الشهيد المجاهد سلمان أبو القمبز مسيرة جهاد وعطاء

تتواصل مسيرة العطاء والجهاد، ويترجل أبناء الجهاد الإسلامي, يتقدمون الصفوف في كل الميادين, لا يعرفون النكوص ولا التراجع، يجودون بدمائهم ويحملون أرواحهم على أكفهم رخيصة في سبيل الله، ثم دفاعا عن الوطن المُغتصب ليكونوا في طليعة الأمة يدافعون عن كرامته، يقدمون الثمن الغالي فداء لدينهم ووطنهم, فيرتقي إلى العلا الشهيد المجاهد سلمان سمير أبو القمبز.

المولد والنشأة
ولد الشهيد المجاهد سلمان سمير أبو القمبز في تاريخ 12-4-1985م في أزقة حي الشجاعية قاهرة الأعداء منذ الأزل, وهو الابن الأصغر بين إخوانه وأخواته, درس الشهيد في مدارس مدينة غزة حيث المرحلة الابتدائية في مدرسة الفرات وحصل على شهادة الإعدادية من مدرسة الشجاعية ثم التحق بمدرسة جمال عبد الناصر وبعد نجاحه في الثانوية العامة التحق بكلية العلوم المهنية والتطبيقية وأنهى دراسته الجامعية قبل استشهاده بيومين.

صفات الشهيد
من عرف سلمان سمير أبو القمبز لا يصفه إلا أنه 'كالقرآن الذي يمشى على الأرض' من شدة إيمانه بالله وحبه لدينه الدوام على صلاة الفجر حاضرا في المسجد والقراءة الدائمة للقرآن، كان شابا يافعا على خلق ودين, ذو ثقافة واسعة، محب للتضحية في سبيل الله. وصف الشجاعة ليس غريبا أن يوصف به وهو أول من فتح جبهة رجم الحجارة في أول أيام الانتفاضة في منطقة معبر كارني, وليس غريبا أن يوصف بالشجاعة عندما يشتكي منه الجيران بأنه شاب مزعج لهم في ساعات الليل الحالك، وهو يرصد تحركات آليات العدو لإخوانه المجاهدين حتى ينقضوا عليها فيما بعد، وليس غريبا ان يتصف بالشجاعة لأنه أراد أن ينقض على سائق جرافة احتلالية وقتله بسكينته البسيطة التي كان يحملها قبل سويعات من استشهاده.

في مسجد المعتصم بالله
التزم الشهيد المجاهد سليمان ابو القمبز منذ صغره في مسجد المعتصم بالله في حي الشجاعية ذاك المسجد الذي خرج العديد من قادة العمل العسكري من شتى الفصائل المقاومة, كان من أكثر الشباب فعالية ونشاطا في صفوف حركة الجهاد الإسلامي, كان لا يتوانى عن إعطاء الدروس الدينية في المسجد لجذب أكبر عدد ممكن إلى الالتزام في المساجد فهذه كانت وصية ابن خاله وصديقه الاستشهادي حاتم ابو القمبز الذي استشهد قبل فترة وجيزة من استشهاد سلمان أثناء تنفيذية عملية نوعية ضد موقع عسكري صهيوني شرق مدينة غزة وقتل خلاله عدد من المغتصبين.

الجهاد.. سرية وكتمان
سرية وكتمان .. شجاعة وإقدام، هي ابرز المميزات التي تميز بها الشهيد سلمان أبو القمبز فيحدثنا والد الشهيد عن ذلك فيقول: 'ذات مرة وقبل أيام من استشهاده أطلقت طائرة استطلاع صهيونية حاقدة صاروخ على احد المجاهدين في المنطقة التي كان يقطنها سلمان وبسرعة وبعد سقوط الصاروخ بلحظات أسرعنا لإسعاف الرجل الذي بدا لنا بأنه استشهد ولكن سلمان الذي كان يجري ورائنا سبقنا وحمل الرجل المصاب الى المستشفى وهو ينزف ولم يكترث لأصواتنا المحذرة من إطلاق صاروخ أخر' فكانت هذه الحادثة كفيلة بشهادة الجميع بشجاعة هذا الشاب، وتوقع استشهاده في أي وقت.
عمل الشهيد في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ بدء انتفاضة الأقصى و حرص أن يبقى عمله في غاية السرية حتى لا يؤثر في نفسية الأب المسن الذي كان متعلقا جدا به، ولكن والده ما أن علم في ذلك ألح عليه أن يترك العمل العسكري حرصا على ابنه الذي لم يتجاوز الستة عشر ربيعا آنذاك وبالفعل استجاب سلمان لنداء أبيه ولكن كان يقوم بعمل آخر في صفوف سرايا القدس.

على موعد مع الحور العين
كان اجتياحا لحي الشجاعية، جرافات تدمر الأخضر واليابس, الحي والميت, دبابات تطلق حممها الحاقدة على كل شيء أمامها, قناصة إرهابيون يعتلون أسطح المباني، وكل شيء بدا كأنه يوم الواقعة، لا ترى في حي الشجاعية سوى آليات صهيونية وركام المنازل و مخلفات المزارع المدمرة، أعمدة الدخان تنبعث من كل مكان، بقي في المنطقة بيتا واحدا غير مدمر منزل سلمان سمير أبو القمبز، ولكن هذا لم يدم طويلا، كان سلمان يراقب المكان من المنزل ثم ينتقل بين الركام يتصل بالمجاهدين يدلهم على أمكان ضعف العدو ويستطلع المكان ليمثل خط الدفاع الأول عن حي الشجاعية.
والد الشهيد طلب منه دخول المنزل لخطورة الوضع, لم يرد إرباك أبيه دخل سلمان المنزل ولكنه ظل يراقب المكان من نافذة غرفته العالية، المشهد جرافة تدمر من أمامه ووالده ينظر إليها معه، ثلاث طلقات من الجرافة، المكان لا زال مجهولا للأب، شيء ما اصطدم بقدميه وهو يراقب في الخارج, إنه جسد ابنه سلمان الطاهر لقد أصابت هذه الرصاصات صدر سلمان، موقف لا يمكن وصفه بحبر قلم، اكتب فيه لا يمكنني ان أنسى الدموع التي أذرفت من عيون هذا الرجل المسن, فقد كان يمثل له سلمان الهواء الدافئ الذي يتنفسه في كل صباح ومساء، توقف القلم عن الكتابة وسالت الدموع بغزارة ونطق اللسان بصعوبة ليتلو آيات الله تعالى 'وإذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون'.
يصف عم الشهيد سلمان لحظة سقوط الشهيد على الأرض فيؤكد انه ارتقى مباشرة بعد الإصابة بالرصاصات الثلاث فيقول: 'جئت إلى سليمان ووضعت رأسه على يدي قلت له 'يا سلمان سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم'، فارتفع إصبع السبابة لينطق سلمان بالشهادة بعد ان استشهد ولكن ما نطق منه كان الإصبع والشفتين بعد خمس دقائق من تسليم الروح الى بارئها.