والدة الأسير سعيد حثناوي فقدت السمع لكنها لم تفقد الأمل بتحرره

تستمر رحلة معاناة وعذاب الوالدة صبحية الحثناوي التي رافقتها طوال فترة ملاحقة الاحتلال لابنها سعيد علي حثناوي (35 عاماً) ولم تنته عقب اعتقاله، فالأشد من الملاحقة وحملات الدهم التي كان يتعرض لها منزلها في قباطية على مدار 3سنوات كما تقول؛ "الحكم القاسي الذي صدر بحق ابني، واستمرار العقوبات بحقه بين العزل والنقل وحرمان غالبية اخوانه من زيارته بذريعة المنع الأمني، فأملنا الخلاص من ظلم الاحتلال واجتماع شملنا في العيد القادم".

 

الثمن القاسي
بين البكاء والالم في العيد، جراء غياب سعيد الذي يقضي حكما بالسجن لمدة 35 عاما وجراء ظروف الزيارات للسجون، فإن الوالدة "أم عبد الله" تعتبر الأكثر تأثرا فيما تعرضت له الاسرة، سواء خلال ملاحقة الاحتلال لسعيد أثناء انتفاضة الأقصى او عقب اعتقاله، فقد فقدت السمع، كما تروي "لان الجنود اعتدوا عليها بالضرب المبرح، فالاحتلال استهدف عائلتها، ولم يكن يمضي يوم دون مداهمات تؤدي إلى التخريب والتكسير بل والتنكيل بهم"، وتضيف: "في إحدى المرات اعتدى الجنود علي بالضرب على رأسي ففقدت السمع للابد، علما أن الجنود كانوا يرغموننا في كل عملية على مغادرة المنزل دون مراعاة لشتاء أو برد وحتى زوجي الضرير كان يرغم على الاحتجاز معنا في ظروف غير إنسانية"، وتكمل: "الاحتلال يعتقله في ظروف تتنافى وابسط حقوق الانسان، ويحرمه من كافة حقوقه، لذلك نعيش الألم والعذاب يومياً، وابني يتعرض للبطش والإجراءات التعسفية، وكان العيد لهذا العام صعبا وقاسيا لان الاحتلال حرم ابنائي من زيارة شقيقهم ومعايدته".

العيد في السجن
الوالدة ام عبد الله، ورغم معاناتها من أمراض الضغط والسكري والمرارة، لم تتأخر عن زيارة ابنها صبيحة العيد لتخفف كما تقول "من المه وحزنه وعذابات السجن، فرغم مشقة الطريق وما نتعرض له من مضايقات، لن أتأخر عن زيارة ابني لأنها الطريقة الوحيدة ليبقى على صلة مع العالم، وهي المتنفس الوحيد ليشعر الأسير أنه حر لبعض الوقت، خاصة وان كان اخوانه ممنوعون من زيارته"، وتضيف: "قضيت اعيادي الأخيرة على بوابات السجون، فبين الزيارة والأخرى لا يغمض لي جفن ولا يهدأ لي بال الا عندما تتكحل عيني برؤيته حتى بالأسر، فالمهم أن اراه ولن نتوقف عن الدعاء له ولحريته وكل الاسرى".

الأسير في سطور
تنهمر دموع الوالدة ام عبد الله خلال حديثها عن حياة سعيد، آخر العنقود في عائلتها المكونة من 12 شخص وتقول: "درس للصف الثامن في مدارس قباطية، في صغره وشبابه كان محبوبا للجميع، ورغم حرصه على العمل في الزراعة والبناء للمساعدة في اعالة الاسرة لكون والده ضريرا، بدأ مسيرته النضالية في مرحلة مبكرة، فكان محبا للنضال وأرض وطنه فلسطين". وتضيف: "في بداية انتفاضة الأقصى، شارك بالمسيرات والمواجهات، وبشكل سري التحق بالمقاومة، واسس خلية عسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وشارك في كافة المعارك مع الاحتلال والاشتباكات المسلحة مما عرضه لملاحقة استمرت ثلاث سنوات".

الاعتقال والتحقيق
تحفظ ام عبد الله كل التواريخ واللحظات التي واكبت حياة نجلها الذي اعتقل في كمين في 23/11/2006، وتقول: "حاصرته الوحدات الخاصة في مزارع قباطية، ونجا من الموت بأعجوبة، وقضى في التحقيق عدة شهور". وأضاف شقيقه عدنان: "انقطعت أخباره عقب اعتقاله ولم يتمكن أحد من زيارته، وبعد التحقيق ولدى احضاره للمحكمة شاهدنا آثار التعذيب والضرب على وجهه ويديه، وبعد عدة جلسات حوكم بالسجن 35 عاما بتهمة قيادة سرايا القدس ومقاومة الاحتلال". ويكمل: "لذلك استهدف بالنقل والحرمان من الزيارات والاحتجاز بالزنازين انفرادية".

توالي الصدمات
ومع استمرار العقوبات وصدمة الحكم، كان والده الضرير الأكثر تأثرا وصدمة كما يقول عدنان، "فمن شدة حزنه وبكاؤه أصيب بالهزال الشديد وفقدان الشهية، واسم سعيد لم يكن يغيب عن لسانه، وكانت امنيته في حياته أن يفح بزفافه". ويضيف: "شاء الله ان يتوفى والدي حزينا عام2008، وتلقى سعيد الخبر عن طريق أهالي الاسرى بعد أسبوعين من رحيله، ومما زاد الصدمة ان إدارة السجن لم تسمح له بالاتصال بعائلته لتعزيتهم".
ويقول عدنان: "والدي لم يتمكن من زيارته منذ اعتقاله حتى توفي ولم يراه"، وتابع "خلال اعتقاله، تجرع اخي صدمة ومرارة رحيل شقيقي عبد الله 47 عاما نتيجة جلطة على القلب، أما شقيقي صالح 42 عاما فتوفى أثر حادث سير".

أمل الحرية
في العيد، تتجدد أمنيات الوالدة ام عبد الله بحرية اسيرها، وتقول: "في العيد، نصلي لله ليفرح قلوبنا بالإفراج عنه، وأتمنى أن يتحقق أملي واحضنه قريبا، فادعوا له في صلاتي، لان الله لا يرد دعاء المظلومين فهو الذي سيفرج عنه وكافة الاسرى بصبرنا وإرادتنا ومعنوياتنا".

المصدر/ صحيفة القدس