زوجة الأسير محمد رداد: الاحتلال فرق شملنا وما زال يحرمني زيارته بقرار المنع الأمني

كزوجها الذي لم تنال منه عذابات الاسر ومعاناة السجن، صمدت وصبرت، فحافظت على العهد والوصية بإكمال مشواره لتربية ورعاية الابنة الوحيدة التي تركها في عمر 10 شهور، واصبحت في الصف التاسع، تبكي وتتألم كوالدتها لغياب والدها الذي تعاقبه إدارة السجون بالعزل، وحرمانه من زيارة رفيقة دربه التي تعلمت منه الدروس، فتحدت كل الظروف، والتحقت بالجامعة التي تخرجت منها واهدت نجاحها لرفيق دربها القابع في سجن "النقب الصحراوي".

تلك صور، تلخص حكاية الاسير محمد رداد مصطفى رداد (٣٥ عاما)، من قرية صيدا في محافظة طولكرم، وترويها يوميا زوجته الصابرة اسماء رداد على مسامع كريمتها ريما لتزرع فيها روح الصبر والامل وتخفف معاناتها التي تتفاقم كلما كبرت لافتقادها لوالدها الذي دخل عامه العاشر في سجون الاحتلال، وتقول "رغم الفخر والاعتزاز بزوجي ومواقفه النضالية، لكننا نعيش الحزن والألم لغيابه، فلا يوجد للحياة معنى، وأمنيتي أن يكرمه الله بالفرج، ليجتمع شملنا ونكمل المشوار معا ونتجاوز كل الظروف الصعبة".
وتضيف "عندما اعتقل محمد، كانت طفلتنا ريما في عمر 10 شهور، حرمت من حنانه وعرفته في السجن، وكانت أول كلماتها سجن واسير، ورغم الحب والرعاية لا يمكن لأحد أن يعوضها عن والدها وحنانه"، وتكمل "كلما كبرت طفلتي، تكثر أسئلتها عن والدها، ودوما تبكي وهي تقول لي "متى سيعود أبي ويرافقني للمدرسة، يضمني لحضنه وأنام بين يديه، ونعيش معا دون سجون؟".
الزوجة التي عاهدت رفيق دربها على الصبر والانتظار حتى آخر نفس، أضافت وهي تضم طفلتها "رغم دموع طفلتي وأحزاننا التي لا تتوقف، أتضرع لربي أن يصبر زوجي ويقويه على ظروف الاعتقال والعزل، فمنذ فرض هذا الإجراء التعسفي الذي حرم طفلتي من رؤية والدها، تنهض كل يوم، وقبل أن تقول صباح الخير تسألني عن أخبار والدها، فإلى متى سيبقى الاحتلال يتحكم بحياتنا ويفرق شملنا ويحرمنا أبسط حقوقنا بالزيارة".

الأسير في سطور
ينحدر الأسير محمد من عائلة مناضلة، ومارس نشاطه ودوره الوطني في مقاومة الاحتلال بشكل سري حتى اعتقل، وتقول زوجته "كان كتوما ولا يبوح بسره لأحد، ولم نعلم بما قدمه من بطولات ونضالات حتى اعتقل، فأمام ظروف الحياة الصعبة والقاسية وعدم توفر فرص عمل، انتقلت عائلتي للإقامة في قرية كوبر قضاء رام الله، حيث عمل في مصنع للشايش في بيتونيا"، وتضيف "خلال عمله، اقتحمت قوات الاحتلال المصنع في ٣١/٥/2005، اعتقلوه واقتادوه لأقبية التحقيق في مركز المسكوبية لشهرين ونصف، وبعد ثلاث سنوات حكم عليه بالسحن الفعلي لمدة 30 عاماً، بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي".

خلف القضبان
رغم الصدمة باعتقاله، والحكم القاسي، صبرت الزوجة "أم ريما"، وتحملت كامل المسؤولية عن رعاية طفلتهما الوحيدة ومتابعة قضية زوجها ومساندته، فعادت للإقامة مع العائلة في قرية صيدا، لكن الاحتلال استمر باستهداف محمد بفرض العقوبات التعسفية من نقل بين السجون وعزل وحرمان من التعليم الجامعي، وتقول "لم ينل الحكم من معنوياته، وانخرط مع إخوانه الأسرى ليشاركهم معارك الأمعاء الخاوية، وبسبب دوره الفاعل عاقبوه بنقله بين عدة سجون"، وتضيف "تحدى محمد الاعتقال بالتعليم، فتابع دراسته ونجح بالثانوية العامة، وما زال يحاول الانتساب للجامعة لكن الاحتلال يعاقبه وكافة الاسرى منذ صدور قانون شاليط بمنعهم من الدراسة بالجامعات".

العزل والمنع
اثر الاحداث التي شهدها سجن "ريمون"، والهجمة الشرسة التي نفذتها الادارة بحق أسرى حركة "الجهاد الإسلامي"، عوقب محمد بالنقل لزنازين العزل في سجن النقب، وتقول زوجته "نشعر بخوف وقلق بسبب هذا الإجراء التعسفي الظالم، فزوجي محتجز في الزنازين، وممنوع من مقابلة المحامين والزيارات ولا يسمح له بالاتصال بنا"، وتضيف "منذ عدة سنوات، عاقبتني سلطات الاحتلال بقرار منعي من زيارة زوجي لأسباب أمنية، وكل 6 شهور يسمح لي بزيارة مرة واحدة، وقدمت عدة شكاوي ومناشدات لكن دون جدوى، فإلى متى يستمر هذا الظلم والعقاب"، وتكمل "والد زوجي الستيني رداد مصطفى، لا يمكنه زيارته منذ فترة لعدم قدرته على احتمال الظروف الصعبة بسبب الأمراض، بينما حماتي المريضة وطفلتي ريما كانا يزورانه بشكل دائم حتى صدر قرار العزل، ونسأل الله أن يفك أسره ويجمعنا به لنرتاح".

تحدي الزوجة
الزوجة الوفية اسماء، وبعدما تحملت المسؤولية وأصبحت الأب والأم للطفلة، وتواكب دوما قضية زوجها، قررت خوض التحدي وحققت انتصارا لتسجل نموذجا للمرأة الفلسطينية المكافحة، وتقول "قبل زواجي لم أنه التوجيهي، وبعد اعتقال زوجي وكثرة المسؤوليات شجعني على استئناف دراستي، فقدمت الثانوية العامة ونجحت وسجلت بالجامعة وتخرجت الفصل الماضي بشهادة البكالوريوس، وأتمنى لزوجي أن يحظى بنفس الفرصة ويتمكن من استغلال فترة اعتقاله بالالتحاق بالجامعة، وكسر المعايير والقيود الظالمة"، وتضيف "أتمنى التوفيق من رب العالمين الذي صبرني وقواني في تحمل المسؤولية والامانة منذ اعتقال زوجي، ودوما اتمسك بسلاح الدعاء لله حتى يفك أسر محمد الذي كافح في الحياة حتى نعيش بكرامة".
وناشدت زوجة الأسير رداد، هيئة شؤون الاسرى ونادي الأسير وكافة الجهات المعنية العمل على وضع ملف الأسرى على طاولة المفاوضات، وأن تكون قضيتهم من أولى القضايا التي يجب حلها من خلال تبييض السجون الصهيونية وفك الحزن الذي يعم أغلب عائلات الفلسطينية.