الاستشهادي أحمد الفقيه: أحد منفذي عملية عتنائيل

المولد والنشأة
الشهيد المجاهد أحمد عايد الفقيه والمولود في الثامن عشر من يوليو للعام 1982 م، حيث ولد الشهيد في المملكة الأردنية الهاشمية، تربى الشهيد محمود وترعرع في أحضان أسرة مسلمة تعرف واجبها نحو دينها ووطنها أيضاً. عاد الشهيد من الأردن مع عائلته ليسكن في بيت العائلة الكائن في قرية دورا قضاء خليل الرحمن.
تلقى الشهيد تعليمه الأساسي في مدرسة البرج الابتدائية، ثم انتقل إلى المرحلة الإعدادية والثانوية في مدرسة دورا الثانوية، وكان الشهيد مواظبا على دروسه متفوقا، حيث تخرج من المرحلة الثانوية بمعدل 86% علمي.
التحق الشهيد بجامعة الاستشهاديين (البوليتكنك) في محافظة الخليل وتخصص في الأتمتة الصناعية بقسم الهندسة فيها، ودرس فيها ثلاث سنوات قبل أن يرتقي للعلا شهيدا. للشهيد أربع أشقاء وأربع شقيقات كان هو الأخ الأكبر بينهم.

صفاته وأخلاقه
تميز الشهيد بدماثة أخلاقه وأدبه المتفرد وتواضعه وحبه للجميع فكان محبوباً من الجميع، ويذكره والده في مقابلة أجريناها معه بالقول: "لقد كان أحمد أكبر أبنائي، وكان كتوما جدا، وأنه كان يعمل بسرية تامة ولم نعرف بما يفعله أحمد إلا بعد أن قام بعمليته ورفيقه على الشهادة، كما كان أحمد مرحا وهادئا يحب أن يمازح الجميع ويساعد الجميع". وكان الشهيد باراً بوالديه الأكارم.

مشواره الجهادي
عشق الشهيد محمود فلسطين.. وعشق الجهاد حتى باتت فلسطين وتحريرها كل أمانيه وكل مطلبه في الحياة، خاصة أن الشهيد أحمد عاش مرارة الشتات والتهجير.. فقد عاش بعيداً عن أرض الأجداد والآباء هناك في مخيمات اللجوء في الأردن.
وما إن انطلقت انتفاضة الأقصى حتى كان الشهيد أحمد من الأوائل الذين حملوا أرواحهم على أكفهم لمواجهة العدوان الصهيوني على الأرض والإنسان والمقدسات فشارك في النشاطات والفعاليات التي قام بها الجماعة الإسلامية في الجامعة، ثم انخرط الشهيد في صفوف سرايا القدس في الجامعة.

استشهاده
كما كانت عملية وادي النصارى (زقاق الموت) انتقاما لدم الشهيد إياد صوالحة الذي اغتالته أيدي الغدر والخيانة على ثرى جنين الطاهرة، كانت عملية (عتنائيل) انتقاما لدم الشهيد القائد الشيخ يوسف أبو الرب "الشيخ حمزة" الذي خلى قاموسه من مفردة الاستسلام والذي خاض معركة بطولية مع قوات الاحتلال في بلدته قباطية قضاء جنين مساء يوم الخميس 26/12/2002م واستمرت لعدة ساعات واستشهد خلالها القائد حمزة بعد أن أوقع في صفوف الغزاة العديد من الإصابات وأسقط جنودها في ذهول لم يصدقوا بعد أنهم كانوا يقاتلون رجلاً واحدًا.
في تمام الساعة 7:45 من مساء ليل الجمعة الموافق 27/12/2002م كان الاستشهادي البطل أحمد عايد الفقيه ورفيق دربه على الشهادة الاستشهادي البطل محمد مصطفى شاهين من فرسان (سرايا القدس) يقتحمون مستوطنة "عتنائيل - جنوب مدينة الخليل" من الباب الخلفي للمغتصبة تحرسهم عين الله وملائكته، مستهدفين تجمعًا للصهاينة معظمهم من الجنود الذين يمضون إجازتهم في دراسة الأساطير التوراتية في معهد ديني متطرف للمستوطنين.
وقف الشهيدان الفارسان أحمد ومحمد وجهًا لوجه مع أعداء الله فقاتلوا حتى آخر طلقة وآخر قطرة دم وثبتوا في الميدان لمدة ساعتين لم يهربوا ولم يفكروا في الهرب أو النجاة، لأنهم ذهبوا للشهادة في سبيل الله، عندما أدركوا أن النجاة مع الله هي في الثبات في ساحة الجهاد... هي في القتال حتى آخر قطرة دم... فصنعوا معركة بطولية... وصنعوا فضيحة كبرى مرة ثانية للجيش الذي قيل عنه بأنه لا يقهر فقهروه، ومرغوا أنفه في التراب فنالوا الشهادة.. ونالوا وسام البطولة والمجد وثأروا للشهيد القائد (حمزة أبو الرب) ودماء الشهداء الأبرار وقتلوا عددًا من الصهاينة، معظمهم من الجنود، اعترف العدو مؤخرًا أنهم بلغوا ستة قتلى وعددًا من الجرحى.
وكانت مصادر استخباراتية صهيونية قد ذكرت أن المجاهدين شاهين والفقيه تلقوا معلومات ومساعدة من مصادر مطلعة على شوارع وأبنية المستوطنة قبل اقتحامها كما أنهم كانوا يرتدون البزات العسكرية الصهيونية ويحملون بنادق من نوع إم 16 وأنهم اقتحموا المعهد الديني بعد أن نجحوا في الدخول إلى قلب المغتصبة رغم صعوبة تحصيناتها، ورغم الحراسة المشددة التي كانت تحيط بها، ووصل الفرسان، وانطلقوا من المطبخ وفاجئوا الجنود الصهاينة أثناء تناولهم للعشاء ثم أخذوا ينتقلون إلى الممرات والغرف وقد استشهد أحد المجاهدين في داخل المعهد فيما نجح الثاني بالخروج من المستوطنة وتمت مطاردته بالقرب من بلدة الظاهرية حيث استشهد هناك، وبذلك ارتقى أحمد ورفيقه صهوة المجد بامتياز وجدارة.

عقاب جماعي
ولقد اعتقلت قوات الاحتلال بعد العملية والد الشهيد، كما هدمت منزلهم، وعلم مؤخرا أن قوات الاحتلال ما زالت تنتهج سياسة العقاب الجماعي بحق أبناء وعوائل الشهداء في الضفة، حيث اعتقلت قوات الاحتلال شقيقه يوسف الفقيه الذي كان قد بدأ دراسته في جامعة النجاح، كما اعتقلت مجموعة أخرى من الشباب معه، ثم علم بعد ذلك من راديو إسرائيل أن المجموعة اعتقلت بتهمة الانتماء للجهاد الإسلامي و بتهمة حيازتهم معمل متفجرات في القرية، الأمر الذي نفاه أبو أحمد نفيا قاطعا.

وصية الشهيد المجاهد "أحمد عايد أحمد الفقيه" أحد منفذي عملية مغتصبة "عتنائيل"

الحمد لله رب العالمين والصلاة وسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى من ولاه إلى يوم الدين. يقول تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. والقائل: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
وصدق رسولنا الكريم: (في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض).

تحية طيبة وبعد:
إخواني الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا أبي وأمي، يا أعز الناس إلى قلبي، يا إخواني يا أصحابي إن الحياة بجوار رب العزة لهي أفضل حياة وخير من أي حياة، والله أنها لبئس حياة يتحكم بها الطغاة والمستكبرون والله إنها لشهادة لا تنتهي في ليلة ولا يصل الحبيب إلى الحبيب إلا شريداً أو شهيداً.
لقد اخترت هذا الطريق لإيماني العميق بهذا الطريق، طريق الجنة، طريق مرضاة الله وأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبلني شهيداً في سبيله.
فلا تهنوا ولا تحزنوا لفراقي فإذا كان هذا طريق الفراق إلى جوار ملك الملوك فإنه خير فراق.

إلى أمي الحنونة الغالية، إخواني و أخواتي:
أوصيكم ونفسي بإتباع منهج الحياة الأبدية القرآن الكريم وسنة رسوله الذي يريح الحال والبال.
أوصيكم بعدم ترك صلاة الفجر والصلوات كلها فإن تركها يخلفه نار جهنم نار شديد الحر والله إنا لا نقوى على حرها، فلا تحرموا رضا الله وجنته بإذن الله.
أعلم يا أحبابي أنه الفراق ولكن الجنة تطلبنا بإذن الله أن هبوا والأقصى يشتكي ظلم الظالمين ينادينا أيضاً أن هبوا.
فيا إخواني إنني أكتب كلماتي هذه والعين لتدمع لما عليه واقع الأمة الحزين، فذاك يغتاب، وذاك عاق لوالديه وذلك لا يهمه دين ولا وطن، فاسألوا الله الهداية لي ولكم، وأعبدوا الله كأنكم تروه، وابتعدوا عما يغضبه سبحانه فلا تغرنكم الحياة الدنيا في دار ممر وليست دار مقر.

إلى أبي الغالي وأمي الغالية يا أهلي:
أوصيكم أن تبذلوا كل جهد مستطاع لتحفيظ أخواتي وإخوتي ما تيسر من القرآن الكريم والحديث الشريف، وكذلك متابعتهم في دروسهم والتعلم، فلا بد أن يتميز المؤمن عن غيره بثقافته وقبل كل شيء بدينه الإسلام، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ صدق الله العظيم.
أوصيكم إخواني أخواتي بأبي وأمي وأخي الصغير فراس وأن تطيعوهما فالجنة تحت أقدام الأمهات وكذلك أوصيكم إن تتعلموا القرآن وأن تجتهدوا في دروسكم، ابتداء من أخي الذكي يوسف والعبقري أكرم والمتميز محمد، والبطل فراس.
وكذلك أخواتي العزيزات أوصيكن بأن تلتزمن الحجاب فهو خير ساتر لكنَّ وكذلك الاهتمام بدروسكنَّ فهي المعين في المستقبل، أختي العزيزة ياسمين ونسيم ونائلة والأمورة الحبيبة إسراء، أوصيكم بتقوى الله وطاعته وبإخوانكنَّ وأبي وأمي خيراً وخاصة أمي الحنونة التي تعبت كثيراً لكي تربينا، ولطالما سهرت على راحتنا ونحن نيام لكي تغطينا عن برد الليل لها عنا خير جزاء بإذن الله.
وأخيراً أقول لأبي وأمي ولا تحزنوا سامحوني إذا أخطأت في حقكم يوماً من الأيام، وأقول لأصدقائي جميعاً سامحوني و إلى أقربائي جميعاً أقول لكم سامحوني إذا أخطأت في حقكم يوماً في هذه الدنيا وأقول لكل من له علي حق أو دين أن يراجع أهلي وإخواني لأخذ حقوقهم إن شاء الله وإنني أسامح كل شخص أخطأ في حقي أو لي عنده دين أو غيره.

أخوكم المحب لكم أحمد عايد الفقيه (أبو عايد)
وأسأل الله أن يجمعني معكم في جناته سبحانه وتعالى ويكتبني من الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً.

(المصدر: سرايا القدس، 26/12/2002)