معركة مخيم جنين.. أبطال كمين الجنود الـ 13 !.. شهادة الأسير علي الصفوري

أخذ الأخ نضال النوباني يتنقل من مكان إلى أخر باحثا عن جنود صهاينة إلى أن شاء القدر وجاء يوم 9 / 4 / 2002، وكان متواجدا في حارة الحواشين، وكان معه الأخوين محمد وامجد الفايد وهما أيضا من المقاتلين الشرسين، في ذلك اليوم وفي تمام الساعة السادسة والربع صباحاً كان هؤلاء الأخوة الثلاثة في حارة الحواشين، وهذه الحارة بها أزقة عسيرة المسالك والدخول والخروج منها غير سهل لأبناء المخيم فما بالك بغريب عن تلك المنطقة ؟!
بينما كان الأخوة الثلاثة ومعهم بعض الأشبال متواجدين في احد الأزقة شاهدوا نزول 5 جنود للعدو مسلحين برشاش ماج وأم 16، ولم تكن الدبابات والجرافات قد وصلت بعد إلى حارة الحواشين.
وكان معلوماً أن السيطرة على تلك الحارة تعني السيطرة على معظم أنحاء المخيم.. تركنا الجنود الخمسة يتقدموا لان طبيعة حركتهم وتلفتهم بكل الاتجاهات دلت على انهم قوة استطلاع وان خلفهم قوة أخرى تحميهم.
ودون أن يكشف العدو تحركنا تقدم بعض الإخوان إلى أول الأزقة، والتي لا يتجاوز طولها من 10 إلى 15 متراً، واخذوا مواقع قتالية من مقدمة الدخلات حتى نهايتها، وتوزعوا بشكل مثلث بحيث لا يصيب احدهم الأخر أثناء الاشتباك، وأوعزوا لبعض الأشبال التواجد والاختباء في وسط ذلك المثلث وبحوزتهم مجموعة من عبوات الكوع.
وعند وصول الجنود الخمسة وخلفهم بقليل 7 جنود أخرين إلى منتصف المثلث بدأ الأشبال برمي الأكواع، وتمكنوا من رمي ما يقارب 6 أكواع أخذت تنفجر بين جنود العدو، وكانت التعليمات للأشبال عند سماعهم اطلاق النار باتجاههم الاختباء في اسفل السور والبقاء هناك.
وكانت الخطة بعد الأكواع الاقتحام بالرشاشات مع التكبير ككلمة سر لانطلاق الرشاشات. في تلك الأثناء كانت صرخات الجنود تسمع في معظم أرجاء المخيم، بينما كانت رشاشات الإخوان الثلاثة تجهز عليهم، حيث كانوا مطروحين جميعاً على الأرض، وأثناء الهجوم وجد الإخوان ثلاثة جنود أحياء مصدومين من رؤية بقية زملائهم قتلى فرموا أسلحتهم ورفعوا أيديهم وارتفع عويلهم وبدأوا يناشدون بعدم قتلهم، إلا أن الإخوان لم يستجيبوا لهم واطلقوا النار عليهم وقتلوهم.. قد يسأل البعض لماذا لم نأسرهم ؟ والجواب إن الوضع لم يكن يسمح لتنقل المقاتل بمفرده فكيف لو معه اسرى وكذلك الجيش على استعداد لقتل جنوده ومن معهم كما فعل في الاجتياح السابق حيث قصفت احد المباني الذي تحاصر به مجموعة من الجنود ومعهم بعض المقاتلين.
بعد الإجهاز على كامل القوة المهاجمة بدا التكبير والتهليل بالحارة وتجمع عدد من الأخوة وبعض الأشبال وبدا بعض الإخوان تجمع جعب الجنود عن أجسادهم وقد تم ذلك بطريقة تشير لعدم خبرة هؤلاء المقاتلين بكيفية التصرف السليم في مثل هكذا وضع.. الأسلحة التي أخذناها هي رشاشان من نوع "ماج" وبنادق أم 16 قصيرة وطويلة وشنطة للإسعافات الأولية كذلك ثلاثة أجهزة ميرس خضراء اللون كانت بحوزة قائد القوة.. إضافة لمخازن الرصاص كما وجدنا بعنق كل جندي خيط اسود معلق به ما يشبه الميدالية المغلفة بقماش ( المقصود هو قرص معدني ديسكيت يكتب عليها رقم الجندي )، وقد أخذها الإخوان من باب حب الاستطلاع ووجدنا أنها تحتوي على رقم الجندي واسمه.. وفي هذه الأثناء طلبنا من جميع الإخوان الانسحاب من المنطقة تحسباً من قصفها.. الأخ نضال رحمه الله كان يلف "شرشور " الماج على وسطه، ويحمل قطعة الماج مع رشاش الكلاشينكوف لأنه اعتبره صاحب فضل بعد رب العالمين بهذا النصر فأبقاه بيده متفاخراً.
في الوقت الذي كنا نبتعد به عن الجنود القتلى كان ما زال هناك بقربهم 4 من الإخوان، وكنا نفكر بنصب كمين أخر لضرب القوة التي من الممكن أن تأتي لسحب الجثث عندما انطلقت نيران غزيرة جداً أصابت الطلقات الأولى الأخ نضال واستشهد على الفور، وقد حاول الإخوان الثلاثة الباقون اخذ ساتر للاحتماء، إلا انهم لم يستطيعوا ذلك، فاستشهد الإخوان محمد وامجد الفايد وأصيب الأخ الرابع بجراح.
في ذلك الوقت، وبما أننا لم نكن بعيدين عن موقع الحدث، بدأنا بإطلاق النيران باتجاه نيران العدو واكتشفنا أن المواجهة اصطبحت مع الدبابات التي بدأت الدخول إلى حارة الحواشين من حارة الدمج، وأشير إلى أن الوقت الذي استغرقته العملية من البداية حتى الانسحاب استغرقت 15 - 20 دقيقة، بعدها كان الأخوة الثلاثة قد استشهدوا.