المحررة هناء الشلبي: الإبعاد أقسى من السجن وأمنيتي العودة لعائلتي ومنزلي وبلدتي

بعد انتهاء فترة إبعادها Ø§Ù„ابعاد أقسى من الاعتقال

مأساة الابعاد أكثر قساوة من السجن وعذاباته، وأعيش الخوف والقلق من تكرار المصير الذي حل بمبعدي كنيسة المهد وأمنيتي العودة لعائلتي ومنزلي وبلدتي "..بهذه الكلمات، استهلت المحررة المبعدة لقطاع غزة، هناء صابر شلبي 32 عاما، حديثها وسط مشاعر الخوف والقلق على مصيرها ومستقبلها بعد انتهاء فترة الحكم الصهيوني بإبعادها دون أي بوادر لإثارة قضيتها وانتهاء رحلة الابعاد القسري التي دخلت فيها العام الرابع محرومة من أسرتها وحياتها الطبيعية.

مرارة الابعاد
في منزلها، بمدينة غزة، لا تتوقف الشلبي عن اجراء الاتصالات مع كافة الجهات المعنية بقضايا الأسرى وحقوق الانسان، لإثارة قضية ابعادها وضمان عودتها لمنزلها في بلدة برقين قضاء جنين، وتقول "غزة جزء من الوطن الفلسطيني، وأعتز بأهلي وشعبي الذين غمروني بالمحبة والدعم وكرموني خلال رحلة الابعاد ووقفوا لجانبي لتخفيف معاناتي، لكن لم ولن أتخلى عن حقي المشروع في العودة لعائلتي وحياتي في بلدي"، وأضافت "على مدار السنوات الماضية الثلاثة، لم أفكر بغير العودة وخلاصي من هذا القرار التعسفي والظالم الذي أرغمني الاحتلال عليه بعدما تدهور حالتي الصحية بسبب اضرابي عن الطعام، وعندما وصلت لمرحلة الموت، ابعدوني لثلاث سنوات انتهت قبل أسبوعين، ولكن حتى اليوم، ما زلت أتجرع مرارة الابعاد والظلم الصهيوني".

الاستهداف الصهيوني
وتؤكد المحررة الشلبي، أن ابعادها يندرج ضمن الاستهداف وسياسة العقاب الصهيوني الذي دفعت ثمنه في تجربتي اعتقال بدأت الأولى منها في 14/09/2009م؛ وتقول "خلال دراستي في الجامعة العربية الامريكية في جنين، اقتحمت قوات الاحتلال منزلنا، اعتقلوني واقتادوني لأقبية التحقيق في الجلمة بتهمة التخطيط لعملية فدائية والانتماء لحركة الجهاد الاسلامي، ولعجزهم عن إدانتي تم تحويلي للاعتقال الإداري"، وتضيف "بعد احتجازي وسط ظروف رهيبة بقسم الجنائيات الصهيونية بعد انتهاء فترة إبعادها المحررة هناء الشلبي: الإبعاد أقسى من السجن وأمنيتي العودة لعائلتي ومنزلي وبلدتي، نقلوني لقسم الأسيرات الأمنيات في سجن الهشارون، وعشت مع الأسيرات ظروفا صعبة وقاسية، وأصبت بمرض الحساسية المزمنة وبسبب رفض علاجي تعرضت لمضاعفات خطيرة اثرت على صحتي وحياتي".

الحرية والاعتقال
بعدما قضت عامين ونصف رهن الاعتقال، تحررت الشلبي في صفقة "وفاء الاحرار"، وعندما كانت تسعى لاستئناف حياتها بين علاج أمراضها والانتساب للجامعة، أعاد الاحتلال اعتقالها بعد أربعة شهور من تحررها لنشاطها في حركة الجهاد الإسلامي، فجر 16 شباط 2012، وتقول "رغم التزامي بشروط الصفقة، وقبل أن تكتمل فرحتي بالحرية، اقتحموا منزلنا، فتشوه وكسروا محتوياته، وكانت الصدمة الكبرى لي ولعائلتي عندما اعتقلوني، وفور نقلني لمركز سالم الاحتلالي، أعلنت اضرابي المفتوح عن الطعام احتجاجا على اعتقالي، وأبلغتهم أنني لن أفك اضرابي حتى حريتي"، وتضيف "رغم الضغوط والعقوبات، تمسكت بموقفي، فحولوني للاعتقال الاداري بذريعة الملف السري لعجزهم عن إدانتي بأي تهم، واستمر الاحتلال بقمعي والانتقام مني بالعزل وحرماني من الزيارات، ولكن رفضت التراجع رغم انهيار حالتي الصحية".

الصمود والابعاد
تروي المحررة الشلبي، أن سلطات الاحتلال حاصرتها بظروف رهيبة لكسر ارادتها وارغامها على التراجع عن اضرابها، وتقول "نقلوني للزنازين الانفرادية وعزلوني تارة في قسم الجنائيات أو الزنازين، وخلال احتجازي مع زميلاتي المناضلات في قسم الامنيات في الهشارون، هددوني بعقوبات قاسية، لكني صبرت وتحملت أوجاع السجن والجسد وآثار الاضراب رغم سوء حالتي الصحية"، وتضيف "كرمني رب العالمين بالصبر والصمود في مواجهة قمع الاحتلال، ونقلوني لعدة مستشفيات بعد انهيار حالتي الصحية، ومارسوا كل الأساليب لإرغامي عن التراجع عن مطلبي، لكن رفضت وقف اضرابي الذي استمر 47 يوما بشكل متواصل".
وتقول المبعدة الشلبي "رغم الحملة التضامنية الكبيرة، والدعم الواسع لقضيتي، والتفاف شعبنا ومؤسساته حول قضيتي، وانهيار وضعي الصحي، رفضت سلطات الاحتلال اطلاق سراحي، وخلال ذلك صدر قرار عن محكمة الاحتلال بإبعادي لقطاع غزة لمدة 3 سنوات منذ تاريخ 1/ 4/ 2012 لغاية 2015/4/1"، وتضيف "فشلت كافة الجهود لإلغاء القرار الذي شكل صدمة كبرية جدا لي، فقد خضت معركتي النضالية واضرابي عن الطعام من أجل حريتي وعودتي لبلدتي وأهلي، لكن الاحتلال أصر على تنفيذ قراره الظالم، واقتادوني على السرير حيث كنت في حالة صحية خطيرة لمعبر ايرز وأبعدوني".

أريد العودة
حظيت هناء، باستقبال رسمي وشعبي كبير بعد وصولها لغزة، وبعد علاجها وتماثلها للشفاء، قررت استثمار الفترة في ترتيب حياتها لكنها لم تتنازل لحظة عن حق العودة، وتقول "رغم صدمتي وحزني وألمي بعدما نفيت عن أهلي وبلدي، شعرت بفخر واعتزاز من حفاوة الاستقبال ودعم لأهلي وشعبنا وقواه ومؤسساته الرسمية والشعبية والفصائل في غزة لي، رعوني وتابعوا عالجي وتوفري منزل وحياة مستقرة وأمنه"، وتضيف "قررت ألا أضيع مستقبلي، وسارعت للانتساب لجامعة الازهر في غزة، ودرست صحافة وعلاقات عامة، وحصلت على شهادة الدبلوم، لكن طموحي أن أكمل دراسة للحصول على جميع الشهادات العليا"، وتكمل "في نفس الوقت، حافظت على التواصل والترابط مع أهلي في جنين التي لم تفارقني لحظة، ففي كل خطوة كنت أكافح من أجل حقي المشروع في العودة التي لن أرضى عنها بديلا".

مناشدة
مع انتهاء الفترة المحددة، تقول الشلبي "أكبر عائق أمامي حاليا، عدم حيازتي لأي مستند أو وثيقة تثبت قرار ابعادي لمدة ثلاث سنوات، فالاحتلال لم يزودني بالقرار، ورغم محاولتي لم أتمكن من الحصول على نسخة من قرار الحكم"، وتضيف "مأساتي ومعاناتي تكبر يوميا، وأنتظر حل وتدخل فوري لوضع حد لمعاناتي وابعادي الذي انتهى، ولا أريد أن يكون هناك تهميش لقضيتي كما حصل مع مبعدي كنيسة المهد"، وتابعت "أناشد الرئيس محمود عباس ومؤسسات حقوق الانسان وكافة الجهات المعنية للتدخل لوقف ابعادي وعودتي إلى أهلي وعائلتي".