براءة أطفال القدس تنهشها زنازين المسكوبية

غرف صغيرة لا تتجاوز أمتارًا معدودة ينقصها كل ما يتعلق بالحياة أصبحت جزءًا من قاموس حياة أطفال بعمر الورود لم يرتكبوا ذنبًا سوى أنهم ولدوا من رحم القدس الحزينة، فمعاناتها تعكس صورتها على ملامحهم المكبلة بقيود الاحتلال.
ويعمد الاحتلال إلى اعتقال الأطفال المقدسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 – 15 عامًا من كافة الأحياء والبلدات التي تقع شرق المدينة تحت حجة واحدة هي رشق الحجارة، ثم نقلهم إلى زنازين مركز المسكوبية للتوقيف وتعريضهم لتعذيب جسدي ونفسي.
وتحمل هذه السياسة التي تندرج ضمن حزمة من الإجراءات الصهيونية لتهويد المدينة المقدسة العديد من الأهداف المدروسة بكل خطوة منذ بداية الاعتقال وحتى الإفراج، فلا يقتصر الأمر على الاعتقال فقط.
يقول المواطن أحمد قراعين من بلدة سلوان: إن عناصر من شرطة الاحتلال قاموا باعتراض طريق طفله علي (14 عامًا) ظهر الأحد وهو عائد إلى منزله من المدرسة وانهالوا عليه بالضرب المبرح، مما أدى إلى إصابته بجروح ورضوض في أنحاء جسده.
ويضيف: "امتلأ قميص علي بالدماء وهو لا يدري ماذا فعل ليتم الاعتداء عليه بوحشية بهذا الشكل، ثم تم نقله إلى مركز المسكوبية، فتوجهت إلى هناك وسألت المحقق عن سبب اعتقال طفلي وهو لم يفعل شيئًا، فقال: إنه في ذكرى يوم الأرض يجب أن يعتقلوا عددًا من الأطفال".
ويبين الوالد أن هذا الاعتقال الأول لنجله الطفل، وتم تمديد اعتقاله لعدة أيام لاستكمال التحقيق معه وهو ربما يحمل معه الكثير من الانتهاكات بحقه على يد رجال شرطة الاحتلال القساة، لافتًا إلى أنه حين رآه في المحكمة كان مبتسمًا رغم الرضوض التي بانت على وجهه والدماء التي ما زالت تملأ ملابسه.
ويتابع: "هذا الاعتقال سياسي بامتياز ولا دخل لطفلي بأي تهم موجهة له، وأنا أعلم أنه يتمتع بالإرادة الكافية كي يكون مبتسمًا بهذا الشكل، وهذا هو حال كل المقدسيين".
بدوره، يقول الناشط المقدسي محمود قراعين من مركز معلومات وادي حلوة: إن سلطات الاحتلال تقوم بشن الاعتقالات بحق أطفال القدس وتستهدف فئة عمرية معينة لتحقيق أهداف عدة تتعلق بتجهيل جيل كامل ليكون غير واع وغير مثقف بتكرارها الاعتقالات.
ويؤكد أن الاحتلال يستهدف طلبة المدارس بالتحديد كي ينقطعوا عن دراستهم من تكرار الاعتقالات؛ فمنهم من ضاعت عليه سنة دراسية كاملة أو أكثر، وهذا هو الهدف الأبرز من الاعتقالات، كي ينشأ الشباب المقدسي على انقطاع التعليم ومن ثم الخروج من المدارس والتحول إلى عالة على المجتمع بدل أن يكونوا هم رواده.
ويضيف: "الاعتقالات لها أهداف أخرى تتمثل في تفكيك العائلات وخلق حالة من اللا استقرار لدى المقدسيين بتكرار المحاكم وتأجيلها وجعل الأهالي يتشتتون في أروقتها بين التمديد والمماطلة والحبس البيتي والغرامات".

عماد المستقبل
من جانبه، يؤكد مدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس أن الاحتلال يتعمد استهداف الأطفال المقدسيين بالاعتقال والاعتداء كونهم عماد المستقبل الذي لا يريده أن يكون أصلاً للفلسطينيين وتحديدًا في المدينة المقدسة.
ويضيف: إن هناك تصعيدًا كبيرًا من قبل الاحتلال خلال الأشهر الماضية بحق الأطفال وارتفاع وتيرة الاعتقالات بحقهم، حيث إنه منذ بداية العام الحالي تم اعتقال أكثر من 200 طفل لا تزيد أعمارهم عن 15 عامًا، مبينًا أن بعضهم تم الإفراج عنه ولكن رهن الإقامة الجبرية، ومنهم من لا يزال يخضع للاعتقال والتمديد، فيما ينتظر آخرون أحكامًا عالية بحجة رشق الحجارة والزجاجات الحارقة.
ويتابع: "الاحتلال يحاول أن يكسر عزائم الأطفال، ولكن تبين له أن عزائمهم أقوى كثيرًا مما يتخيل، فمثلا هناك طفل يبلغ من العمر 14 عامًا اتهم بإلقاء زجاجة حارقة صوب مركبة مستوطن، ورغم تعرضه للتحقيق القاسي والضغط النفسي والجسدي إلا أنه رفض الاعتراف على شيء لم يفعله، وها هو يخضع للحبس المنزلي وينتظر محاكمة وقد يكون حكمه كبيرًا".
ويشير إلى أن عدة أساليب تستخدم بحق الأطفال في زنازين المسكوبية وتحديدًا ما تسمى غرف رقم 4 سيئة الذكر، حيث يتعرضون فيها للضرب المبرح ومنع الذهاب إلى الحمام وتقديم الطعام السيئ والتهديد النفسي.

(المصدر: فلسطين أون لاين، 05/04/2014)