بسام ومنى السايح.. معاناة ترويها سجون الاحتلال

على أحر من الجمر كانت الأسيرة الفلسطينية المحررة منى السايح تنتظر رؤية زوجها بسّام، ودون حول منهما أو قوة كان المكان والزمان والاستعداد للقاء بشوق منقطع النظير، دون أن يعرف الرجل بذلك، فالأصفاد التي وُثّق بها أنسته كل شيء، حتى مرضه.

اليوم الذي أعقب تحررها من سجون الاحتلال الإسرائيلي تزامن مع موعد اللقاء وأولى جلسات محاكمة زوجها الأسير بسّام السايح (43 عاما) في قاعة محكمة سالم العسكرية شمال فلسطين المحتلة.
كان على منى (35 عاما) أن تذهب لترى زوجها، فهي لم تهدأ ولم يطمئن لها بال طوال فترة اعتقالها لأكثر من سبعة أشهر على زوجها المريض المصاب بنوعين من مرض السرطان، إضافة إلى شلل يرجله وأمراض أخرى ترتبت على ذلك وأضافت معاناة جديدة إليه.
تقول الأسيرة المحررة إن زوجها اعتقل داخل محكمة سالم حين قدم لزيارتها مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإنها لم تره منذ اعتقالها.

التحرر واللقاء
وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شاء القدر لمنى أن تتحرر، وذلك قبل أسبوع من موعد الإفراج الحقيقي، وتضيف: كأن الله استجاب لدعائها بالإفراج عنها لرؤية زوجها في المحكمة، حيث أضحت هذه هي الوسيلة الوحيدة لرؤيته في ظل المنع الإسرائيلي للعائلة من الزيارة.
تقول منى للجزيرة نت إنها طلبت من الأسيرات الصلاة والدعاء لها بالإفراج، حتى تكون أول من يزور زوجها بعد اعتقال وتحقيق معه لأكثر من شهر ونصف.
وتضيف "في اليوم التالي حضرت السجّانة الإسرائيلية وبصوت يملؤه شيء من الحقد الدفين، وبلكنة عربية باهتة قالت: سايخ لبيتا"، أي اذهبي للبيت.
ورغم حالة التعب التي وصلت بها منى إلى بيتها عقب الإفراج عنها، وشوقها لأهلها وذويها الذين حُرمت زيارتهم طوال اعتقالها تحت ذريعة "الرفض الأمني"، فإنها أصرت على الذهاب للمحكمة.

قاعة المحكمة
بخطى مثقلة وسلاسل تُكبّل القدمين واليدين دخل بسام قاعة المحكمة، كانت ثيابه رقيقة لا تصلح لأجواء البرد التي نعيش، تتابع منى وتقول "همست بأذنه وبصوت نحيل بسام.. بسام"، فإذا به يلتفت ببصره نحوها، فهو صوت منى الذي عهده.
وتردف إن زوجها تفاجأ بوجودها في المحكمة، فبالأمس كانت تشاركه الاعتقال والمعاناة داخل السجون، والنقل للمحاكم عبر "البوسطة" الظالمة والمأساوية، فهي في سجن النساء "هشارون" وهو في سجن مشفى الرملة الذي لا يبعد كثيرا.
استغلت منى كل ثانية خلال المحاكمة لتخبر زوجها بأنها جاءت لمساندته ودعم صموده رفضا لاتهامات الاحتلال أو عقابه، ليرد عليها بسام قائلا "والله مروحين والله لن يخذلنا".
ويُواجه بسام -الذي خضع لمحاكمات وجلسات تحقيق قاسية على مدى الأشهر الثلاث المنصرمة- تهما تصل إلى 13 بندا وتصب كلها في شأن عضويته في حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتشير الزوجة إلى أن هذا هو الاعتقال الثاني لبسّام لدى سلطات الاحتلال، وسبقته اعتقالات عدة في سجون السلطة الفلسطينية.

أمراض
خلال تلك الاعتقالات أصيب بسام بأمراض عدة أبسطها الشلل وأخطرها السرطان بنوعية، سرطان العظام وسرطان الدم، ورغم ذلك كان مطمئنا في كل مرة راضيا بقدر الله.
ورغم المرض الذي يعانيه وحاله الآخذة بالتدهور يوما بعد آخر -وفق نادي الأسير الفلسطيني والهيئة العليا لشؤون الأسرى- خاصة أن الاحتلال رفض بداية الأمر تقديم العلاج المخصص له (الأدوية الكيميائية)، فإن الأمل بالإفراج والشفاء معا لم يفارق والدته السبعينية شفاء السايح لحظة واحدة.
تقول الوالدة المكلومة التي تعاني اعتقال نجلها الآخر أمجد -شقيق بسام- منذ 13 عاما، إنها اعتادت ظلم السجن وظلمته، حتى باتت تستدلّ على طرق السجون وحدها لكثرة تتابع زياراتها، وتؤكد أن ما يكسر شوكة السجان هو "الصمود والصبر والأمل بالنصر".

المصدر: الجزيرة نت