إضراب سلمان ومحمّد يترك قلوبًا تتفطّر ألمًا

اختلطت دموع الطفل نعيم سلمان القواسمة بكلماته الثكلى وهو يتحدث عن اعتقال والده في سجون الاحتلال، معبرًا عن قلقه على حالة والده المستمر في الإضراب عن الطّعام ضمن ثورة الحرّية التي يخوضها المعتقلون الإداريون في السجون.
واعتقل سلمان نعيم القواسمة قبل 10 أشهر وزجّ في الاعتقال الإداري، ليختار خوض معركة الإضراب عن الطّعام للخلاص من الاعتقال والعودة إلى أطفاله الخمسة، فيما كان قد قضى نحو ست سنوات في سجون الاحتلال، معظمها في الاعتقال الإداري.
ويستذكر الطّفل نعيم لحظة اعتقال الوالد بالقول "طرق جنود الاحتلال أبواب منزلنا في منتصف الليل، وأخرجونا إلى العراء، وأبلغوا والدي أنّه معتقل، فطلب منهم وداعنا، وحمل شقيقي الأصغر محمد وقبّله قبل أن يسحبه جنود الاحتلال إلى الاعتقال"، ولم يتمكن نعيم من إكمال حديثه بعدما غلبه البكاء.
ويتابع كافّة أفراد العائلة إضراب سلمان، وشقيقه محمد المحكوم بالسّجن المؤبّد وخمسين عامًا، والذي اختار خوض إضراب تضامني مع شقيقه وبقيّة الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال.

"الأمل بالله"
وبعدما "نفضت" الوالدة يدها من كافّة الجهات لتخليص نجليها من الاعتقال وأخطار الإضراب، لا تفارق صلاتها ومصحفها في تهجّد دائم ودعاء إلى الله، عسى أن تنحلّ عُقد إضراب ابنيها، ويتمكّنا من تحقيق مطالبهما بالإضراب.
ودخل السبت إضراب الأسرى الإداريين عن الطعام في سجون الاحتلال يومه الـ 52 على التوالي، وسط ترد واضح على أوضاعهم الصحية.
وتقول الوالدة: "دموعي دائما بوجهي، وأقرأ القرآن لهم، ولا ينقطع دعائي، والدّمعة لا تجف من عيني، بنادي عليهم في كلّ وقت وكلّ حين وما بسمع إجابة".
وتنشد الوالدة للطير عساه ينقل لها رسالة طمأنة على حال ابنيها القابعين على سرير الشّفاء بمستشفى سوروكا بمدينة بئر السّبع المحتلة، لتدهور أحوالهما الصّحية جرّاء استمرارهما بالإضراب عن الطّعام.
وتعرب عن أملها أن تتوحد الأمّة العربية والإسلامية والشّعب الفلسطيني، وأن يعملوا سويّا من أجل أسرانا، والعمل على تخليصهم من محنتهم، قبل فوات الأوان.

"موقف من الرّئيس"
أمّا أبو سلمان والد المعتقلين المضربين فيتّهم في حديثه الجميع بالتقصير في نصرة قضية الأسرى المضربين، مطالبًا الرئيس محمود عبّاس بالخروج للحديث بمؤتمر صحفيّ عمّا يتعرّض له الأسرى من أخطار جراء الاستمرار في إضرابهم عن الطّعام، لافتًا إلى أنّ أيّ خطاب أو تصريح من الرئيس له صدى أكبر بكثير من صدى المطالبات الصادرة من أهالي الأسرى والنّشطاء.
ويضيف أنّ المطلوب الآن من الرئيس مخاطبة العالم والدول التي تدّعي حقوق الإنسان، ووضعهم في صورة ما يتعرّض له الأسرى الفلسطينيين من أخطار، وضرورة التحرّك على كافّة المستويات وممارسة السلطة الفلسطينية لكافّة نفوذها في هذا الصدد، لأنّ الوقت أصبح لا يحتمل مزيدا من التأخير، خاصّة وأنّ الأحوال الصّحية للأسرى متدهورة بشكل خطير".
وفيما يتعلق بالمشاركة الشّعبية في الاعتصامات، يوضّح الوالد أنّها لم تصل إلى المستوى المطلوب، معللّا السبب في الحضور المقتصر على بعض أهالي الأسرى، وعدد من النّشطاء والأسرى المحررين، ولا تشمل كافة الفئات في الشّارع الفلسطيني، و"كأنّ الأمر لم يعد يعنيهم".
ويرى أنّ الاعتصامات والمسيرات أصبحت لا تؤتي الثّمار المطلوبة، "والمطلوب الآن مزيدًا من التحرّك على كافّة المستويات، وإيصال الرسائل للاحتلال ولبقية مؤسسات حقوق الإنسان بكافّة الطرق والسبل التي تكفل نهاية آمنة لملف الاعتقال الإداري وللإضراب عن الطّعام".