بين الأنقاض .. تبحث عن نخلة زرعها الشهيد مهند حلبي

بين أكوام الحجارة وذكريات العائلة، التي تراكمت فوق بعضها البعض، وتناثرت في أرجاء الحديقة الخلفية وجوانب منزل الشهيد مهند الحلي في بلدة سردا شمال رام الله، تدور والدته بصمت وابتسامة لم تفارقها، تتفقد ما لم يتبقَ!

يُنادي والد الشهيد زوجته أم مهند، ويدعوها لمرافقته إلى منزل أحد الأقارب المجاورة، فتطلب منه البقاء قليلا، وأن يتجول معها فوق ما تبقى من منزلهما، غير آبهة برنين هاتف زوجها المتكرر.

"صور مهند ظلت على حالها، الجرافات هدمت المنزل بأكمله، لكنها لم تستطع تدمير صورة مهند"، تقول أم مهند وهي تشير إلى صورة نجلها الشهيد، التي ما زالت ملتصقة ببقايا العامود، الذي كان يتوسط المنزل.

تقيس بيديها مكان الباب الرئيسي، ثم تمشي خطوتين إلى اليمين، وتقول: "لا بُد أنها هنا، شتلة النخيل التي زرعها مهند بيديه"، تزيل الركام بحثا عن أي أثر للنخلة، ثم ترجع خطوتين للوراء، لتقدر المسافة جيدا، وتعاود بحثها بين الحجارة، لكن دون جدوى.

"اعتقدنا أن الاحتلال سيفجر المنزل، كما فعل في باقي بيوت الشهداء، ولم نتوقع الهدم الكلي، فأبقينا النخلة، لأن التفجير في العادة يكون داخليا، وقد لا يؤثر على السور الخارجي، الذي زرعت خارجه النخلة، لكن يبدو أن الجرافة وقفت فوقها وداستها"، تقول والدة الشهيد مهند.

تُمسك أم مهند غصن شجرة لوز، وتُحدث زوجها: "هذه اشتراها مهند قبل أربع سنوات وزرعها، الحمد لله أنها لم تُصب بأذى"، يرد والد مهند: "إن شاء الله السنة بتنور وبتثمر".

تقول أم مهند: كان مهند يُحب زراعة الأشجار، ويشتريها بنفسه، يحب رؤية الحديقة بأحلى صورة، يُرتب الأشجار ويعتني بها.

في شارع سردا الرئيسي، حاويات قمامة ومتاريس ضخمة، وبقايا إطارات أشعلت ليلة أمس، وحجارة صغيرة ألقاها شبان احتشدوا فجرا، على جيبات وجرافات الاحتلال، أثناء هدم منزل الشهيد مهند الحلبي، وخلال انسحابها من محيط المنزل، ما أسفر عن إصابة ثلاثة منهم بالرصاص.

استغل الاحتلال حالة الطقس السيئة ليلة أمس، فاقتحم بأكثر من 40 آلية عسكرية و400 جندي احتلالي، بلدة سردا، وهدم منزل الشهيد مهند، وشردت عائلته.

يذكر أن مهند الحلبي استشهد برصاص الاحتلال في شارع الواد في البلدة القديمة من القدس، في الثالث من تشرين الأول 2015، وهو أول شهيد في الهبة الشعبية.

المصدر/ صحيفة القدس الفلسطينية