الأسير فهد عبد الله صوالحي: منع ذويه من زيارته يزيد حكمه المؤبد ألماً

ترتاح على جدران أزقة المخيمات الفلسطينية ملايين القصص الملحمية بانتظار أن تخرج للعيان، وفي الجزء المقابل من الجدران تتربع صورٌ قديمة، يخشى البعض أن تسأله عن الشخصيات التي أودعوها داخل إطار الزمن، يخاف أن تفضح دموعه عذابه وألمه الداخلي فيهرب من سؤالك إلى قصصٍ مضحكة، وآخرون ينتظرون التفاتة واحدة منك اتجاه أحد تلك الصور ليبدؤوا بسرد حكاياتهم الطويلة مع القضية الفلسطينية، حكاياتٌ امتدت معالمها منذ سنين مضت ولا تزال تستقر في ذاكرة محدثها وكأنها جرت البارحة.
في أحضان مخيم بلاطة كانت بداية معالم هذه القصة، هناك حيث لكل مكانٍ اسم، ولكل زاويةٍ قصة، داخل أزقةٍ شهدت زواياها قاطبة على خطوات جنود الاحتلال، حين يأتون تحت جنح الظلام ويكتبون بداية قصةٍ جديدة لأحد سكان المخيم.

النشأة والتعليم
هو الأسير فهد عبد الله محمد صوالحي(45 عاماً) من مخيم بلاطة من نشأ بين أحاديث العجائز حول بيارات البرتقال وميناء يافا وتضاريس مدينة عكا، وبين من زرعوا في عقله منذ كان صغيراً حق العودة وحتمية الرجوع.
في عائلةٍ مكونةٍ من عشرة أفراد نشأ الأسير صوالحي، عاش داخل تجويف قصص المخيم ومشاهده اليومية، لمس واقع المواطنين وما يعانون من ذلٍ، ليستيقظ ذات يومٍ واضعاً نصب عينيه طريقاً نحو الحرية، باسمة صوالحي(68عاماً)، والدة الأسير فهد صوالحي، تروي معالم الحياة التي نشأ ولدها داخلها وبداية طريقه.
تقول باسمة "نشأ فهد في مدارس مخيم بلاطة، واختار أن يخرج من مدرسته عندما بلغ الصف السابع، ليلتحق بأحد المؤسسات التي علمته أحد الحرف الصناعية، ليعود لمخيمه ويساعد ذويه بالعلم الذي نهله ويكون عوناً لهم على تحمل مشقات الحياة.
عاش الأسير صوالحي لاحقاً شطراً من حياته كأحد المطاردين من قبل الاحتلال الصهيوني، فأمضى سنةً بعيداً عن عائلته وحياته الطبيعية، إلى أن تمكن الاحتلال من اعتقاله بتاريخ 14/2/2003، ووجهت له تهمٌ كفيلةٌ بإصدار حكمٍ مؤبدٍ بحقه، فقد اتهمه الاحتلال بالضلوع في مهمة الإرشاد للقائمين على العمليات الاستشهادية، كما اتهمه الاحتلال بهندسة السلاح وتصنيع القنابل.
سرعان ما أصدر الاحتلال الصهيوني حكماً بالسجن المؤبد بحق الأسير صوالحي، فقد حكم بالسجن مدة سبعة مؤبدات إضافةً إلى خمسين سنة، ولم تهن عزيمته فاستطاع خلال فترة وجوده داخل الأسر أن يحصل على شهادة الثانوية العامة، ويحصد عدداً من الشهادات الثقافية.

منع الزيارة
صوالحي يعاني في الوقت الحالي من غياب طيف عائلته عنه، فإخوته ووالده ممنوعون من زيارته لدواعٍ أمنية، في حين لا تسمح صحة والدته التي وحدها تملك تصريحاً بزيارته أن تفعل ذلك، وهي تتمنى على القائمين على شؤون الأسرى أن يهتموا قليلاً بهذا الجانب، وتتألم لعدم قدرتها على زيارة نجلها، وعلى حرمانه من هذا الحق البسيط.
توضح أم الأسير صوالحي أن آخر زيارةٍ له كانت منذ ثلاثة أشهر، حين كان نجلها مراد صوالحي لا يزال هو الآخر معتقلاً، لكن بعد أن أمضى حكمه البالغ ثلاث سنوات وخرج من السجن انقطعت زيارة الأسير فهد بعد تدهور وضع والدته الصحي.
أم الأسير صوالحي تصفه بالغامض، وتثني على قوته وشدته وحزمه، وتؤكد أنه صاحب شخصيةٍ يهابها الجميع، وتأمل أن تكتب له في القريب العاجل حريةٌ يرتاح على إثرها من جدران سجن ريمون التي شهدت على انتهاكات الاحتلال الكثيرة بحقه، كالعزل الإنفرادي، وسياسة الإهمال الطبي، فالأسير يعاني من ظروفٍ صحيةٍ أصيب بها جراء وجوده داخل الأسر، كما وكان تعرض في سنٍ غضة إلى إصابة برصاص الاحتلال في قدمه.

اعلام الأسرى