مؤسسة مهجة القدس ©
عشر دقائق Ùقط!! لقاء مع الأسيرة المØررة قاهرة السعدي
تدرك الأسيرات الÙلسطينيات جيدًا أهميّة النّضال ووجوب استمراريّته Øتّى داخل السّجن، Ùالسّجّانة التي تق٠بباب الزّنزانة عدوّ شامتٌ، ÙˆØارس الأمن الذي يراÙÙ‚ الأسيرة إلى المØكمة عدوّ، والقاضي عدوّ، ومدير السّجن عدوّ هو الآخر، ÙˆÙÙŠ ظلّ تزايد غطرسة ذاك العدوّ وسعيه المستمرّ إلى سلب الأسيرات مكتسباتهنّ والتضييق عليهنّ ما أمكن؛ كان على النّضال أن يأخذ شكل الإضراب الجماعيّ.
يتمّ اتّخاذ قرار الإضراب الجماعيّ من Ù‚Ùبل الأسيرات بتصويت الجميع ومواÙقتهنّ على هذه الخطوة الصّعبة، وعلى تØمّل النّتائج دون استسلام إلى أن ترضخ الإدارة إلى مطالبهنّ، وتلجأ الأسيرات إلى هذه الوسيلة Øين تمارس مصلØØ© السّجون عقابًا جماعيًا بØقهنّ؛ كالØرمان من زيارة الأهل أو منع الخروج إلى «Ø§Ù„Ùورة» أو منعهنّ من شراء الØاجيات من «Ø§Ù„كانتين» أو منع إدخال الكتب.
وعن تجربتها ÙÙŠ خوض الإضرابات الجماعيّة وما يراÙقها من مرارة وتعب؛ تØدّثت الأسيرة المØرّرة قاهرة السّعدي إلى أسرة مجلّة (سراج الأØرار) وأخبرتها أنّها خلال العشر سنوات التي مكثتها ÙÙŠ السّجن خاضت وزميلاتها خمس إضرابات متÙرّقة استمرّ أطولها 18 يومًا عام 2004Ù…ØŒ وكان لذاك الإضراب مطلبان رئيسيّان: الأوّل يتمثّل ÙÙŠ المطالبة بإدخال أطÙال الأسيرات الأمّهات لمدّة عشر دقائق Ùقط ÙÙŠ كلّ شهر، والثّاني هو Ø§Ù„Ø³Ù‘Ù…Ø§Ø Ù„Ù‡Ù†Ù‘ باستكمال التّعليم وإدخال الكتب، وقد شاركت جميع الأسيرات Ùيه.
وتتذكر السّعدي أنّ عددًا من الأسيرات تعرّضن للإغماء وخسارة خطيرة ÙÙŠ أوزانهن خلال الإضراب، ولكنهنّ ÙƒÙنّ يشددن من العزيمة بعضهنّ البعض ويرÙعن المعنويّات للمضيّ Ù‚ÙدÙمًا وعدم الاستسلام مهما كان الثّمن، وبالÙعل كان الانتصار Øلي٠الأسيرات الصّابرات؛ إذ أذعنت إدارة السّجن وسمØت للأمّهات بإدخال أطÙالهنّ، وكم كانت ÙرØتهنّ عظيمة!
كانت تلك الدّقائق العشر التي تØتضن Ùيها الأسيرات أبناءهنّ تستØقّ الجوع والتّعب الذي Ù„ØÙ‚ بهنّ خلال الإضراب، Ùكم هي غالية لمسة الØنان التي تÙربّت بها الأمّ على شعر ابنها وابنتها! وكم هي كبيرة تلك الÙرØØ© التي يصنعها نداء الأطÙال لأمّهاتهم للمرّة الأولى! وتذكر أسيرتنا المØرّرة أنّها لن تنسى مطلقًا كي٠اØتضنت أطÙالها الأربعة للمرّة الأولى بعد أن ØÙرمت منهم ثلاث سنوات متتالية، Ùلم تتمالك Ù†Ùسها وانÙجرت تبكيهم بØبّ وشوق ÙˆØنين، ولم تستطع Ø¥Ùلاتهم بعد انتهاء تلك الدّقائق التي لا تروي عاطÙØ© أمّ، Ùما كان منها إلاّ أن جعلتهم يخلعون قمصانهم ذكرى تØتÙظ بها وتشتَم رائØتهم كلّما اشتاقت إليهم! Ùكلّ واØد منهم بالنّسبة إلى أمّه كيوس٠ليعقوب.
وكل ذلك لا ÙŠØرّك شيئًا ÙÙŠ ضمائر الصّهاينة التي دÙÙنت خلÙهم قبل أن يهاجروا إلى بلادنا ويØتلّوها، بل على العكس Ùإنّهم ÙŠØاولون الإمعان ÙÙŠ مضايقة الأسيرات بعد أن Øصلن على تلك المكتسبات بالقوّة، وتؤكّد الأسيرة قاهرة ذلك بذÙكر Øادثة وقعت ÙÙŠ Ø¥Øدى الزّيارات التي تزامنت مع «ÙŠÙˆÙ… الأمّ» Ùقد أقبلت Ø·Ùلتها الصّغيرة Ù†Øوها وهي تØمل وردة ÙÙŠ يدها، وما أن رآها السّجّان Øتّى استشاط غضبًا ÙˆØ±Ø§Ø ÙŠØ¬Ø±ÙŠ Ù†Øوها ÙÙŠ Ù…Øاولة لانتزاع الوردة من يد الطّÙلة ذات الثّلاث سنوات والتي ارتعدت خوÙًا وراØت تبكي! ÙوقÙت الأسيرات جميعًا مندّدات بذلك التّصرّ٠الوØشيّ.
ولا شكّ أنّ تعاضد الأسيرات وتماسكهنّ عامل مهمّ آخر يقوّيهن ويزيدهنّ صلابة، ويقضّ مضجع السّجّان، ولهذا يَستخدم٠الأخير٠العزل الانÙراديّ بØقّ الأسيرات، Ùمثلا عام 2003Ù…ØŒ كما أخبرتنا السّعدي - اعتصمت الأسيرات ÙÙŠ ساØØ© الÙورة واتّخذن قرارًا جماعيًّا بعدم الدّخول إلى الغر٠اعتراضًا على المعاملة السّيئة التي يتلقّينها وعلى وضعهنّ مع السّجينات الجنائيّات، Ùما كان من مصلØØ© السّجون إلاّ أن استخدمت العصيّ ورشاشّات الماء والغاز المسيل للدّموع Ù„Ùضّ الاعتصام وإدخالهنّ إلى الغر٠بالقوّة، وقد أصيبت Ù…Øدّثتنا قاهرة السّعدي وعدد من الأسيرات ÙÙŠ ذلك اليوم بإصابات بالغة منهنّ لينا الجربوني، وعطا٠عليان، وأØلام التّميمي، وورود البكراوي، وتغريد السّعدي، وتمّ عزلهنّ لمدّة شهر كامل ÙÙŠ العزل الانÙراديّ.
وأمام الأØكام الطّويلة التي يقرّها الاØتلال بØقّ الأسيرات Ùإنّهنّ يصبØÙ† عائلة واØدة، Ùيواسين بعضهنّ البعض. ويخÙÙ‘ÙÙ† من آلامهنّ إذا ما وصل خبر أليم من خارج الزّنزانة، ومثلما جمعتهنّ مواق٠مريرة كثيرة Ùإنّهنّ كنّ يتشاركن الÙØ±Ø ÙˆØ§Ù„Ø§Ø¨ØªØ³Ø§Ù…Ø© أيضًا، وكلّهنّ يقين بأنّ هذا اللّيل الطّويل سينجلي كما سيزول السّجّان Ù†Ùسه.
المصدر/ مجلة سراج الأØرار ع5