زوجة الأسير نضال زلوم: اعتقاله وإعادة الحكم قرار تعسفي وغير قانوني

تحرر في "وفاء الأحرار" بعد قضاء 23 عاماً في الأسر.

رحلة معاناة قاسية تعيشها زوجة الأسير المقدسي نضال عبد الرازق عزت زلوم, 51 عاماً, بعدما فرق الاحتلال شمل عائلتها وفرض عليها حياة الألم والعذاب بزج رفيق دربها خلف قضبان السجون التي قضى فيها 23 عاماً في اعتقاله السابق حتى تنسم الحرية في صفقة وفاء الأحرار وعندما كان يتابع خطوات حياته وتأسيس الأسرة التي حلم بها طويلاً لم يكد يفرح بزواجه وطفلتيه حتى انتزعه الاحتلال من أحضان أسرته وأعاد له الحكم السابق بالسجن المؤبد مرتين.

اعتقال سياسي
حكم تعتبره الزوجة الصابرة المحتسبة اكرام تعسفياً وظالماً وليس له أساس قانوني, وإنما ناجم عن قرار سياسي للحكومة الاحتلال التي استهدفت محرري الصفقة ضاربة عرض الحائط بنود الاتفاق الذي أبرم برعاية مصرية.
وتضيف جميع الاجراءات الاسرائيلية بحق محرري الصفقة انتقامية وظالمة وغير مبررة, فزوجي منذ تحرره لم يكن له أي نشاط سياسي, ويجب تفعيل هذه القضية والضغط المستمر على الاحتلال لإطلاق سراح نضال وكافة المعتقلين فوراً.

محطات من حياته
في عام 1964 ولد الأسير نضال في مدينة القدس لأسرة مرابطة وملتزمة, وبعد سنوات انتقلت الأسرة للإقامة في مدينة البيرة واستقرت هناك حتى اليوم, وتقول والدته السبعينية أم رائد: نشأ وتربى ودرس بمدارس البيرة ورام الله وعاش في كنف عائلتنا الصامدة والملتزمة والمتواضعة, فوالده كان مديرا للوعظ والإرشاد في أبو ديس, وكافحنا معا لتربية وتعليم الأبناء ورعايتهم.
وتضيف بعد نجاحه في الثانوية العامة انتسب نضال لجامعة بير زيت تخصص لغة عربية لأنها لغة القرآن الكريم, وهذا الهدف الرئيسي بالنسبة له وحصل على شهادة البكالوريوس.
ولفتت ابني حنون وبار لوالديه, تمتع بالأخلاق العالية وامتلك الوعي والثقافة وروح إيمان ميزته عن الشباب, متوكلاً على الله لأبعد الحدود, ومن هواياته قبل اعتقاله حب صيد العصافير وتربية الحمام والحيوانات الأليفة التي كان يقتني مجموعة منها.

الكتابة والتأليف
بفخر واعتزاز تتحدث الزوجة أم أنس عن رفيق دربها وتقول امتلك موهبة الكتابة والتأليف والإبداع التي تعززت وطورها خلال رحلة اعتقاله فساهم في تطوير الأدب والثقافة والفكر في السجون, وأصدر عدة كتب ألفها خلف القضبان منها كتاب الدعاء نور وثورة, يتحدث فيه عن أهمية الدعاء في حياة الإنسان, مؤكدا أن الدعاء هو الأقوى والسلاح الوحيد للأسرى داخل السجن.
وتضيف أصدر أيضاً كتب الخشوع في الصلاة, بيان من خلف القضبان, الذي تحدث فيه عن معاناته والأسرى داخل السجون, وكيفية تحويل المحنة لمحنة, وكتب اخرى لا زالت قيد النشر.

الاعتقالات
تروي الزوجة أم أنس أن نضال تعرض لتجربة الاعتقال الأولى بعمر 14 عاماً, عندما اقتحم الاحتلال مدرسته واعتقل بتهمة رشق الحجارة, ورغم صغر سنه حكم 6 شهور وخلال دراسته الجامعية في العام الاخير اعتقل المرة الثانية وتعرض للتعذيب بعدة مراكز تحقيق, وقضى عدة شهور وأفرج عنه.

الاعتقال الثالث
تتذكر الزوجة أم أنس أن المحطة الأبرز التي أثرت في حياة ومسيرة زوجها, كانت فجر 3-5-1989, وتقول ليلة القدر في المسجد الأقصى المبارك وبعد الفجر اعتقل في شارع يافا في القدس بتهمة تنفيذ عملية طعن, وبعد التحقيق حكم بالسجن المؤبد مرتين إضافة لـ35 عاماً.
وتضيف على مدار 23 عام شطبت اسرائيل اسمه من كافة الصفقات وعمليات التبادل والافراجات وتنقل بين كافة السجون وسطر لوحات صمود وبطولة رغم العقوبات التي مورست بحقه, وعاش المحنة بصبر خاصة عندما توفي والده قبل أن يتحقق حلم عمره ورؤيته حراً بلا قيود.

الحرية والحياة
في المرحلة الأولى من صفقة وفاء الأحرار وبتاريخ18-11-2011 عاش نضال فرحة العمر عندما تبسم الحرية, وتقول زوجته بعد أسبوع من إطلاق سراحه داهم الاحتلال منزل عائلته وهددوا عائلته باعتقاله إذا قام بأي نشاط, مؤكدين أنه رهن المراقبة والمتابعة.
وتوضح قرر نضال متابعة حياته تزوجنا بتاريخ 27-1-2012, ولم أتردد في الارتباط به, ولما عرفت عنه ورأيت فيه من سمات فهو إنسان مناضل وبطل حقيقي يستحق التقدير والاحترام, فوفقت على بناء أسرة معه.
وتكمل دوماً أفخر بزوجي وأعتبر نفسي إنسانة محظوظة جداً لأن رب العالمين كرمني بزوج مثله, كل طفلة تمنى أب كنضال وكل أم تتمنى أن يكون لها ابن مثله وكل فتاة مؤمنة تتمنى أن يكون نضال زوج لها فهو حافظ لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, إضافة لبطولته, ولحبه وغيرته على أرضه, ولأنه مؤمن في الدرجة الأولى, فقلما نجد مثل هذه السمات عند أي إنسان.

الاعتقال الرابع
عاش المحرر نضال فرحة العمر عندما رزق بابنتيه فدوى 3 سنوات, وجنى عام و9 شهور, والتي كانت في عمر شهرين فقط عند اعتقاله الجديد الذي شكل صدمة لرفيقة دربه.
وتقول أم أنس فجر تاريخ 18-6-2014 حاصرت قوات الاحتلال منزلنا وتسللوا إليه ونحن نيام دون مراعاة لأعراف وقوانين وقيم, استيقظنا من نومنا لنجدهم فوق رؤوسنا وخلال لحظات انتزعوا زوجي من فراشه وتضيف تنقل بين عدة سجون حتى استقر حالياً في بئر السبع, وفشلت كافة محاولات اطلاق سراحه, ورغم عجزهم عن إدانته بأي تهمة وتمسكه بموقفه وتأكيده التزامه بشروط الصفقة أعادوا له الحكم السابق.

الصدمة والأمل
أيام عصيبة عاشتها الزوجة الصابرة, فقضت أيامها بين السجون والمحاكم لمتابعة قضية زوجها ورعاية بناتها.
وتقول لم أتوقع  أبداً اعتقاله مرة ثانية, فبعد 23 عاماً في السجون ماذا بقي لهم؟ لم يبق سجن إلا وكتب على جدرانه اسمه, وتجرع كل صنوف العذاب, ولم يخالف شروط الإفراج عنه, فإلى متى يستمر هذا الظلم.
وتضيف بعد اعتقاله حرمونا من رؤيته لمدة 5 شهور, وحالياً نزوره مرة كل شهر, وهذا الوضع يثير الحزن والألم لدينا وخاصة لطفلتنا فدوى المتعلقة جداً بوالدها.
وذكرت دوما تردد اسمه وحتى عندما نجهز الطعام الذي يحبه والدها وكان يطعمها إياه تبكي وتتأثر فهي تحب كل شيء يحبه والدها, وترفض أن يطعمها أن يطعمها أيام أحد غيره.

صور أخرى
تروي الزوجة أم أنس أن طفولتها فدوى لا تتوقف عن ذكر اسم والدها خلال رحلة زيارة, وتقول ليلة الزيارة لا تنام وعندما ننطلق من المنزل, وتبقى تردد نضال أتى طوال الطريق حتى نصل لغرفة الزيارة وفور دخولنا تنفع لشباك الجدار الفاصل لاحتضانه وتقبيله من خلف الزجاج.
وتضيف نبقى نبكي حتى يدخلها السجانين مع شقيقتها لوالدهما فتحتضنانه وتقبلانه حتى يفصلهما ويفرقهما السجان فنتألم كثيرا ولا تتوقف عن سؤال متى سيعود أبي.

أمل الحرية
الأكثر حزناً وألماً في عائلة نضال والدته التي نالت منها الامراض وأصبحت طاعنة في السن وعاجزة عن زيارته.
وتقول أم أنس حماتي التي قضت عمرها على أبواب السجون لزيارة ابنها أصبحت طاعنة ومريضة يتملكها الحزن والمعاناة بعدما فقدته مجددا ولديها أمل كبير أنه سيفرج عنه دون أن تزوره وتضيف رغم عذاباتنا وحزننا فالحكم لرب العالمين والفرج قريب ونحن ننتظره وإيماننا بالله قوي.

المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية