والدة الأسير رامي الكسار: من في هذا العالم يشعر بوجع أمهات الأسرى؟

"المنع الأمني والحرمان من زيارته، أشد قسوة من سجنه وحكمه الظالم وما دام غائباً عني، ومحرومة من رؤيته، أموت وجعاً وألماً، لكن في هذا العالم الظالم، من يشعر بأنين ووجه أمهات الأسرى؟ ومن يشعر بمعنى وكارثة حرمان الأم من فلذة كبدها؟ "بهذه الكلمات استهلت المواطنة "أم رامي" حديثها عن معاناتها بسبب قرار الاحتلال منعها من زيارة ابنها الأسير رامي زيدان خليل الكسار".

فمنذ سنوات تبكي رغم صبرها وما تتمتع به من معنويات عالية؛ بسبب العقاب التعسفي المستمر وفشل محاولاتها لإلغاء هذا القرار لتحظى كما تقول "بفرصة رؤية ابني الذي اشتقنا إليه كثيراً، ولم نعد نحتمل فراقه والعبد عنه، كل يوم نغرق ببحر من الدموع، فمتى سينتهي الألم والحزن وفراق الأحبة؟".

ولد الأسير رامي الكسار في الأردن، وعائلته مكونة من 10 أنفار، حيث عاشت هناك ثلاثة عقود حتى عادت للوطن واستقرت عائلته في قرية "خاراس" قضاء الخليل، فاختار رامي طريق النضال من أجل حرية شعبه وأرضه.

وتقول والدته "في المنفى، تملكه الحب والحنين للوطن، كان يشارك بالفعاليات التي تقام بعمان دعما لشعبنا وقضيته، وتمتع بروح وطنية كبيرة تعززت بعد عودتنا للوطن".

وتضيف "اعتبره المميز بين أبنائي، بار بوالده، تمتع بشخصية قوية قيادية صارمة وجدية، محبوب جداً، كان يحب الخير ويساعد الآخرين ومتسامح".

الحاجة أم رامي التي تعاني من "الروماتزم" والسكري والضغط والدهنيات، تروي أن رامي، انخرط في مسيرة النضال منذ عودته للوطن، وبرزت مشاركته الفاعلة بعد انتفاضة الأقصى، فأصبح مطلوباً للاحتلال.

وتضيف "أفخر وأعتز بابني لغيرته على وطنه وأبناء شعبه، وتكريسه حياته للدفاع عن الأرض المغتصبة وتحريرها، فشرع الاحتلال بملاحقته، لكنه رفض تسليم نفسه".

وتضيف "تكررت محاولات اعتقاله ونصب الكمائن لعدة شهور، وقضى فترة مطاردته متنقلا بين الجبال والكهوف، وبعدها انقطع عنا لفترة تسلل تحت جنح الظلام لمنزلنا ليطمئن علينا، لكن عيون الاحتلال كانت ترصده".

تاريخ 11/06/2003م، يوم محفور في ذاكرة أم رامي، تقول "ما كدنا نفرح برؤيته، حتى فوجئنا بمحاصرة قوات كبيرة من جنود الاحتلال تتقدمهم الوحدات الخاصة لمنزلنا، اقتحموه من السطح بعدما فجروا خزانات المياه بحثاً عنه، ثم تحول منزلنا لثكنة عسكرية، فتشوه ودمروا محتوياته". وتضيف "عندما عثروا على رامي، صلبوه أمامنا جميعاً على عامود الكهرباء دون رحمة، ثم نقلوه لجهة غير معلومة، وانقطعت أخباره لمدة 4 شهور، عشنا خلالها لحظات مروعة لخوفنا على مصيره، بينما كان يتعرض للتعذيب، ثم اكتشفنا احتجازه في سجن بئر السبع بعد انتهاء التحقيق الوحشي معه".

على مدار ثلاثة سنوات، تنقل رامي بين السجون والمحاكم، حتى حوكم بالسجن الفعلي 15 عاماً بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، ومقاومة الاحتلال الذي حرم عائلته فرحة زفافه.

وتقول والدته "كنا ننتظر ساعات الفرح، وتزيين منزلنا بالورود والرياحين، لكن الاحتلال كان لنا بالمرصاد وحرمنا من فرحة كنا نتمناها لابني رامي"، وتضيف "رغم حزني أؤكد اعتزازي به ودعمه والتضامن مع الأسرى وأتمنى من الله العلي القدير، ليكرمنا بحريته وكافة الأسرى قريباً".

المنع الأمني...

تتجدد دموع الوالدة أم رامي، وتقول "لم يتوقف الاحتلال عن عقابنا وظلمنا والانتقام منا، فمنذ خمس سنوات منعوني من زيارته، وأصبحت ممنوعة أمنياً رغم انني كنت أزوره بشكل دائم ومنتظم".

وتضيف "عندما وصلت حاجز الاحتلال للمرور لزيارته، فجأة احتجزوني وسحبوا تصريحي وهويتي ومزقوهما، فأي قانون يجيز هذه الممارسات؟ قدمت عدة طلبات لوقف هذه الجريمة لكن دون جدوى".

وتكمل "والده، الطاعن في السن، لم يره منذ 4 سنوات، بسبب المرض كونه ولا يستطيع تحمل مشاق السفر للزيارة، واطالب كافة الجهات بمتابعة هذه القضية، ووضع حد لسياسة العزل الأمني". تكثر الصور المؤلمة التي تلازم "أم رامي"، التي قضت 13 عاماً على بوابات السجون، وتقول "لم يتوقف السجان عن عقاب رامي، تعرض للعزل عدة مرات، وعاش ظروف قاسية بالزنازين، أمنيتي أن يفرج عنه وعن كافة الأسرى لنفرح بهم جميعهم".

المصدر/ صحيفة القدس الفلسطينية