حمزة ومحمود ويزن.. امتزجت دماءهم فكانت فلسطين فيهم

استشهد حمزة أبو الهيجا بعد أكثر من عام على مطاردته... طاردته قوات الاحتلال "الصهيوني" ولم تفلح في اعتقاله أو اغتياله، كما طاردته الأجهزة الأمنية وحاولت اعتقاله أكثر من 20 مرة ولم تفلح أيضاً هي أخرى.. فجر اليوم نال الشهادة بعد أن نفذت كافة رصاصاته التي أصيب بها جنود الاحتلال.
وفي محاولة نقل جثمانه أصيب الشهيد الثاني "يزن أبو الباسم"، فحمل الجثمان وأسرعوا به إلى بيت أهله كل من "الشهيد محمود أبو الزينة" وشقيقه، إلا أن رصاصات القناصة كانت أسرع منهم فكان أن أصيب محمود وأستشهد.
ثلاثة شهداء وأكثر من 17 مصاباً كانت حصيلة مخيم الشهداء في جنين، المخيم الذي لم يرض أن يكون اقتحامه عادياً ولا حدثاً عابراً ولقن أبنائه قوات الاحتلال في كل مرة درساً أقوى من الآخر.
والرواية هذه المرة تقول أن الشهيد حمزة كان متحصناً بمنزل عائلة البلاص في المخيم فحاصرته قوات الاحتلال على الساعة الثالثة فجراً، وأدخلت كلبها البوليسي المدرب فقام بإطلاق النار عليه وقتله، ثم خاض اشتباكاً مسلحاً معهم حتى أستشهد.
الجنود الذين كانوا بالعشرات لم يجدوا ما يصدوا به رصاص حمزة صوى القنابل والصواريخ التي أطلقوها باتجاه البيت ودمروه بالكامل.
عندما سقط حمزة شهيداً هب أبناء المخيم لنقل جثمانه سريعاً، حمله محمود أبو الزينة وشقيقه، وفي طريقهم كان الشهيد يزن قد جرح وهو يحاول الاقتراب، وأصيب محمود فارتقى شهيداً، كما يروي شقيقه.
ويتابع:" حملنا جثمان الشهيد حمزة ومشينا فيه عبر الزقاق لنوصله لمنزلهم، كانت الطريق مغلقة، غيرنا طريقنا فأطلق الجنود القناصة الرصاص باتجاهنا، هربت وبقي محمود بعد إصابته".
لم تكن هذه المرة الأولى التي يشتبك حمزة مع الاحتلال، فقبل أشهر كان محاصرة منزله في المخيم هو ورفقته حينما حاصرهم الجنود واشتبك معهم، حتى استطاع الهرب بعد أن أمن له صديقه نافع السعدي، وهو من كوادر الجهاد الإسلامي في المخيم، طريقاً للهروب على جثته وبدمه، فسقط شهيداً.
الشهيد حمزة بقي خيال وروح صديقه يرافقه حتى أستشهد كما وعد أهله، فحين وصل نبأ استشهاده لأبيه القيادي في حركة حماس في السجن كبر وخر ساجداً و قال " الحمد لله لقد وفى بوعده بأن لا يسلم نفسه ويقضي شهيدا".
حمزة كما عرفه من عرفه سعى للشهادة بكل ما أوتي من قوة و رباطة جأش، يقول الشيخ خضر عدنان عنه:" ألتقيته في مناسبتين في المخيم، كان واضحاً عليه أنه ليس أبنا لهذه الحياه كأنه شهيداً يمشي على الأرض، لم يكن يكترث بالدنيا و ما فيها".
وعلى صفحته الخاصة قبل ساعات قليلة من استشهاده:" لقد وطنا أنفسنا أن نعيش أحرار عظماء أو نموت أطهارا كرماء"، و غصت تحديثات صوره الشخصية بصور الشهداء و الأسرى، و كانت الأخيرة صورته على قبل الشهيد نافع السعدي يقرأ على روحه الفاتحة.
حمزة لم تتجاوز سنوات حياته 22 عاما، إلا أن سيرته الذاتية كانت تغص بتفاصيل شرف، طويلة فهو أبن الشهيد جمال أبو الهيجا فقد يده بمعركة مخيم جنين، رفض الإبعاد، حكم بالسجن تسع مؤبدات، و شقيق الأسير عبد السلام، و الأسير عماد الدين، و الأسير عاصم ، والدته ابن الأسيرة المريضة " أم عبد السلام "، وشقيق الأسيرة "بنان"، هو الاجئ ابن البيت المهدوم، المطارد منذ عام للاحتلال و المطارد منذ حين للسلطة.
والدة الشهيد الأسيرة السابقة والتي أكل من جسدها المرض كان في علاجها في المستشفى من السرطان حينما وصلها نبأ استشهاد أبنها، ودعته وقبل أن تجد وقتا كافيا لتزيل الحقنه من يديها.
استشهاد حمزة من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، و محمد أبو زينه الشاب الجهادي أبن سرايا القدس، و الشاب يزن أبو الباسم من كتائب شهداء الأقصى أعاد إلى أذهان أبناء المخيم، و فلسطين ذكرى ملحمة المخيم قبل 11 عاما و التي تقترب ذكرها في نيسان بعد أقل من أسبوع.

(المصدر: فلسطين اليوم، 25/03/2014)