بسام ومنى.. هاجس اللقاء يلاحقه الاحتلال منذ 9 سنوات

ما يزال قلب بسام معلّقاً بذلك اللقاء الذي فضّه عساكر محكمة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أشهر، وما تزال زوجته "منى" تحلم بهذا اللقاء، رغم اشتداد مرضه واقترابه من الموت.

"بسام ومنى".. زوجان فلسطينيان لطالما لاحق الاحتلال الإسرائيلي كل لقاء كان مفترض أن يجمع بينهما، وكأن حبهما يزعج جنوده، الذين بدأوا بمسلسل الملاحقة يوم زفافهما قبل نحو 9 سنوات.

واليوم يعيش الأسير النابلسي بسام السايح (43 عاما) في حالة الخطر الشديد، بعد أن تم نقله إلى "عيادة سجن الرملة" الإسرائيلي، بعد تدهور صحته إثر قصور شديد وضعف بعضلة قلبه.

ولكن زوجته منى (35 عاما)، وبالرغم من أنها لا تعلم شيئًا عن زوجها منذ مدة، إلا أنها أقسمت لله تعالى رجاءً بأن يُبقي لها زوجها ليأتي ذلك اللقاء الذي يشتاق له قلبها كما قلبه.

فراق قبل كل لقاء

"قالوا لي إن بسام سيموت قبل ذلك، إلا أنني مؤمنة بأنني سألتقي به تحت سقف واحد في الدنيا والأخرة"، تقول زوجته منى بصوت مهتز بعدما سمعت بنقله لعيادة سجن الرملة.

وتضيف لوكالة: "هذا الاحتلال لم يرحم مرض زوجي حينما اعتقله بسيارة إسعاف أخر مرة، حينما حضر ليراني في جلسة محاكمتي ورفضوا إدخاله واعتقلوه".

ونقلت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية الأسير السايح المريض بسرطان الدم والعظم، من سجن "ايشل" إلى مشفى الرملة في وضع صحي صعب.

واعتقل الأسير السايح في 8/10/2015، رغم صعوبة حالته، وتدهور وضعه الصحي جرّاء ذلك، منوهةً الى أن الأسير معرّض للموت المفاجئ في أية لحظة.

ووصل عدد الأسرى المرضى إلى أكثر من (700) أسير، منهم (23) أسيراً يقبعون في "عيادة سجن الرملة"، وغالبيتهم لا يتلقّون سوى المسكّنات والأدوية المخدّرة.

وتصف منى لحظات خروجها من السجن واعتقال زوجها بذات الوقت، قائلة "رفضت يومها أن أجيب على أسئلة القاضي إلا بإدخال بسام لقاعة المحكمة إلا أنهم رفضوا".

ومن شدة لهفته للقاء زوجته بعد اعتقال دام لـ 7 أشهر ونصف، قال بسام لجندي الاحتلال حينما أمسك بيده ليعتقله: "ليس لدي مشكلة في أن تعتقلني لكن أدخلني لأرى زوجتي أولًا".

إلا أن ذلك الجندي المعدوم من معاني الإنسانية، رفض ذلك، واعتقل بسام الذي كان مريضًا في سيارة الإسعاف، وتم اقتياده إلى مركز التحقيق، ولا يزال رهن الاعتقال حتى اليوم.

وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي والمتابعة العلاجية للأسرى المرضى والجرحى، بالإضافة إلى الاعتداء عليهم وتكبيلهم ونقلهم عبر عربات "البوسطة" دون مراعاة لحالتهم الصحية.

حزن وأمل متبادل

ومن ذلك الحين، خرجت منى من معتقلها، حزينة مريضة، وتعرضت لعدة نوبات صحية بفعل صدمتها هي وزوجها من ذاك اللقاء الذي فضّه جنود الاحتلال قبل أن يكون.

وتصف لحظة زيارة وحيدة له وهو مريض، وهي تبكي: "لم أراه منذ اعتقاله إلا مطلع شهر أبريل، وحينها أتوا به على كرسي متحرك، فاختبأت وراء الزوار لأن دموعي ذرفت دون إرادتي".

وتتابع "لم أكن أتوقع أن أراه على كرسي متحرك وبهذه الصورة التي كان فيها التعب الشديد عليه، لكني أخذت على نفسي ومسحت دمعي وخرجت وابتسمت له".

في ذلك اللقاء، ابتسم بسّام لزوجته، وهو ينظر إليها بنظرات الحب الممزوج بالحزن، ولم يكن حينها أي كلام بينهما، فالكلام كان لعينيهما.

وكما تقول "لم يتكلم بشيء حينها، وظّل يحدق في عيوني وأنا أرى فيهما الكثير من الكلام، لكني عاجزة وهو عاجز، وفجأة انقضى موعد الزيارة".

وسبق أن اعتقلت سلطات الاحتلال السايح عدة مرات، وكان أكثر إيلامًا بعد زفافه، وتقول زوجته: "انقضى زفافنا ولم أخذ المباركة بسبب اعتقاله وهذا قبل 9 سنوات، وحينما خرج من السجن جاء متعبًا لا يستطيع الوقوف على قدميه من شدة التعب والتعذيب".

واستشهد في سجون الاحتلال الإسرائيلي جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد 207 أسيرًا، فيما استشهد عدد من الأسرى بعد تحررهم بأسابيع كالأسرى زكريا عيسى، زهير لبادة، وأشرف أبو ذريع، وكان آخرهم الشهيد فادي الدربي.

ولا تعلم منى شيئاً عن زوجها الذي من المفترض أن يزوره محاميه خلال الأسبوع الجاري، بعد نقله للعيادة، علمًا بأنه يعاني من السرطان منذ عام 2011.

ولكنها لا تزال تأمل في أن تلتقي به، وتقول "أنا وبسام نؤمن بأننا سنلتقي ببعضنا، فابتسامته من وسط مرضه الشديد تمنحني أملًا في أن يخرج ويعود لي عما قريب".

المصدر: صفا