المحرر أنس قعقور: المطلوب بناء ثقافة ثابتة حول قدسية رسالة الحركة الأسيرة

منذ اندلاع انتفاضة الأقصى لم يتوقف الاحتلال عن استهداف المجاهد أنس سام محمود قعقور (28 عاماً) من جنين، فتعرض للملاحقة وتكررت اعتقالاته التي كان أصعبها الأخير حيث أنجبت زوجته أول الأبناء الذي حرم من رؤيته حتى تحرر، ورغم تنسمه عبير الحرية، ما زال يعتبر كما يقول "روحه أسيرة، تعايش رفاقه خلف القضبان معارك الصمود والبطولة، ولحظات الوجع والألم خاصة للمرضى وفي مقدمتهم صديقه نادر أبو عبيد أحد ضحايا الاهمال الصحي الذي يمارس بحق الأسرى لإعدامهم ببطء"، ويضيف "ليس السجن وعذابات ما يؤثر على الأسير، وإنما تراجع الفعل الشعبي وغياب المتابعة الرسمية والفصائلية والأنشطة المؤازرة رغم أهميتها في تعزيز صمودهم وافشال مخططات الاحتلال للاستفراد بهم، لذلك تتضاعف مسؤولياتنا بعد التحرر لتبقى قضية الأسرى حية ومتفاعلة حتى حريتهم".

ثقافة الأسر
ومنذ تحرره من اعتقاله الخامس، ما زال المحرر أنس، ينشط في ايصال وترجمة الرسائل التي حمله إياها الأسرى، من خلال قرع أبواب المؤسسات والمشاركة في الفعاليات التضامنية كونه يؤمن كما يقول "بأهمية بناء ثقافة ثابته وراسخة حول قدسية رسالة الحركة الأسيرة وما تقدمه من نضالات وتضحيات يجب أن تشكل محور لنضال مستمر ويومي في مواجهة سياسات الاعتقال وأهدافها"، ويضيف "أكثر ما يؤلم كل أسير وأسيرة، التعامل مع قضيتنا كموسمية وفي المناسبات، وآن الأوان للوقوف أمام بطولات الحركة الأسيرة لوضع استراتيجية ثابتة ويومية تنتصر لقضيتهم وتعزز صمودهم حتى كسر القيود وتبييض السجون".

أسرة مناضلة
 ÙŠÙ†Ø­Ø¯Ø± الأسير أنس، من عائلة مناضلة، يعتبر الأصغر بين إخوانه وأخواته السبعة، فقد تعرض للملاحقة والاعتقال مع شقيقه حمزة الذي تحرر بعد 8 سنوات من الاعتقال، وكانت رحلة أنس الأولى نحو السجون عام 2004ØŒ ويقول "بسبب نشاطي ودوري الفاعل في انتفاضة الأقصى، أمضيت في اعتقالي الأول فترة عام بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، ورغم المعاناة لم ينل السجن من معنوياتي، فواصلت المشوار بمعنويات عالية وبإيمان راسخ بحقوقنا العادلة والمشروعة"ØŒ ويضيف "تتالت اعتقالاتي ففي عام 2005ØŒ حوكمت بالسجن 17 شهرا، وفي عام 2008 اعتقلت إداريا لمدة 6 شهور، بعدها حوكمت 13 شهرا عام 2009ØŒ وبعد تحرري تزوجت ورزقت بطفلتي أميرة السرايا وأنا أسير".

الاعتقال الأخير
لم يبق سجن إلا واحتجز فيه أنس الذي عاقبه الاحتلال بمنعه من الاجتماع مع شقيقه حمزة طوال فترة اعتقالاته التي كان اخرها عام 2013، ويقول "اقتحم الاحتلال منزلنا قبل أن تكتمل فرحتي، فزوجتي كانت حامل بطفلتي الأولى، وتعرضت للتعذيب لشهرين في زنازين الجلمة، وعشت لحظات مروعة في الزنازين، حتى حوكمت بالسجن الفعلي لمدة عامين أمضيتها متنقلا بين سجني مجدو والنقب"، ويضيف "لم ولن أنسى لحظات الألم والحزن التي عشتها عندما رزقت بطفلتي أميرة السرايا، أنه أصعب شعور يمر على الانسان, أن تولد له طفله وهو بعيد عنها وعن زوجته، التي حرمني الاحتلال من رؤيتها حتى تحررت ووجدتها في سن 17 شهراً"، ويضيف "كنت أتمنى كسر القيود والقضبان لأكون لجانب زوجتي في تلك اللحظة الأهم لكل امرأة حامل، خاصة عندما اقتربت على الوالدة وأنا لست لجانبها, وعندما ولدت كانت فرحتها ناقصة لعدم وجودي لنفرح معا، وما زاد أملها وحزنها أكثر أنها كانت محرومة من زيارتي، فلم تزرني ولا مرة خلال اعتقالي".

صور أخرى
من الصور التي لا ينساها المحرر أنس، ما كابدته والدته الستينية المناضلة أميرة محمد قعقور، من مشاق ومتاعب وقلق وخوف بسبب غيابه وشقيقه حمزة خلف القضبان، ويقول "مهما قلت لن أوفي والدتي حقها وهي تضحي وتصبر وتصمد وتتحدى رغم الألم والحزن لفراقنا وحرمانها منها، فهي أكثر من تجرع المرارة والعذاب خاصة بعدما توفي والدي المرحوم, من تراكم الحزن والألم على أسرنا، فهذا كله أثر على نفسيته وزاد من الضغوط والألم عليه"، ويضيف "لم تكن والدتي تتألم من الأمراض التي نالت منها، وإنما عاشت الحزن والمآسي مع زوجتي وعائلتنا بسبب حرمانهم من زيارتي، فقد عاقبنا الاحتلال بالمنع الأمني، وكنت أتمنى رؤيتهم وطفلتي لمرة واحدة"، ويكمل "عندما كان يأتي موعد الزيارات، تتفاقم معاناتي وأنا أرى رفاقي فرحين وهم يخرجون لرؤية ذويهم، كنت أشعر بالوحدة والألم، وهذه المحطة قاتلة ومدمرة وحزينة لكل أسير ممنوع أمنيا".

الأسير نادر أبو عبيد
وبتأثر وحزن، تحدث المحرر أنس، عن المأساة التي يتعرض لها رفيق دربه الأسير نادر أبو عبيد (29 عاماً)، والمحكوم عليه بالسجن 17 عاماً, والقابع في سجن النقب، ويقول "حياة نادر بخطر ومهدد بمضاعفات خطيرة بسبب اهمال ادارة السجون علاجه الذي أدى لفقدان النظر في عينه اليسرى نتيجة إصابته بشظايا الرصاص الصهيوني خلال مشاركته في فعاليات انتفاضة الأقصى"، ويضيف "احدى الشظايا اخترقت عينه، وقدمنا عشرات الطلبات لإجراء عمليات جراحية لإزالة الشظايا من جسمه وعينه، وبسبب تقصير واهمال الإدارة لعلاجه ومتابعة وضعه فقد البصر"، وتابع "الأسير نادر يعتبر من أبطال الحركة الأسيرة، وشارك في خوض معارك الاضرابات التضامنية مع الشيخ خضر عدنان وهناء الشلبي ونهار السعدي، ولكن للأسف لا يتضامن معه أحد"، وأكمل "تركته في حالة مأساوية، واستصرخ الجميع الوقوف لجانبه وإنقاذ حياته بالضغط لإجراء العمليات الجراحية له قبل فوات الأوان".

ضحايا الاهمال
ومن واقع تجربته، أكد المحرر أنس أهمية ايلاء ملف الأسرى المرضى اهتماما أكبر والتفاعل والحراك المستمر لإنقاذهم ومنع تنفيذ قرار اعدامهم بشكل بطيء بالإهمال الصحي، وحرمانهم من العلاج، مشيرا إلى أن حالة الأسير عبد الفتاح الشلبي (40 عاماً) من بلدة السيلة الحارثية المحكوم بالسجن 20 عاماً، والذي يعاين أمراض في المعدة نتيجة نقص وسوء في التغذية، ورغم الوعود المتكررة ترفض إدارة السجون إجراء العملية الجراحية المقررة له، وتستمر بتأجيل موعده موضحا أن الأسير سامي العريدي (40 عاما) من عرابة، والمحكوم بالسجن 19 عاماً، يعاني من عدة أمراض نتيجة الاهمال الطبي له داخل السجون.