ماهر الهشلمون.. كلّفته ابتسامته مؤبدًا إضافيًّا في الأسر

"القدس في العيون نفنى ولا تهون".. بهذه العبارة ختم كلامه في المحكمة

هي حكاية أسير فلسطيني أراد صنع بصمة على جبين الكون، تصفه شريكته بيوسفيّ القلب، كيف لا؟ وهو "ماهر" العزف على أوتار العشق لـ "بهيته"، جال متع الحياة وقدم روحه مهرًا لمتع الجنان فوقع في أسر المغتصب تسيره إرادة الرحمن، يخفق قلبه ويتوقف لمرتين كزنبقة تخنقها سهام الغدر ويكتب الله له الحياة بمعجزة حيّرت الطب وزرعت في أوردة زوجه يقين اللقاء الحتمي صباح مساء.. "فلسطين" تصغي إلى حكاية الأسير الخليلي ماهر الهشلمون والتي ترويها زوجته بهية النتشة بعينين تشدوان بالأمل.

يوم طبيعي جدًّا
"الفرحة التي كنت أراها في عينيك عندما أشتري شيئًا جديدًا أو أقوم بأي إنجاز حتى لو كان بسيطًا تأسرني، مفاجآتك بأعياد ميلادنا وسعادتك بنا.. إعدادك الفطور لنا وحس الأبوة الذي كنت تغمر البيت به أفتقده.. بكاؤك عليّ في كل مرة أذهب فيها لوضع مولود جديد لنا.. سفراتنا الجميلة لدبي وسوريا وعمّان والكثير معاً.. كل لحظة في حياتي معك ماهر أقبض عليها بقلبي وروحي وأخلّدها في ذهني للأبد".
"كنت أشعر بمدى الانسجام الروحي بين قلبينا، وجاء يوم الإثنين 10/11/2014، ذاك الذي كان طبيعيًا جدًا ولم أعلم أنه سيوقف الزمن بعدها، أعددت لنا الفطور كعادتك واحتسينا القهوة معًا، أخبرتني حينها عن مكان "وصيتك"، الأمر الذي أثار غرابتي، فكما تعلم ماهر نحن دومًا نتعاهد على كتابة وصايا صغيرة يومية فيما بيننا.
لكنك طلبت منّي أن أحلف بالله ألا أفتح الوصية حتى يقضي الله أمرًا، وقمت بإلصاقها باللاصق خوفًا من قراءتي لها، تصرفك هذا جعلني أشعر بالضيق، فالثقة بيننا محفوظة دائمًا، وساورني الشك حينها، لكن بعد اعتذارك لي ومراضاتك لقلب لا يعرف إلا الرضا بك بلا حد، ذهب شكي وتوقعت أن الأمر يتعلق بديون عليك لا ترغب بمعرفتي بها أو ثمة شؤون تخص عملك خاصة أننا كنا نخطط للذهاب لعمّان بعد ثلاثة أيام، فلم يخطر ببالي أنك ستذهب لتنفيذ عملية بطولية.

تفاصيل تنفيذه للعملية
غادرنا لنلبي دعوة أحد أقاربنا خارج البيت، سألتني بعدها: أين نتوجه الآن؟ ولم يكن يظهر عليك أيّة دلائل تشي بعزمك على القيام بأمرٍ ما فأجبتك: "ألم أخبرك أنّي بحاجة لبعض الأغراض من المول؟" وذهبنا بالفعل كما كنت عاديًا جدًا، عندما جاءك اتصال أخبرتني أنت أنه من عملك يطالبونك فيه بالقدوم الآن، سلمت علينا تاركًا لي مفاتيح السيارة وغادرت يلحق بك صغيرانا عبادة ومريم فقبلتهما وأنت تمضي مطيّراً قبلاتك في الهواء، حينها لم أشك البتة في الأمر، فأنت كمدير إداري ومالي في شركة ببيت لحم كنت معتادًا على أن يحتاجوك عصرًا لأمور العمل ولم يكن الأمر جديًدا علينا، اتصلت بي بعد ذهابك بعشر دقائق، كان كلامك عاديًا لأنك أوصيتني بشراء جاكيت لمريم فالطقس شديد البرودة في عمّان، وفق تخطيطنا للسفر إليها الخميس، وقد كنا متفقين على شراء ذلك فما كان لتكرار طلبك شيء مهم، عرفت بعد ذلك أن اتصالك جاء رغبة منك في سماع صوتي للمرة الأخيرة.
عدت للبيت ورتبت أغراضي وباشرت بفتح التلفزيون لمتابعة الأخبار، فما أن مكثت حتى بدأت تأتيني الاتصالات تسألني عن مكانك، عمي يتصل بي يسألني عنك، يعاود الاتصال مرة أخرى، يخبرني أن شرطة عتصيون يريدون والدك في الحال، هنا شعرت بالقلق الشديد واعتقدت بدايةً أنك تعرضت لحادث سير فخطر لي أن أتصل بابن عمي لأنه يعمل معك وسألته عنك إلا أنه أجابني: "لا أعرف عنه شيئا ولم أره منذ أن أوصلته للمنزل"؛ هنا تأكدت أنك قمت بأمرٍ ما، فدخلت إلى الإنترنت ورأيت صورتك مُلقى على الأرض، بالطبع لم يكتبوا اسمك عليها ولم يكن وجهك واضحًا لكني أعرفك جيًدا ماهر، أعرف تفاصيل وجهك، شعرك، ملابسك التي ترتديها..
في هذه اللحظة قلت: "ليش يا ماهر تتركني لحالي؟ ليش تعمل فيا هيك؟" ثم ما فتئت أجوب في البيت وأردد الحمد لله الحمد لله بشكل أثار استغراب وسخرية عبادة الصغير منّي، لم أغضب عليكَ أبدًا واحترمت قرارك رغم أنه كان بإمكاني أن أتخلى وأتفرغ لحياتي إلا أنني رضيت كامل الرضا منذ هذه اللحظة وبلا تفكير قررت أن أتحمل المسؤولية طمعًا في مناصفتك الأجر العظيم خاصة أن حسك بتقديم شيء لله كان حاضرًا دومًا؛ فكثيرًا ما كنت تقول: "لا أريد أن أكون إنسانا عاديا، يعمل ويأكل ويصلي ثم ينام، أريد أن أصنع بصمة على جبين هذا الكوكب، أريد أن أكون نجمة لا تموت في سماء هذا الكون".
خلال وقت قصير ازدحم البيت بالناس وجاء أهلي وأقاربنا، كنت أبث الصبر في قلوب الجميع كالنحلة أجوب بين هذا وذاك وأنا محاطة بهالة ربانية من الصبر والرضا بقضاء الله، جلس عمي وخالي يشاهدان شيئا من خلال الهاتف، وقد كان خالي يعرضه على عمي ويتابعان معًا فسألته: "ما الأمر؟" رفض إخباري، لكنني أصريت، وقد كان "فيديو" خاصا بالعملية التي قمتَ بتنفيذها، لو تعلم ماهر كيف كنت أشاهدك بفخر مرددةً "ما شاء الله عليه" "الله يرضى عليه" إلا أنّني ما إن فرغت ونظرت للجميع حتى رأيتهم يبكون ولسان حالهم يقول: "كيف تستطيعين النظر لزوجك وهو في آخر لحظات حياته؟!".

عشق مضاعف
نصحني الأهل بإخفاء الأمور المهمة من البيت، وبالفعل أخرجتها، وهذا الأمر الذي أثار جنون المحتل، فقد جاءت قواته للتحقيق معنا حينها، أرادوا أن يعرفوا ما هي الأشياء التي خرجت من المنزل بالذات، واستمر التحقيق ثلاث ساعات معي أنا وأهلي، وفي الساعة الواحدة والنصف ليلًا أخبرت أبي بأمر الوصية، وقد كنت باقية على الوعد، وبينما الأخبار تنهال علينا وتفي بوصولك للمشفى في الرملة مُكبلاً وأنت جثة هامدة إلا أنني كنت مصرّة على ألا أفتح وصيتك، لكن والدي أشار عليّ بضرورة معرفة ما بداخلها وهو يقول إنك لا يمكن أن تغضبَ منّي، ونحن في ظرفٍ كهذا، فقمت برفع اللاصق عنها وقرأتها، ولو تدري يا ماهر حجم العشق الذي تضاعف في قلبي إليك لحظتها وكيف كان يكفي لأجيال من الحب.
أفرغنا المنزل ليلًا ظنًا منّا أنه سيهدم خاصة بعدما كانت الأخبار شبه مؤكدة تفي باستشهادك، وقد كان نتنياهو أمر قبل العملية بأيام قليلة بهدم فوري لمنازل الشهداء منفذي العمليات كما تعلم إلا أنك قمت غير آبه بتنفيذ عملية الطعن في محيط مستوطنة غوش عتصيون قرب بيت لحم فتسببت بقتل مستوطنة وإصابة آخرين بجروح، أما حارس أمن المستوطنة فلم يرحم شموخك وسرعان ما أطلق نحوك سيلا من الرصاص، اخترقت 6 رصاصات منها جسدك، وتركزت في الجزء العلوي منه، وما زالت إحداها ماثلة بجانب قلبك إلى اليوم تسبب لك الالتهابات من حين لآخر، قلبك الذي توقف لمرتين حينها، بينما تهشمت يدك بالكامل إثر تعرضها للضرب المبرح من المستوطنين، وقد ألم بمعدتك نزيف وبكبدك آخر، وبقينا أربعة أيام نعتقد أنك نلت الشهادة أو على وشك فقد أخبرونا أنك في حالةٍ ميئوس منها لكن معجزة من الله كتبت لقلبك وقلبي الحياة مرة أخرى.
لم يكن وقع الخبر مفهوما على أبنائنا في البداية يا ماهر، ولم يستوعبوا ما الذي يحدث بالضبط، ربما مريم كانت أوعى قليلًا رغم أن سنها لم يتجاوز عدد أصابع يدها بقليل فكانت تتساءل دوما: "مين بدو يدلّلني هلأ؟ مين يلعبني لما أرجع من الروضة؟" أما عبادة فرغم العامين اللذين يكبرها بهما إلا أنه كان يُفضل السكوت والعزلة عنّا، حتى أصبحوا بعد فترة يعبرون عن مشاعرهم، عبادة أحيانًا يعبر ببكاء، أحيانًا أخرى بعناد، فمن المعروف أن معاناة الأطفال النفسية لا تظهر كمعاناتنا وإنما تتجلى بتصرفاتهم، وربما كانت أقوى الجمل عندما أخبرني عبادة بعد شهر ونصف: "ماما بتعرفي شو بتمنى؟ إنه نرجع ع المول وأضم بابا وأحكيله ما تعود تتركنا"، كما أن مريم قبل فترة أخبرتني قائلة: "أنا أنظر إلى أصدقائي في المدرسة عندما يأتي آباؤهم لأخذهم إلى البيت وأتمنى لو إنه بابا موجود ويجي يوصلني مثلهم"، هناك الكثير من الأوقات عندما تحادثك الصغيرة تنهي المكالمة مجهشة بالبكاء وهي تقول "كتير اشتقتله".

أحاديث بلغة العيون
أول لقاء جمعني بك بعد العملية بشهرين كان صعبا جدًا، وربما كانت أكثر لحظة بكيت فيها وشعرت بالانهيار عندما رأيتك وقد خسرت 15 كيلو من وزنك، بكيت حينها لساعات طويلة فقد كان يصعب عليّ رؤية مشهدك بذلك الحال، آلمني جدًا أن صوتك لم يكن يخرج وأنك لا تستطيع تحريك يدك، إضافة إلى المنظر القاسي للأنابيب المخصصة لأماكن الرصاصات في جسدك، بكينا معًا، وكم كانت دمعتك صعبة وأنت رجل حياتي إلا أنني كنت ألتمس فيها الدفء، أراك تتمكن من الحديث لوالدتك وتسألها عن أخبارها أما أنا فلا تستطيع الكلام معي وأنا كذلك يا ماهر فلم أقدر على محادثتك ولو بالإشارة ليس حزنًا وإنما شوقي إليك وقد رأيت في نظراتك لي حديثًا طويلًا تقول فيه: "لعينيك فاض حنيني، أتعلم عيناكِ أنّي انتظرت طويلا"، فتبادلنا أحاديث جمة بلغة العيون دون البوح بكلمة واحدة.
أما يوم المحكمة فلو تعلم كم كان رائعا بالنسبة لي حتى أنني أذكر كيف خرجت من المحكمة ضاحكة، أذكر نظرات الناس الغريبة، نظرات أهل اليهود المطعونين وأم المستوطنة التي قُتلت، كانت نظرات غريبة جدًا لا أنساها، فعندما دخلنا لقاعة المحكمة كانوا ينظرون لنا بتشمت وعيونهم تقول: "الآن سنأخذ حقنا منكم"، لكن عندما خرجنا نضحك بعد إصدار الحكم كانت تنظر لي "أم المقتولة" وهي مشدوهة حتى أنني شعرت للحظة أنها هي مَنْ حُكِم عليها، أبقى أتذكر الآية "إِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ" وهذا هو أفضل تفسير لما كان قد حدث لأننا نحن بالفعل نتألم ونشعر بالوجع فقد جاء يوم ميلادك قبل حكمك بأيام قليلة، أتذكر ماهر كيف كنتُ أحتفل به سابقًا بشكل أسطوري ولكن في ذلك اليوم عايدتك بحركات شفاه حزينة من دون صوت، وبيني وبينك حواجز بشرية صنعها الجنود عمدًا في محكمة جائرة لكننا نعرف جزاءنا وننتظر من الله أملا كبيرا هم لا ينتظرونه ولا يعرفونه.
سعدت لسعادتك يومها وكنت فخورة بك عندما أخبرت القاضي بما قمت به وكيف طعنت المستوطنين وأنا أراك تهز رأسك إقرارا منك والابتسامة لا تفارقك فخرا لا تفاخرا وكأنك تروي لنا مغامراتك في بلد من البلدان، أخبرني المحامي في الجلسة التي سبقتها ولم أحضرها عن الكلام الكبير الذي قلته عندما طلبوا منك الاسترحام وإظهار الشعور بالذنب؛ وكيف أنذرتهم من الاقتراب نحو الأقصى قائلا إنه خط أحمر، أخبرني أيضًا كيف ختمت كلامك بجملة "القدس في العيون نفنى ولا تهون" وكانت أجمل جملة قلتها يومها، أما في النهاية عندما حكم القاضي بحكمه عليك قائلًا: "مائتا عام و4 ملايين شيكل، لأن المتهم لم يطلب الاسترحام" أجبته أنت ساخرًا: "ليش؟ أأنتم باقون 200 سنة!" فقد كلفتك ابتسامتك مؤبدا إضافيا لكن لا ضير، ونظرتَ للقاضي صارخا بالآية القرآنية: "اقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"، أما أنا فكنت أشعر بالرضا التام وأشاركك الشعور بأنها أول خطوة من خطوات الفرج.

كبش فداء
"نحن أخلينا البيت منذ الليلة الأولى كما أخبرتك، وجئت للعيش هنا في بيت والدي مع الأطفال، لكني بقيت أسمع من الجيران أن الاحتلال لا يكف عن التردد إلى البيت ليلًا يخبطون على الأبواب ويصرخون ويغنون ويمارسون جولات استفزازية مقصودة، وقد وصلنا إخطار كتابي بهدم المنزل، لكننا قدمنا من خلال جمعيات لمنع عملية الهدم نحن والجيران لأننا نقطن في شقة، وهناك خوف من تضرر شقق الجيران حولنا، كما أن قرارا كهذا بحسب الحقوقيين مجحف بحقنا، كان الأمر يسير لصالحنا بعدم إزالته، ولكن العمليات الفدائية الحديثة التي تكررت جعلت الجيش يرفض القضية وصنعت منّا ربما كبش الفداء الذي أراد المحتل أن يُضحي به في محاولة منه لإيقاف العمليات، الإجحاف كان يكمن في مصادرة الاحتلال للبيت مصادرة دائمة لأن القرار نادرًا ما يحدث، لقد رأيت البيت مهدومًا يا ماهر وأصدقك القول بأنني تبسمت وقتها ولم يهز الأمر فيّ شعرة واحدة وقلت بقلبٍ مفعم بالرضا: "ربِّ ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة".
شعرت أن نقطة التحول في حياتك تمثلت بما كنت تراه في آخر فترة من أحداث مشينة بحق المسجد الأقصى عندما تسبب الاحتلال بإحراق أجزاء منه لكني لم أتخيل يومًا أن تبادر بعملية رغم أني لا أنكر الفكر الجهادي والديني والوطني الكبير الذي تتمتع به، ولكنك كنت تعاني بشدة من تبعات السجن كونك أسيرا سابقا أمضيت خمس سنوات في الأسر فتوقعت أنه لو حصلت هبة جماهيرية ستكون أول المشاركين واستبعدت أن تقوم بعمل فردي، لكني لم أجد في عملك هذا تخليا عنا وإني لأعلم أنك فضلت أن تُنهي هذه الحياة الزائفة المعروفة نهايتها، والمحدودة السقف بعد تذوقك لسعادة الدنيا وأنت رجلٌ مرفه وأنا امرأة كذلك، وكنّا دائمَا نتساءل بين أنفسنا "ماذا بعد؟"، فقد احترمت قرارك جدًا خاصة وأنك ضحيت من أجل شيء عظيم تجلى في حرصك على حماية المقدسات من التدنيس.

وعود ربانية
ما يجعل ليومي نكهة خاصة هي الأمور التي تعاهدنا عليها أنا وأنت كزوجين، فنحن دومًا نتفكر في الآية القائلة: "إنهم كانوا يدعوننا رغبًا ورهبًا" هذه الآية التي جعلت من زوجة سيدنا زكريا العاقر حاملا، وقد كان يستحال ذلك علميًا وطبيًا لكن الله أراده لهما لصدق نوياهما فسيدنا زكريا لم يرغب في طفل للعب واللهو وإنما ليرث النبوة، ونحن كذلك نسأل الله الإفراج عنك ليس لرغبتنا في مواصلة حياتنا كزوجين ولكن لنقوم بأعمالٍ صالحة، هذا هو سبب دعائنا كل يوم وسبب البرنامج الذي وضعناه نُصب عيوننا من قيام الليل حتى النوم، في كل مرة تضيق نفسي تتوالى عليّ رسائل الله برؤى أو مواقف معينة أشعر أن الله يوصل عبرها رسالة لي، وأشعر بحنوه عليّ، هذه الرسائل الربانية وهذا الدعم النفسي من الله جعلاني على يقين باللقاء، لا تهن ماهر فأنا أشعر أن رب العالمين يسخرنا لأمر عظيم كما كنا ندعوه دومًا أن يجعلنا أمة للناس، وأنا ما زلت كما عودتني أرى نصف الكأس الممتلئ وأرى الدنيا بمنظار جميل، فمنذ أسرك والأمل لا يفارقني، ودومًا ما يُلقي ربي في صدري رجعتك السريعة.
عندما سألتك قبل أيام عن الطقس لديكم أجبتني: "البرد هون بيقص الحديد" فاستفسرت منك عن إمكانية وجود أية وسائل للتدفئة لكنك أجبت نافيًا، وأخبرتني أنك طلبت من إدارة السجون أكثر من مرة معطفا لكنهم رفضوا إدخال الملابس الشتوية بتاتًا، في ذلك اليوم لم أتمكن من الشعور بالدفء أبدا، وسيأتي اليوم الذي يزول فيه وجود الاحتلال، وهذا شيء يقيني قد وعدنا الله به، والوعود الربانية دائمًا مُحققة لا محالة لأن زوال الكون أهون على الله من ألا يفي بوعوده لعباده المؤمنين.

المصدر: صحيفة فلسطين