ذكرى مذبحة آل السموني.. ونشر تفاصيل قتل جنود النخبة على أيدي المجاهدين

تقف الكلمات خجلة عاجزة عند الحديث عن الشهداء.. تأبى حكاية بطولاتهم النسيان.. شهيدنا لم يخشى الردى.. فتقدم برفقة المجاهدين الصفوف الأولى في مواجهة وحدة النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني في حرب غزة 2008/2009، مكبدين إياها الخسائر الفادحة بعد معركة بطولية، ومسجلاً بذلك أروع انتصار اعترف به العدو قبل الصديق.
المعركة التي خاضها الشهيد المجاهد "محمد السموني" وابن عمه الشهيد المجاهد وليد، وآخر لم تكتب له الشهادة، ليكون الشاهد الوحيد على تلك البطولة الخارقة والاستبسال في القتال الذي أبداه رجال سرايا القدس في مواجهة جنود الاحتلال، وأدق التفاصيل عن العمليتين البطوليتين التي نفذوها ضد جنود الاحتلال الصهيوني موقعين فيهم عدد من القتلى والجرحى.
وتجدر الإشارة إلى أنه في اليوم الثامن لعدوان 2008/2009، قرر العدو الصهيوني اجتياح قطاع غزة براً، لكن صُدم وتفاجئ بالمقاومة الشرسة التي أبداها المجاهدين وخاصة أبناء سرايا القدس على أكثر من محور خلال تصديهم لآليات وجنود الاحتلال المدججين بالسلاح موقعين فيهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح، ولازال يتكتم عليها.

تفاصيل عملية السموني
وحول بداية التوغل الصهيوني وانتشار المجاهدين على محور صلاح الدين شرق غزة ونصبهم للعبوات الناسفة والموجهة في انتظار ساعة الصفر، قال الاستشهادي الحي أبو عبد الله أحد مجاهدي سرايا القدس على شرف ذكرى العملية البطولية: "تحرك المجاهدون حسب الخطة الموضوعة لهم، ونصبوا العبوات الناسفة الأرضية والموجهة في الطرق المتوقع مرور الآليات الصهيونية منها، حيث تم نصب عبوة ناسفة تزن 50 كيلو جرام بجوار الشركة الهندسية، التي توقفت إحدى دبابات الاحتلال على مقربة منها، وما أن نزل الجنود لاقتحامها ضغط الشهيد محمد على زر التفجير، مردداً قوله تعالى (وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى) فكان الانفجار العنيف الذي حول المكان إلى كتلة لهب من الدخان"، مؤكداً بعد عملية التفجير مباشرة تم إطلاق زخات من الرصاص وسط صيحات التكبير والتهليل نحو جنود الاحتلال لزيادة نسبة الخسائر فيهم، وثانياً لتأمين عملية الانسحاب من مسرح العملية لمنطقة أكثر أمناً.
وتابع حديثه قائلاً: "الشهيد محمد وابن عمه الشهيد وليد وأنا أصرينا على البقاء في المنطقة، فيما بعض الشباب المجاهدين فضل الانسحاب بسبب انتشار طائرات الاحتلال التي بدأت تقصف المنطقة بشكل كثيف لمسح المنطقة بالكامل، وفي ساعات المساء كثف جيش الاحتلال من تواجده في المنطقة، وبدأ يقتحم بيوت المواطنين، وقام الجنود بجمع المواطنين في بيت لمواطن من عائلة السموني القريب من المسجد"، مشيراً إلى أن الشهيد محمد كان قد وضع عبوة ناسفة موجهة خلف المسجد بالقرب من شجرة "صبر" داخل أرض لأشجار البرتقال.
واستطرد قائلاً: "المكان الذي وضع الشهيد محمد العبوة فيه، استغربنا منه، ولم يخطر على بالنا وصول الجنود الصهاينة إلى هذا المكان، لكن إرادة الله وتوفيقه شاءت أن تحدث المعجزة، حيث تمت عملية إنزال جوي في المكان الذي وضعت فيه العبوة"، مؤكداً أن الشهيد محمد سارع إلى تفجير العبوة في الجنود وهو يردد قوله تعالى "وما توفيقي إلا بالله".
وبين المجاهد أبو عبد الله، إلى أنه فور تفجير العبوة بدأت صرخات جنود الاحتلال تتعالى، وبدأ يسمع إطلاق نار كثيف من كافة الاتجاهات.
وحول كيفية استشهاد محمد السموني، وابن عمه وليد، قال أبو عبد الله: "بعد تفجير العبوة في وحدة المظليين، قام الشهيد محمد بتغطية انسحابنا، فيما اتجه كل منّا باتجاه، ولم أعرف باستشهاد وليد ومحمد إلا بعد انتهاء الحرب"، مؤكداً أن العدو الصهيوني عندما دخل إلى المناطق الفلسطينية براً بعد عملية القصف الشديد ظن أنه داخل إلى نزهة لا أكثر، لكنه تفاجئ بوجود وحدات قتالية في مناطق لم تخطر على باله، وهو ما زاد من نسبة خسائره.
ولم يخفِ المجاهد أبو عبد الله شعوره وكل من شارك في المعركة البطولية بوجود عناية الله التي حفتهم، وهم يتنقلون من مكان لآخر، فيما كانت السماء ملبدة بطائرات الاستطلاع، وأغلب البيوت المرتفعة كان يعتليها قناصة الاحتلال، مؤكداً أنه كان يشعر بوجود جنود من السماء يقاتلون إلى جانبهم.

رواية شهود عيان
أما المواطنة أم محمد السموني التي قتل زوجها وعدد من أبنائها في المجزرة البشعة التي ارتكبها جنود الاحتلال الذين وقفوا عاجزين عن مواجهة المجاهدين فصبوا جام غضبهم على العزل والأبرياء، فقالت: "بعد عملية التفجير التي قتل فيها عدد من الجنود الصهاينة، شاهدت بأم عيني قبل قتل زوجي بدم بارد الجنود مُلقين على الأرض، واحدهم كان ملقى على عربة "الكارو" فيما كان عدد كبير من الجنود يقدمون لهم الإسعافات الأولية قبل وصول طائرة صهيونية لنقلهم".
وتابعت حديثها قائلة: "بعد إخلاء المنطقة من الجنود القتلى والجرحى، بدأ جنود الاحتلال باقتحام بيوتنا، وقتلنا بدم بارد".
وأضافت، "لقد قتلوا زوجي بدم بارد أمامي أنا وأطفالي، وتركوه يغرق في دمائه دون حتى أن يسمحوا لنا بإنقاذه".

فخر واعتزاز
أما والد الشهيد محمد السموني الذي بدأ عليه الحزن لفقدانه عدد كبير من أبناء عائلته، فعبر عن فخره واعتزازه بما قام به نجله من عمل بطولي.
قائلاً: "أنا لست حزين على محمد، لكن حزني على من قتلوا بدم بارد دون أي وجه حق، ولم ينصفهم العالم بتجريم القاتل ومحاكمته محاكمة عادلة أسوة بغيره من القتلى الذين تم محاكمتهم في محاكم الجنايات".
وفي نهاية حديثه دعا أبو محمد الله عز وجل أن يجمعه بابنه وبكل أقربائه الذين ارتقوا شهداء في حرب 2008/2009.
وتجدر الإشارة إلى العدو الصهيوني ارتكب مجزرة بشعة بحق عائلة السموني، استشهد فيها نحو 29 مواطن من الرجال والنساء والأطفال وأصيب العشرات، فيما حول جيش الاحتلال المنطقة إلى كومة من الركام بعد أن قصف وجرف منازل المواطنين على ساكنيها ليخفي جريمته.

(المصدر: سرايا القدس، 7/1/2014)