الاستشهادي عبد الرؤوف أبو ناموس: الابتسامة لم تفارقه حتى الشهادة

الشهيد المجاهد: عبد الرؤوف أبو ناموس
البلدة الأصلية: بئر السبع.
السكن: شمال قطاع غزة.
تاريخ الاستشهاد: 15/01/2005م
العمر عند الشهادة: 20 عاما.
كيفية الاستشهاد: عملية استشهادية على طريق كيسوفيم.

"إنهم فتية أمنوا بربهم وزدناهم هدى".. تميزت هذه الآية بانفراد على ضريح قبره بين الآيات المخطوطة على قبور المؤمنين في مقبرة شهداء بيت لاهيا.. "المقتول في سبيل الله: عبد الرؤوف  Ø£Ø¨Ùˆ ناموس".. هذا ما أوصى الشهيد - رحم الله - بخطه على الضريح إن كان لا بد لأصدقائه من كتابة شيء ما.. كان حريصا على أدق التفاصيل في أهم عرس في حياته الجميلة التي امتدت عشرين عاما بين آذان وتكبيرة، فعندما ولد أذّن مؤذن في أذنيه بلا صلاة، وعندما استشهد صُلي عليه بلا أذان.. قصيرة هي الرحلة لكنها طويلة في الذاكرة.. كان يقول ويكتب: "ألم اغتصاب فلسطين بداخلي، ولكن الابتسامة لن تفارقني أبدا".. ويدعو الله: "اللهم نولني الشهادة برصاصة بين عيني"..

روح الشهداء
قصص كثيرة تجدها وأنت تبحث عن الشهيد عبد الرؤوف  ÙÙŠ بيته وعلى لسان رفاقه، وبين جدران مسجد القسام الذي خبأ فيه الدكتور الشقاقي الأسرار الأولى للانتفاضة والشهادة.. يقول شقيق الشهيد أبو بكر: "كان عبد الرؤوف  Ø£ØµØºØ±Ù†Ø§ سنا ولكنه القدوة الحسنة لنا في البيت.. كثير قراءة القرآن مداوم على كل الصلوات في المسجد.. هذا أيسر ما تعلمناه منه أكثر"ØŒ وعندما سألناه عما يشعرون به كأهل لشهيد بعد مرور سنوات عديدة على استشهاد ابنهم، وهل تسقط روح الذكرى بالتقادم، أضاف: "الذكرى الأولى لها وقع خاص لها أكثر من غيرها، وعموما لا يتذكر الشهداء بألم إلا ذووهم وبعض الأصدقاء، والحزب المتبني للشهداء عادة يقتصر بالاحتفاء به في ذكراه، لكن لا مجال لأن ننساه لأن الشهيد روح الحياة التي حاوت قتلها الأيام فينا، وعبد الرؤوف.. أستطيع أن أقول وبكل قوة أنه صحابي عاش في زمن غير الصحابة".
أم الشهيد تحدثت عن ابنها عبد الرؤوف  Ù‚ائلة: "دائما في الليل كنت أجده يصلي صلاة الليل ويدعو، ويقول لي: ادع لي يا أمي أن يقبلني الله شهيدا، وادع لجميع المقاومين أن ينصرهم الله". مؤكدة أنه كان يشعر بإخوته المجاهدين كما يشعر بنفسه، وأمضى ليلة كاملة وهو يدعو لأحد الاستشهاديين قبل عمليته وأثنائها.

أبو دحية
من كثرة حبه لصحابة رسول الله وآل بيته - رضوان الله عليهم - أخذ شهيدنا عبد الرؤوف  Ø¨Ø§Ù„اقتداء بهم، وجعلهم مثله الأعلى في حياته، حتى أنه كنى نفسه بكنية نادرة التداول بين الشباب، فكنى نفسه باسم الصحابي الجليل "دحية الكلبي" من صحابة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-ØŒ هذا الصحابي الذي تمثل جبريل - عليه السلام - بصورة الصحابي دحية البشرية عندما كان ينزل على الرسول وأمام الصحابة، ومن هنا أعجب شهيدنا بذلك الصحابي مما جعله يتكنى باسمه. وفي هذا يروي أحمد مطر- أحد أصدقاء الشهيد: "في أحد الأيام عرض الشهيد عبد الرؤوف  Ø¬Ø§Ø¦Ø²Ø© لمن يجيب عن سر كنيته على مجموعة من الأشبال الذين يعلمهم في دروس القرآن".

كلمة صادقة
الشهيد عبد الرؤوف  Ù…ادح وخير واصف في ذكر الرسول الأكرم - صلوات الله عليه وآله - وأهل بيته وصحابته، ويذكر أبو خالد - أحد أصدقاء الشهيد: "الشهيد أبو دحية كان مفوّها ومتكلما وشاعرا.. يكتب الشعر لفلسطين والشهداء.. يتحدث في أعراس الشهداء وفي المهرجانات وأيضا في اللقاءات السياسية والمناظرات الشعرية"ØŒ وأضاف: "كان عبد الرؤوف  ÙŠØ´Ø§Ø±Ùƒ في كل شيء في المسجد، وأميرا لفرقة النشيد في المسجد".
وختم بالقول: "ختم كلامه الذي كنا نسمعه وننصت له، بكلمة شهادته".. وأشار إلى أن الشهيد - رحمه الله - كان أميرا للجماعة الإسلامية في مدرسة أبو عبيدة بن الجراح في بيت لاهيا آنذاك، فكان خير من يدعو للوحدة والتلاحم، حيث أنه يوم استشهاد القائد محمود أبو الهنود - من كتائب القسام - قام بتأليف شعر رثاء للشهيد أبو الهنود، وألقاه على منبر الإذاعة بالمدرسة.

جهاد وشهادة
بعد التحاق شهيدنا المجاهد منذ بدء الانتفاضة المباركة بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عمل في اللجنة الثقافية بمسجد الشهيد عز الدين القسام ليصبح أميراً للجنة في المسجد، ثم انضم إلى صفوف الجناح العسكري للحركة سرايا القدس. ويضاف أن الشهيد عانى كما إخوته فقد اعتقل ومكث في غرف التحقيق 45 يوماً كاملاً في سجن تل الهوى بغزة على خلفية نيته تنفيذ عملية استشهادية، ولم يعترف شهيدنا بأي تهمة وجهت له يومها. 
كذلك شارك شهيدنا الفارس أبو دحية في عمليات الرصد العسكرية التي تقوم بها السرايا خاصة في المستوطنات البائدة.. "نتساريم.. معبر بيت حانون "إيرز".. دوغيت.. إيلي سيناي.. ناحل عوز"، وشارك في أولى عمليات إطلاق صواريخ "قدس 1" التي أنتجتها الوحدة الهندسية التابعة للسرايا.

محاولات عدة.. لهدف واحد
وأهم ما يذكر هنا أن أبا دحية خرج في سبع عمليات استشهادية مشتركة مع كتائب شهداء الأقصى ولم يشأ الله أن يضمه إلى جواره آنذاك.. لكن جاء القدر الذي سعى عبد الرؤوف  Ù†Ø­ÙˆÙ‡ في عملية مشتركة بين سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين - وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى - الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - بتاريخ (15/1/2005Ù…)ØŒ في عملية نوعية على حاجز المطاحن استهدفت مهاجمة سيارات للمستوطنين، وقد انسحب المجاهد من كتائب أبو علي مصطفى إلى قاعدته سالماً بحمد الله وعونه، ليلحق الشهيد بوالده الذي افتقده من عمر ما كان قد بلغ ستة أشهر.
وقد اعترف العدو يومها بإصابة ثماني مستوطنين وألحقت الإذاعة العبرية العاشرة بخبر يفيد مقتل أحد الجرحى الصهاينة وهو برتبة ضابط، وقد احتجزت قوات الاحتلال جثمان الشهيد ليوم كامل، ثم سلمته لمستشفى الشفاء بغزة، ليدفن في مقبرة بيت لاهيا بعد زفاف حاشد انطلق من مسجد الشهيد عز الدين القسام شمال القطاع.

(المصدر: سرايا القدس، 15/1/2005)