها وصول جثمان نجلها الشهيد على أمل أن تلتقط شيئًا من مقتنياته الشخصية التي كانت معه لحظة استشهاده، لتحتفظ بها لعلها تخفف شيئًا من لوعة الفراق ونار الاشتياق المشتعلة في صدرها، لفلذة كبدها.
وتضيف: "عند وصول جثمان ابني شاهدت كسرًا في جمجمته، حاولت ضم الجثمان بقوة إلى صدري، إلا أنني خفت أن أكسر عظامه، فقررت أن ابقي عليه كما هو، دون أن أتسبب في أي إيذاء له، لأنه ابني الشهيد، أريده أن يقابل أحبته الشهداء بأبهى صورة".
لكن الصدمة  -بحسب الوالدة المكلومة-  ÙƒØ§Ù†Øª بعدم وجود أي مقتنيات الشهيد الشخصية، حتى ساعته التي كانت في معصمه لحظة استشهاده سرقت من قبل جنود الاحتلال، فشعرت بحسرة فوق حسرة فراقه، فقد كنت أخطط لاقتناء الساعة ووضعها في معصمي طوال حياتي.
وتقول أم أنس والدة الشهيد: "احتسب ابني شهيدا مقاوما، فهو رفض الاستسلام لهم، وكان لا يخاف مواجهتهم، وخرج لملاقاتهم خارج قلقيلية، وكانت لحظة الشهادة بنيران دبابة، وبعد  12 عاما من الغربة يعود جسدا هادئا، وكأنه قد استشهد قبل أيام".
وتوضح واصفة شعورها أثناء مشاهدة الجثمان: "رغم أن قدوم الجثمان جدد حزني، إلا أنني شعرت براحة في قلبي لعودة ابني إلى بلده ومسقط رأسه، ودفنه وفق الشريعة الإسلامية وأصبح له قبر استطيع أن أزوره متى شئت، وعزائي أنه استشهد مقاوما".

أسئلة استفزازية
أما والد الشهيد انس؛ فقال: "عندما حضر الضابط في جيش الاحتلال ليسألني تظاهر بالإنسانية، ومع ذلك أصر على تفاصيل لباسه، مع أننا خضعنا قبل أشهر إلى فحص الحامض النووي أنا ووالدته وشقيقه، وكانت أسئلته استفزازية".
ويضيف: "الاحتلال يحاول التنغيص علينا حتى أثناء تسليمنا جثامين ابننا المحتجز لديهم بعد 12 عامًا"، مبينًا أن سؤال الضابط عن لباس نجله الشهيد كان بهدف التعجيز وتأخير عملية تسليم الجثمان فقط.
بدوره؛ قال إمام مسجد فريال الشيخ مجاهد نوفل: "عندما شاهدت جثمان الشهيد أنس علبة، كانت الجثة تقريبا كما هي وهذه كرامة للشهيد، ولمن بعده، فطريق الشهادة له كرامات في الدنيا والآخرة".
ولم تسلم عائلة الشهيد أنس علبة من منغصات سلطة رام الله وحركة فتح، حتى بعد استلام جثمان نجلها فقام أفراد من حركة فتح بتمزيق بوسترات خاصة بالشهيد وصورته على خلفية انتمائه لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 16/3/2014)