آخرهم أيمن اطبيش.. أسرى الجهاد: إرادة تبعث الأمل وتستنهض الهمم

شهد تاريخ الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني سجلًا حافلاً بالانتصارات، لكن الإضرابات التي خاضتها وسطّرت بها أروع ملاحم البطولة تحققت بفعل صمود وثبات جنرالات الصبر من أبناء حركة الجهاد الإسلامي الذين استطاعوا أن يفتحوا باب الانتصارات الوطنية والتاريخية غير المسبوقة في تاريخ الحركة الأسيرة، ليخُطُّوا بذلك مرحلة جديدة من مراحل صمود الأسرى وإجبارهم للسجان على الخضوع  لمطالبهم.
معركة "الأمعاء الخاوية" التي افتتحتها الأسيرة المحررة ابنة الجهاد الإسلامي عطاف عليان في أواخر التسعينات، واستكملها الشيخ خضر عدنان، ومن بعده المحررة هناء الشلبي، ومن ثمَّ الأسرى: بلال ذياب، وثائر حلاحلة، ومحمود السرسك، وجعفر عز الدين وطارق قعدان وحسن الصفدي وايمن حمدان، وصولًا إلى الأسير أيمن اطبيش، أفضت إلى تسطير أروع الإضرابات في تاريخ الحركة الأسيرة وحقَّقت مطالب الأسرى الذين نالوا من خلالها حقوقهم واستطاعوا تغيير مبادئ الصراع مع الجلَّاد الصهيوني.

حدّدت معالم المعركة
 Ø§Ù„قيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أحمد المدلل أكَّد على أن الأسرى في سجون الاحتلال وعلى رأسهم أبناء الجهاد الإسلامي الذين لم يمتلكوا إلَّا إرادتهم وأمعاءهم الخاوية ليواجهوا به الجلاد الصهيوني استطاعوا أن يحدِّدوا معالم المعركة معه، مضيفًا: " لذا كان أيمن  يحدِّد معالم المعركة جيدًا بعد 123 يوماً من إضرابه عن الطعام والذي استطاع أن يؤكد من خلاله على أن الفلسطيني يمكن أن ينتصر بإرادته المُستمدة من الله تعالى".
وشدد المدلل على أن استمرار معركة "الأمعاء الخاوية" التي سطّرها أبناء الجهاد بدءًا من الشيخ خضر عدنان، وهناء شلبي، ومحمود السرسك، وبلال ذياب، وثائر حلاحلة وصولًا للأسير أيمن اطبيش وضعت العدو في حالة تخبُّط وإرباك أمام الإرادة القوية والملاحم البطولية التي سطَّروها داخل السجون، مؤكدًا أن هذه الإرادة التي هي إرادة الشعب الفلسطيني لم ولن تنكسر أمام آلة البطش الصهيونية، وأن أبناء الجهاد الإسلامي سيبقون دومًا في طليعة الاشتباك مع هذا المُحتل داخل السجون وخارجها.
وقال القيادي في حركة الجهاد: "إن معركة الأمعاء الخاوية ليست قادرة على كسر سياسة الاعتقال الإداري بل هي بحاجة إلى معركة على المستويين الرسمي والشعبي لاعطاء الدافعية للأسير داخل السجون، مشددًا على أن سيف الجهاد والمقاومة سيظل مُشرعًا دفاعًا عن الأسرى حتى نيل حريتهم التي وضعوها رهن الأسر من أجل حرية وكرامة الشعب الفلسطيني.

طليعة للشعب الفلسطيني
من جانبه، قال المتحدث باسم مؤسسة "مهجة القدس" للشهداء والأسرى ياسر صالح: " إن أسرى حركة الجهاد الإسلامي شكَّلوا طليعة للشعب الفلسطيني على كافة مستويات العمل النضالي سواء داخل السجون أو خارجها لا سيما في مواجهة الاعتقال الإداري التعسفي".
وأضاف: "على خُطى ابنة الجهاد عطاف عليان التي واجهت الاعتقال الإداري في أواخر التسعينات واستطاعت أن تكسره بعد صمود دام قُرابة 40 يومًا، أسّس أبناء الجهاد وعلى رأسهم الشيخ خضر عدنان بإرادته القوية وعزيمته الصلبة مدرسة الإضراب المفتوح عن الطعام في مواجهة بطش الاعتقال الإداري الذي يُوصف بـ"النفق المظلم" الذي له بداية وليس له نهاية".
وتابع صالح: استطاع أبناء الجهاد الإسلامي أن يُواجهوا هذه السياسة التعسفية المُسلطة على رقاب الشعب الفلسطيني بأكمله، وأن يصبروا على الجوع والألم لشهور طويلة ويحققوا الانتصار تلو الانتصار، حيث كان آخر خريجي تلك المدرسة الأسير أيمن اطبيش الذي تحمَّل الألم والموت المحقَّق الذي كان يُداهمه في كل لحظة، إلى أن انتزع حريته".
وأوضح المتحدث باسم مؤسسة "مهجة القدس" أن الإضراب ومعركة الأمعاء الخاوية هي خطوة على طريق إنهاء الاعتقال الإداري، وأن الطريق ما زال طويلاً من أجل أن ينال الأسرى في سجون الاحتلال أبسط حقوقهم، مطالبًا السلطة الفلسطينية من خلال سفاراتها ودبلوماسيتها ببذل الجهود لوضع نهاية لهذا الاعتقال الذي طال ما يزيد عن 300 أسير، وتدويل قضية الأسرى على كافة المستويات، والمؤسسات الحقوقية والدولية والإنسانية.

الأسير اطبيش نموذجًا
بدوره، أكَّد محمد اطبيش شقيق الأسير "أيمن" أن شقيقه علّق إضرابه المفتوح عن الطعام بعد 123 يوماً احتجاجاً على اعتقاله الإداري، ضمن اتفاق أبرم بين محاميه جواد بولس وإدارة مصلحة سجون الاحتلال، وضباط في الاستخبارات الصهيونية.
واعتقلت قوات الاحتلال اطبيش، وهو أحد كوادر حركة الجهاد الإسلامي، من منزله في بلدة دورا جنوبي الخليل، بتاريخ 9 مايو/أيار2013، وحوّلته للاعتقال الإداري، إلا أنه خاض معركة الإضراب عن الطعام من أجل إنهاء اعتقاله الإداري والإفراج عنه.
وقال محمد: "تلقينا اتصالاً هاتفياً من أيمن يخبرنا فيه بأنه علّق إضرابه باتفاق مع محاميه، وإدارة مصلحة السجون وضباط في الاستخبارات الصهيونية، مقابل الإفراج عنه في مطلع شهر يناير من العام المقبل"، لافتًا إلى أن هذا القرار يأتي بعد حوارات مطوَّلة لضمان حق شقيقه بالإفراج بعد ستّة شهور والتحرر من الاعتقال الإداري التعسفي.
وأشار شقيق الأسير اطبيش إلى أن شقيقه يعاني أوضاعًا صحّية صعبة تستدعي تقديم العلاج المكثّف خلال المرحلة القادمة لاستعادة جزء من عافيته التي فقدها في مرحلة إضرابه الطويلة عن الطعام، محملاً الاحتلال مسؤولية تدهور حالة شقيقه الصحية بعد تنصلها من تنفيذ مطالبه والإفراج عنه ووقف اعتقاله الإداري، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، التي ربما قد تتزايد خطورة نتيجة الإضراب.
وكان اطبيش بدأ إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 28 فبراير/شباط الماضي. ووصلت حالته الصحية إلى حالة الخطر الشديد، إذ أخبره الأطباء باحتمال إصابته بالشلل وضعف في البصر، بالإضافة إلى مشاكل في الكبد، وخدرٍ في الأطراف نتيجة إضرابه المتواصل عن الطعام.
وكان الأسرى الإداريون أنهوا إضرابهم الأسبوع الماضي، بعد 63 يوماً من الإضراب المتواصل عن الطعام، من أجل إنهاء سياسة الاعتقال الإداري. وتم الاتفاق مع الاحتلال على عدم التمديد المفتوح للاعتقال الإداري، وتحديد فترته لمدة أقصاها سنة. وفي حال التمديد لأكثر من سنة، فإن ذلك يكون مرهوناً بقضية، وليس بالاعتقال الإداري، على أن يبقى ذلك ضمن ملف سري.

المصدر: صحيفة الاستقلال